لم تعد السوريالية فقط في الرسم والشعر ،فالوضع العراقي اشد سوريالية من لوحات سلفادور دالي أو قصائد رائد السوريالية العربية الشاعر السوري اورخان ميّسر..كنا نبتهج بسقوط الامطار،لأنها تعزف بمهارة لذيذة على صرائفنا الدفيئة والصفيح المضلّع لمنازلنا العمالية ..الجدات تضع الاواني الواسعة الفوهة في الحوش ..كان البرق يضيء دشاديشنا الماطرة ..وحين يتوقف المطر، ستهبط اسعار المحاصيل القادمة من مزارع صفوان وسنشتري المحاصيل بالصناديق البلاستك وليس بالكليو .مياه الأمطار تهرول في (المشروب) نحو البالوعات العامة ..وهكذا نحصل على شوارع جديدة وكورنيش جديد لشط العرب واشجار جديدة ، لماذا صار المطر يخيفنا ؟ مركبات الحكومة تخيفنا؟ الاذرعة المفوّهة الوفيرة للمسؤول تخيفنا ؟ مافائدة البطاقة الذكية والطوابير تقف في الهواء الطلق والمطر الشمس ..وفجأة ينهرك صاحب المكتب : خلّصت الفلوس ..تعالوا غدا..أين ذهب تجار البصرة الشرفاء اولئك الذين ينتظرون بلهفة شهر رمضان وعاشوراء ليخفّضوا اسعار المواد الغذائية ؟ لماذا المواطن وحده المسؤول عن كل مايجري من تدهور اقتصادي وسياسي وثقافي واخلاقي ؟ كيف يكون هذا المواطن المملوك مسؤولا عن كل هذا الخراب العراقي وهو يفتدي العراقي يوميا بكل شيء حد الاستشهاد والقتال في الحشد الشعبي ؟ ثم تطالبه الحكومة بالتقشف !! والمياة تقتحم البيوت والمدارس الغرقى ماتزال بدوامها الثلاثي وسائق الأجرة يهدد رزقه شرطي المرور وهو يشهّر وصل الغرامة!! إذا كان المواطن عنترة!!فهل هو ابن زبية؟ ابن شداد؟ أم هي هكذا( يدعونني في السلم يا ابن زبيبة /وعند اصطدام الخيل يا ابن الاكارم)؟ ..أمريكا التي اسقطت معسكرا اشتراكيا ،حررت العراق من الطاغية، ثم فخخت العراق ولأن العراق عنقاء خالدة ، اعانت امريكا نفسها بداعش وهكذا سقطت الموصل واخواتها ..؟ اليس نحن الآن ابطال روايات كافكا (المحاكمة)(القلعة) (المسخ) أمانزال نعيش في (مستوطنة عقاب)؟ من جعل ايامنا تسيح مثل (ساعات سلفادور دالي)؟ من جعل حياتنا مثل لوحته (الفاصوليا المسلوقة)؟ من اشد فقرا نحن ؟ افغانستان ؟ لماذا اذن لايوجد لدينا كهرباء منذ سنوات الحصار حتى الآن؟ أليس هذه هي السوريالية؟ وفي زمن الحصار قال المصريون بسخريتهم اللذيذة (دا آخر زمن ..عراقي يشتغل باليمن )..والآن مَن اجّج هذه الهجرات الجماعية للشباب العراقي؟ المواطن المملوك؟ من أكثر سوريالية ؟الادب العراقي ؟ الواقع العراقي ؟ مايزال الاديب العراقي يكتب برصانته المعهودة عن واقع لارصانة فيه ، وهناك من يتناسى هذه اللحظة المفخخة ليكتب عن جثة الماضي …مَن المسؤول منذ سقوط الطاغية الى مابعد الآن عن الذاكرة العراقية وهي تشتغل بتوقيت الزمن النفسي ..فتستعيد لحظات جميلة رغم جحيم تلك السنوات الدموية..؟ وأخيرا أقترض من كافكا واقول ملعونٌ من صيّر حياتنا (نسمة معارة من الحجيم )؟