26 نوفمبر، 2024 12:40 م
Search
Close this search box.

الرؤية المختلة والسلوك المضطرب!!

الرؤية المختلة والسلوك المضطرب!!

لكل مشروع يُراد إنجازه رؤية تحدد معالم المسارات اللازمة لنجاحه , وفي الحالة العراقية ومنذ دخول (مود مدعيا التحرير لا الفتح) إلى بغداد وحتى اليوم , هناك إختلال في الرؤية , أدى إلى تداعيات سلوكية متواصلة ومتفاقمة , وإنهيارات متنوعة ذات تأثيرات متعاظمة.

وقد وضع الحجر الأساس لهذه الرؤية المختلة , قوى ذات مصالح ستراتيجية بعيدة المدى أسهمت في الحفاظ عليها وتطويرها , ولاتزال تسعى في مسيرة تعميق الإختلال والإستثمار الأقصى فيه.

وقد تحدّث أول ملك للبلاد بالرؤية التي أريد لها أن تتنامى وتتطور , فعمل بها جميع الذين أعقبوه , ومضت البلاد تجتهد في منطلقات ومفاهيم الإختلال , حتى إنتهى بها الحال إلى ما أصابها من مساوئ الأحوال وخسران المآل.

وبسبب إختلال الرؤية , أصبحت البلاد عرضة للقوى التي تريد تنمية مصالحها وبناء حالتها المطلوبة. وانطلقت الأجيال بتوصيفاتها وتحليلاتها وإجتهاداتها المقيَّدة بالرؤية المختلة أو المنحرفة , والتي ما قدمت بسببها ما هو نافع للبلاد والعباد.

وخلاصة تلك الرؤية نفي وجود الشعب والوطن , وهذا يعني إنتفاء بناء الدولة والدستور والقانون , والتفاعل وفقا لمفاهيم ومعايير قبلية وعشائرية وعائلية وغيرها , لتحقيق قدرات الشعور بالأمان للذين يتحركون في صحارى وغاب الزمان.

مما أدى إلى ميوعة مفاهيم الوطن والمواطنة والوطنية , وتحويل الناس إلى مجاميع تعاني من وجودها في بلدها , وحدى بنسبة كبيرة من أبناء البلاد إلى الرحيل والغياب في مجتمعات أخرى.

وأصبحت التفاعلات ذات إندفاعات تحزبية وفردية وإستبدادية قاهرة ومهلكة , ودامية في مسيرة الحياة السياسية , التي ما عرفت معنى السياسة أبدا, وإنما هي إنقلابات وصراعات وإنتقامات وقتالات للإستئثار بالمناصب والقوة , والإستحواذ على المال الذي يوفره النفط بلا عناء.

ولا يمكن تبرئة أي نظام حكم في البلاد من الخطايا والآثام والجرائم التي إرتكبها بحق ذاته وموضوعه , لأنها جميعا , مشوشة الرؤية , وإن عرفتها فأنها تنحرف بها إلى ما يحقق الإختلال المطلوب , الذي يُراد تأمينه لتحقيق أهدافه الخفية والعلنية.

ولهذا فلا يمكن لأية قوة داخلية أن تعمل بما يحقق المصالح الوطنية , وإنما لا بد من التداعيات والخسران, وهذا واضح بسطوع متنامي منذ سقوط الحكم الملكي وحتى الآن.

فالرؤية الوطنية يتم الإجهاز عليها ومناهضتها وتحويرها وترويضها وإتلافها ونسفها , وتحويلها إلى حالة أخرى تتناقض مع ما تنطق به وتريد الإنطلاق إليه.

وهذا يلخص ما جرى ويجري وسوف يجري على أرض البلاد , التي يدور فيها ناعورالتفاقم والإحتدام على مدى عقود قاسيات وأخرى آتيات , ولن يتوقف هذا الناعور , إن لم تتحدد الرؤية الوطنية الصادقة التي

يؤمن بها الإنسان , ويتعهدها بالحرص والتفاني والعمل الوطني الجماعي البنّاء , الذي يؤكد إرادة المصلحة الوطنية الجامعة , التي ترعى حقوق المواطن وتحمي معاني المواطنة وتصونها من الإنحرافات والتشويه والإمتهان , لكي يشعر الإنسان بقيمته ومسؤوليته ودوره في بناء الحاضر والمستقبل.

وقد نُشِرَتْ المقالات والتحليلات على مدى العقود , وما تغير الحال , بل يُنسج بذات المنوال , فلا بد من الإرتقاء إلى رؤية حضارية إنسانية وطنية معاصرة , تكفل مصالح الإنسان وتصونه من أعاصير الويلات والعناءات التي أثقلت كواهل الأجيال كافة!!

فما هي رؤيتنا؟!!

أحدث المقالات