22 ديسمبر، 2024 7:59 ص

الجبير والجعفري في صفين … الغباء الشيعي الى اين؟!!!

الجبير والجعفري في صفين … الغباء الشيعي الى اين؟!!!

حتّم علينا الواجب الوطني بالحديث بلغة قد تتصف بشيء من الهجومية والضغط والتاكيد على الحروف في تنبيهنا للاخ الجعفري في مقالتنا السابقة الموسومة (تحذير للجعفري .. كيف تقبلت الاهانة والوساطة الذليلة) لا لشيء الا لمعرفتنا بما يحيط بهذه المبادرة التي بزغت وهي فاشلة من امور .

فالمعروف عن الجعفري عدم تقبل النصيحة او رأي مخالف لرأيه لطبيعته التي جُبلت على المستوى التنظيري والذي لا يغني من جوع، بل ربما مآله الى سراب ومضيعة للوقت في اغلب الاحيان ان لم يكن في كلها، وهو السر الكامن وراء انفصاله من حزب الدعوة رغم محبته له بل استطيع القول بان الجعفري سيبقى داعية وان تنصر وبامكاني القول “ان فيه شيء من الدعوة”.

واما بخصوص الطرف الآخر المتمثل ببني سعود فلا حاجة لنا بالتفصيل في هذا الامر ( فالمعرف بالخسة لا يعرف ).

من هنا لا يمكن لأي مواطن شريف حريص على مستقبل بلده واجياله ان يكون كالنعامة ليدس راسه في التراب ويقول “مالي والسلاطين ” ليحافظ على بقاءه ومصالحه وعلاقاته بالاخرين، فقد نبّه تعالى رسوله من منحى المداهنة هذا ( ودوا لو تدهن فيدهنون ).

انها سمعة بلد لا يمكن لكائن من كان ان يجعلها لعبة لاهواءه لمجرد اعتقاده بانه الافهم والاعلم والاجدر وان كان يملك تجربةً تاريخية ضخمة، فللنفس مخارج لا يمكن كبح جماحها الا من خلال ما جبلت عليه هذه النفس وما يحيطها من قوى يمكن ان تسيطر عليها، وفي حال اخونا الجعفري فلا نعتقد توفر هذه القوى لكبح جنوح مايصبو اليه.

وبعد ان بدا كلامنا يتضمن شيء من التشديد على هذه المبادرة والحكم المسبق عليها بالفشل فقد كانت المقالة الاولى التي حذرت من منزلق الاهانة التي ستلحقها بالعراق في الوقت الذي كنت اسمع فيه الكثير من الاطراء من المحلليين والسياسيين من خلال وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وحتى المكتومة معوّلة على سراب تافه مفاده ( اعادة مكانة العراق الى الامة العربية )، وليت شعري لا ادري ماهي المكانة العربية التي يتكلمون عنها واين وكيف اجدها في تاريخنا الحديث بعد ان كان العرب سادة الامم في صدر الاسلام الذي ضيعوه عبر التاريخ بسبب المصالح النفعية لطغاته من الاقطاعيين من احفاد بني امية والعباسيين اسلاف بني سعود الذين تقمصوا الطريقة منهم وساروا ويسيرون عليها بكل حرفية واتقان.

وبعد تحذيرنا الذي اطلقناه ولم يلق آذان صاغية من المعني كما كنا نتوقع ونوهنا عن ذلك في المقالة نفسها لاحظت من خلال متابعتي لردود الافعال ان عدداً كبيراً من الاخوة الكتّاب والمحللين استشعر الخطر الجديد الذي داهم العراق ليضيف له وزراً جديداً الى اوزاره التي كثرت واخذ يبوح به.

ومع اعتذاري لذكر الكثير منها، اذكر من هذه المقالات ثلاث حملت العناوين ( مبادرة المصالحة العراقية والمصلحة الوطنية) للسيد جواد العطار، ( الجعفري لايران، هذا فراق بيني وبينكم ) لعلي الموسوي، والمقالة الرائعة للسيد ماجد زهير شنتاف ( اسرار تصويت الجعفري على ادانة ايران ).

وقد اوضحت المقالتان الاخيرتان خصوصاً قرآئتنا المسبقة لما ستؤول اليه الاوضاع وان الجعفري سيتلقى الصفعات والاهانات بدل الترحيب لمعرفتنا بخبث بني سعود وهو ما اكدنا عليه في مقالتنا الثانية والمنشورة في هذا الخصوص بعنوان ( مبادرة الجعفري وتوالي الصفعات التركية الخليجية .. عود على بدء ).

الان نقولها وبكل صراحة وملئ الفم لقد حصل ما حصل وقد سبق السيف العزل كما يقال واصبحت لدينا تجارب كبرى تاريخية وحديثة لم نستفد منها حيث كان الطرف الآخر الغالب فيها جميعاً لا لشيء الا لخبث ذلك الطرف وطيبة وسذاجة الطرف الشيعي .

فانا على ثقة تامه لو ان العراق هو من تعامل بهذه الخسة واهان السعودية كما فعلت مع العراق في اكثر من واقعة وآخرها تحالفها الذي ذكرناه في المقالة السابقة مع الاتراك وواقعة الكنانة وما تقوم به من ارسال للدواعش للعراق لقطعت علاقاتها معه فوراً لانها تتصرف بجدية ودم ساخن، فهل يفعلها العراقيون؟، اشك في ذلك لان برودة دمهم بحاجة الى حرارة شديدة فهم بحاجة الى بطانيات فتاح باشا التي كانت متوفرة سابقاً.

فالمناسبات العظيمة تصرخ كشاهد على مر التاريخ على هذا التعامل الغير عادل الذي ادى الى فرض المعادلة المشؤومة الغير منصفة ( السنة تحكم والشيعة تلطم ) وهي كثيرة ولكن اشهرها :

تعامل معاوية وخبثه مع اتباع الامام علي (ع) واهمها قضية تحكيم صفين وخذلان عمر بن العاص لمسكين الشيعة ابو موسى الاشعري عندما خلع خاتمه من يده وثبته عمر في واحدة من اهم الوقائع التاريخية الساخرة المبكية. وهذه الحادثة بالذات تذكرني بخداع الجبير للجعفري ولكن ليس في صفين انما على ارض الكنانة ، فما اشبه الليلة بالبارحة والحليم من يتعظ، فقد اوعد العرب بمقابلة الجبير للجعفري على شرط تصويته ضد ايران ولكن بعد ان تم التصويت تركه ولم يقابله وهي كما هو واضح لا تعد الا اهانة تاريخية صارخة فاقت فخ الاشعري، ولسنا بحاجة لتبريرات الجعفري بعدم شق الصف العربي فنحن نقول له لقد علّمتك الدعوة كمدرسة عظيمة ان الحق احق ان يتبع، ثم الم يكن الذين غدروا بالامام علي ومن بعده الحسين ثم عموم شيعته من العرب ؟!!، فابلعها وتصرف كرجل واعترف بالهزيمة وقدم استقالتك والا فوجب على من لديه المسؤولية باقالتك حفظاً لهيبة العراق وهذا امر لا استهانة فيه.

وعدم قتل مسلم بن عقيل لابن زياد مع كل احترامي للمتفلسفين لتبرير فعل ابن عقيل فهو بشر يصيب ويخطأ وقد جاء لقتال ابن زياد فان كان يعلم بانه سيقتل الحسين ( ع ) فكان عليه ان ينتهز الفرصة ويقتله او يدعوه للبراز كرجل برجل فلم يأت من مكة للعب او ابراز الاخلاق الحميدة وهو في ذلك الظرف المصيري انما جاء للقضاء على هؤلاء الفسقة الفجرة فان سيطر على الوضع فسيكون لديه الفرصة الكافية لتحقيق ذلك وان الله تعالى اعلم بالنوايا ( فان الاعمال بالنيات ) كما نص الحديث الشريف.

و خدعة ابن زياد لشيعة الكوفة وضحكه على عمر بن سعد ووقوف شريح القاضي معه.

وخدعة بني العباس الكبرى حينما تسلموا السلطة عبر الدعوة لآل البيت، فعندما تسلموا السلطة نكّلوا بهم تنكيلاً فضيعاً حتى قيل (لم يفعل بنو امية مثقال ما فعلوا بنو العباس).

وفي مصيبة كبرى تربط الماضي التعيس بالحاضر المحزن تماماً كما هو الربط بين واقعة صفين ومهزلة القاهرة، الا وهي مذبحة سبايكر التي راح ضحيتها اكثر من الالفين من الشيعة في خدعة حديثة مشابهة لخدعة مصعب بن الزبير عندما اعطى الامان لاكثر من سبعة الاف من اصحاب المختار بن عبيد الثقفي وعندما استتب له الامر وقضى على المختار ذبحهم كذبح النعاج جميعاً وكان بامكانهم القضاء عليه لو صمدوا مع المختار واتبعوا نصائحه ولم ينشقوا عليه.

ولابد ان نقولها هنا للتاريخ بان الدبلوماسية العراقية لم ترتق خلال عشر سنوات من تسلم زيباري لها بما تحتاجه من مسؤولية بل اصبح العراق في غياهب النسيان وكل ما جره زيباري على البلد هو اكردت وزارة الخارجية بتنصيبه العدد الاكبر من السفراء والمنتسبين لها من هذه القومية مع الاسف الشديد ولا يستطيع التباهي امامنا كعراقيين بتحقيقه لمكسب واحد للعراق خلال عقد من الزمن وهو ما يعد فشل تاريخي كبير وواضح، فكيف يُسلم وزارة سيادية مرة اخرى؟ هذا هو السؤال الكبير.

وعلى طريقة استمراره بخداع العراق وعدم العمل لصالحه ان لم يكن ضده، ها هو يصرح تصريحات اقل ما يقال عنها بانها مثبطة لاوضاع البلد وخلق الفتنة وزعزعت ثقة المواطنين بحكومتهم بدل محاولته الاسهام بايجاد حلول للازمة المالية والنهوض بالبلد كما تفعل كوادر البلدان المحترمة. تاركين هذا الامر لكل مسؤول شريف للتصرف ازاءه بكل حزم وجدية.

وما يجنيه العراق الان في الحقبة الجعفرية بحاجة الى انقاذ سريع قبل الوقوع بمطب آخر قد يكن اكبر من غيره فسفينة العراق محفوفة بالمخاطر ولا يمكن ان ينقذها الا رتل مخلص متفاني متجانس ومتفاهم عارف بامور العراق لا تغيب عنه حوادث وتجارب التاريخ والشعوب للاستفادة منها معتمداً على الله والشعب لاغير ومستهدياً بمشورة المرجعية ومكتب رصين من المستشارين الفطاحل، رسالة نوجهها لكل عراق مقتدر شريف قبل فوات الاوان.