لم نلمس من الحكومة العراقية، الجدية المطلوبة في القبض على الجناة الذين ارتكبوا جريمة المقدادية التي راح ضحيتها المئات وهدمت دور عبادة ومحلات وهجرت عوائل، مما يشير بالدليل القاطع ان الحكومة لا تستطيع الاقتراب من المليشيات، ولا حتى سحب بندقية واحدة منها.
ان الحكومة في قفص الاتهام من خلال الصمت على ما يجري وعدم اتخاذ أي اجراء ردعي وحاسم ضد هذه الانتهاكات، وعدم القبض على الجناة وهم معروفين، ورغم تصريح رئيس مجلس النواب ونواب ديالى بأسمائهم ولاحظنا ان مواقع التواصل الاجتماعي نشرت أسمائهم وصورهم، والأهالي يؤكدون ان الجناة معروفين وانهم قد لجؤا مرارا إلى الوحدات الأمنية وقوات الحكومة والمسؤولين المحلييّن؛ إلا أن لا أحد من هذه الأجهزة تدخل بالطريقة الناجعة، بل بات واضحا، وفق مركز جنيف للعدالة، التعاون بين بعضها البعض على تنفيذ خطة التهجير والقتل المنظمة هذه.
ان الحكومة العراقيّة تحاول، وهو ما دأبت عليه في مثل هذه الحالات، التقليل من سعة وشمولية ومنهجية هذه الأعمال بالقول إنها من جهات خارجة على القانون، أو استخدام المبرر الجاهز “الإرهاب الداعشي” أو إنه سيجري محاسبتها من الأجهزة الأمنية، والحكومة تعلم علم اليقين أن هذه الأعمال هي عمليات منظمة ومستمرة تنفذها قسم من أجهزتها المرتبطة بها، والمدعومة من قبلها، وتستغل بعض الأحيان اسم بــ”الحشد الشعبي للمرجعية” وتقوم بها أيضا في أماكن عدّة من العراق وكما يحدث الان في سامراء.
أن إدانة المرجعية وتعهد الحشد الشعبي بملاحقة المتورطين بأحداث ديالى فضلا عن زيارة رئيس الوزراء الى المحافظة وقضاء المقدادية بالذات وعقب زيارته، امر بافتتاح مقر لخلية الصقور الاستخبارية في القضاء مع اعطاء كامل الصلاحيات لها في التحرك واعتقال المطلوبين للقضاء أيا كانوا، مؤشرات قد تكون حقيقية لأنهاء الازمة، لكن المؤشر السلبي الكارثي الذي لم يكن في محله ووقته هو اعلان المتحدث الاعلامي باسم شرطة ديالى العقيد (غالب العطية) ترقية قائد شرطة ديالى، مبينا ان ذلك جاء لجهوده الكبيرة في تعزيز الاستقرار الداخلي وادارة ملف الامن بمهنية عالية، ونستغرب ومعنا الشرفاء من صدور هكذا قرار وسط حالة القتل والتهجير التي يعيشها أهالي المقدادية.
ولا نعرف على أي انجاز قام بتحقيقه قائد الشرطة حتى استحق ترقيته؟ هل أوقف حرق تسع جوامع؟
ام منع حرق محلات تجارية ومنازل؟
ام أوقف مسلسل الإعدامات والقتل العشوائي الذي طال أكثر من (150) مغدور، لا ذنب لهم الا انهم من طائفة معينة؟
هل اطلع القائد العام للقوات المسلحة على الجثث الموجودة في مستشفى المقدادية التي لا تعرف ملامحها من شدة التعذيب والتي بلغت نحو سبعين جثة، حتى يقرر ترقية قائد الشرطة المسؤول الأول والمباشر ومعه قائد عمليات دجلة عن ذلك ؟
هل ساهم قائد الشرطة بشكل جدي في منع عمليات التهجير القسري التي تتم بتهديد المدنيين بترك المنطقة او تعرضهم للقتل؟
هل قام قائد الشرطة بتجسيد الامن والنظام من خلال القبض على الجناة وهو يعرفهم جيدا؟
هل أوقف قائد الشرطة مسلسل الرعب الذي اصاب الأطفال وهم يشاهدون جثث أهاليهم وحرق المنازل وتفجير الجوامع لمناطقهم؟
فلا نعرف ما هي إنجازاته التي قام بها ويتم ترفيعه بطريقة بعيدة عن السياقات العسكرية المعمول بها عند ترقية ضابط عسكري، ولا نعرف ما هي علاقة سياسي ووزير سابق بترقية ضابط عسكري كبير؟
ان ترقية اي ضابط بالجيش يتم عن طريق مرسوم جمهوري ووفق ضوابط ومن يقلد يجب ان يكون القائد العام للقوات المسلحة او وزير الدفاع او رئيس الجمهورية، وماهي الصلاحية التي تعطي الحق لشخص مدني ان يقوم بتقليد ضابط عسكري كبير رتبة عسكرية.
ان الترقية كانت رسالة سلبية للشركاء والايتاء بأناس غير مؤهلين واعطائهم رتب لطمس هيبة الجيش، وبطاقة سماح لعمليات قتل وتهجير وتفجير وحرق أخرى، وكارت اخضر لممارسة الجناة أعمالهم الاجرامية بدون محاسبة، وازدراء بتقارير الأمم المتحدة، وعدم الاهتمام بإدانة المرجعية في النجف لجريمة ومجزرة المقدادية.
ان ظهور تنظيم داعش أنهى كافة القضايا والوقائع الجنائية الدولية لجرائم التطهير الطائفي وشغل وسائل الاعلام وجعلها تتهم السنة بأنهم حواضن لداعش والقاعدة، وبنفس الوقت تم استباحة وتهجير كافة سكان المحافظات بحجة داعش ورافقها إطلاق يد المليشيات وتناسلها وانشطارها لتكون دولة داخل الدولة.