عندما يُخيّم الظلم والجور على بلد ما فالناطقية غالبا ما تخرج من ثدي الكرامة ومهد الحرية لتكسر القيود ولتؤسس الى مرحلة جديدة والى مدرسة تتوارثها الاجيال لتبني صرحا من صروح الرفض والاباء ..
تميّز الشهيد النمر بخطاباته وتحركاته الرسالية في الحجاز وقد أخذ على عاتقه صرخة كلمة الحق عند سلطان جائر ،فقد أسّس لمنهج ثوري وزرع الشجاعة في القلوب وتعرية المهلكة وبطشها والاطاحة بهالة الرعب والخوف من هذه الطغمة الفاسدة
يمتلك الشهيد النمر سجلا من الاعتقالات والمضايقات فقد أُعتقِل عام 2006 عند عودته من البحرين ،وتكرر اعتقاله في عام 2008 ، لكن الاعتقال استمر 24 ساعة فقط، ثم اعتقلته السلطات السعودية مرة أخرى في العام التالي وتم استجوابه بعد الانتقادات الحادة التي وجهها للسلطات بسبب أحداث البقيع بالمدينة المنورة وتم اعتقاله مرة اخرى بعد هلاك نايف ال سعود ، سعى الشيخ الشهيد إلى توعية الناس في بلدة العوامية الواقعة بالمنطقة الشرقية كما عمل على رفع مستوى المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، ورفع مستوى الوعي الديني من خلال افتتاح حوزة «القائم» التي تخرج منها العديد من رجال الدين…
الشيخ اثمرت حركته الخطابية الثورية ومنهجه المعتدل الرافض لسياسة القمع والاضطهاد بدستور معتدل مطالبا بالحقوق بعيدا عن الطائفية واللعن والتنابز المناطقي فكان يحمل همّاَ وطنيا يريد اشراك الجميع فيه ويطرق على نقطة المركز وبؤرة الانحراف وسياسة التهميش والاقصاء التي يتبعها ابناء سعود وصبيانهم
فقد مثّل الشهيد النمر الصوت الأعلى المنادي بالعدالة والكرامة الإنسانية لأتباع اهل البيت (ع)، والرافض لسياسات التمیيز والإقصاء والتكفير والعنف والتطرف والتخوين وغيرها، التي تُمارس ضدهم..
تميزت خطاباته بالقصد المباشر وعدم التلويح بل في الصراحة والوضوح اتجاه العائلة الحاكمة لبلاد الحجاز منها شجبه واستنكاره لكلام نايف ولي العهد السعودي واعلانه الفرح بموته فهو يرفض التوارث ويرفض البيعة لهم ،بل يذهب الى اكثر من ذلك بل اعلن عدم التراجع حتى اسقاطهم وزوال حكمهم
وهذا يكشف عن الغُصّة الموجودة عند الشيعة وشدة نقمتهم من ما فعله نايف من بث الخوف والرعب وقتل واعتقال مستمر للطائفة ..
بل واستمر في الرفض حتى عدم السماح لأحد ان يتعاطى مع السلطة وادانة كل من يتعاطى معهم حتى لو كان رجل دين او وجها اجتماعيا
لم ينسى الشهيد النمر قضية البحرين فكان منددا بالحكم الخليفي ويشبه حكامها بينهم وبين حكم آل سعود ويحمّل السعودية وسلطتها المجازر التي تحصل للبحرينيين..
هذه الثورة التي أسسها في المجتمع والتي اخذت تسري كالنار في الهشيم على مسمع ومرأى من السلطة واجهزتها الامنية، هذا الحراك الشعبي ويلازمه الخطاب الثوري يعكس صورة الوضع الداخلي وبلوغ ذروة التوتر السياسي والاجتماعي في المنطقة الشرقية للسعودية حتى تم ادراج حركة الإحتجاجات الداخلية في إطار العمل الإرهابي..
فأن قفزة القرار السعودي بالخلاص من صوت النمر واعدامه تعتبرقفزة جديدة لحكام السعودية نحو الصدام مع مكون سعودي بكل ما يمكن أن يجره ذلك من انزلاق البلاد إلى مستوى من عدم التوازن ، بالاضافة الى فتح جبهة داخلية تُضاف الى تلك الجبهة المفتوحة في الجنوب المملكة اثر تداعيات المواجهة مع الانتفاضة اليمنية حيث ان نيرانها لم تقتصر داخل اليمن بل وصلت الى مدن سعودية ومنشآت حيوية داخل المملكة ،فدخلت السعودية مرحلة عدم التراجع في اندفاعتها نحو خيارات تصعيد المواجهة في الداخل السعودي ومع الخارج وقد بدأت في الخارج على مستوى الصعيد السياسي الدبلوماسي مع ايران وتصدّع العلاقة بينهما وازدياد التوتر وانهاء كل العلاقات والوصول الى نقطة اللاعودة .
قد تستمر السعودية في مشروعها المرسوم لها في تدمير المنطقة واخضاعها للتشدد والهيمنة الاستكبارية وافشال مساعي التسوية المرتقبة والتي انتهت بهذه الحادثة وزج المنطقة بأرتفاع نسبة التوتر الطائفي ،فالسعودية تعمل بعدة اذرع في المنطقة منها الذراع الديني وتصدير الارهاب فكريا وعسكريا لدول المنطقة منها ذراع التحالف المسمى الاسلامي وهو شبيه بالتحالف العربي لضرب اليمن وهو على بُعد خطوات لدخوله حيز الانطلاق وكذلك التحالف التركي الاسرائيلي الذي يؤمّن المصالح السعودية السياسية ..
وان حتمية التاريخ ان امريكا وغيرها لن تحمي آل سعود من هاوية السقوط فبئر السقوط اكتمل ولم يبقى الا قرض الحبل الذي يتعلّق بيه شيوخ وصبيان آل سعود “السعودية” اليوم إلى زوال، لأنها مهلكة ظالمة فاسدة مجرمة، قد اجتمعت عوامل التاريخ لنهايتها وقد خُتمتم بدم النمر الذي سوف يغرق تلك الاعواد الخاوية التي تقف عليها مملكة الدم.