15 نوفمبر، 2024 7:49 م
Search
Close this search box.

هل يمكن للكتب أن تغيّر العالم ؟   

هل يمكن للكتب أن تغيّر العالم ؟   

هل يمكن للكتب أن تغبّر العالم حقاً ؟ قد يبدو هذا التساؤل غريباً لمن يعشق قراءة الكتب ، ولا يتصور حياته من دونها . ولكن  ثمة من يقول ، أن الكتب لا تغيّر شيئاً ، وهؤلاء في العادة لا يقرأون الكتب أصلاً ، وربما يجهلون أن ثمة عشرات الكتب التي غيّرت حياة الأفراد والمجتمعات ومسار التأريخ ، ولعبت الدور الحاسم في التقدم الحضاري للبشرية .لم نكن نولي هذا الموضوع اهتماما لو كان جل من يستهين بدور الكتب في الحياة هم الناس البسطاء ، ولكن ثمة بعض العظماء الذين اصيبوا بخيبة امل بعد الكوارث التي شهدتها البشرية في العصر الحديث .   قال الشاعر الأنجليزي و.هـ. اودن ( 1907 -1973) ” ان الكتب لا تلعب أي دور في الحياة . بدليل أن كل كتاباتي عن هتلر لم تنقذ حياة انسان واحد.ولكن اودن لم يأخذ في الأعتبار ان فكرة ” العرق النقي ” ظهرت عند هتلر تحت تأثير أعمال فريدريش نيتشة (1844-1900)).لقد نشرت مئات الكتب القيمة والرائعة في منطقة الشرق الأوسط خلال المائة عام الماضية .ولكن عند النظر الى ما يحدث في منطقتنا هذه الأيام من وحشية وحروب من الصعب العثور على اي علامة تشير الى ان الكتب تغير المجتمع نحو الافضل .ربما ينبغي الانطلاق من ان الكتب تغير الناس ومن ثم المجتمع.تأثير الكتب في حياة الأفراد :ان تصورالانسان للعالم وتشكيل شخصيته يعتمدان على عوامل كثيرة وبضمنها الكتب التي قرأها  ، ولكن ثمة كتب تؤثر ليس فقط على تصور الأنسان للعالم ولكن يمكنها أن تغيرحياته أيضاً. كلمات المؤلفين العظماء يمكن أن تغير وجهة نظر الشخص حتى الى الأشياء البسيطة والمألوفة. والكتاب – مصدر لا ينضب للمعرفة و للأنطباعات الجديدة ، غير المتوقعة في بعض الأحيان.الكتب الجيدة تعمق ادراكنا وفهمنا للعالم الذي نعيش فيه وتصقل ذائقتنا الجمالية ، وترسخ القيم الأخلاقية في ذواتنا ، وتكون مصدر الهام لنا ولو لبعض الوقت .الكاتب التركي اورهان باموك الحائز على جائزة نوبل في الآداب لعام 2006 يقول في مفتتح روايته ( حياة جديدة ) :” قرأت ذات مرة كتاباً غيّر حياتي “الفيلسوف الألماني  أرتور شوبنهاور ( 1788 – 1860 ، تحدث عن الناس الضالين الى الأبد في الحياة بعد قراءة رواية ” دون كيشوت ” لسرفانتس .وكما تقول الروائية الأنجليزية  ماري آن إيفانس المعروفة بجورج اليوت  (1819 – 1880 ) ان الكتاب هو الأقرب الى الحياة.الكاتب الارجنتيني كارلوس دومينغيز ( ولد عام 1955 ) يستهل روايته الشهيرة ” البيت الورقي ” بالمقطع التالي : ” في ربيع عام 1998، اشترت بلوما لينون في محل لبيع الكتب في سوهو نسخة عتيقة من مجموعة قصائد للشاعر إميلي ديكنسون، وعندما وصلت إلى السوناتا الثانية،عند اول نقطة عبور للمشاة  صدمتها سيارة أودت بحاتها ” . الكتب تغيّر مصائر البشر حقاً .إن التطلع الى التغيير نحو الأفضل ، هو الذي يدفعنا لقراءة الكتب ، واذا لم نكن نؤمن بالتغيير ، لما كنا خسرنا الوقت والجهد والمال في إقتناء الكتب وقراءتها أو كتابتها . .الكتب الأكثر تأثيراً  في تأريخ البشرية : الكتب شكلت وعي الإنسانية حتى في تلك الأيام، عندما لم تكن ثمة  أشكال أخرى لحفظ حكمة الاجيال. الكتب عموما والكتب السماوية المقدسة خصوصاً ( القرآن ، والأنجيل ، والتوراة ، ) – التي تحفظ حكمة العصور ، وتشكل عاداتنا الأجتماعية وتنظم المعايير الأخلاقية للأفراد والمجتمعات – أصبحت منهجاً ومرشدأً للعمل ولتحريك الجماهير الغفيرة ، وهي من دون أدنى شك أهم الكتب التي غيرت حياة البشرية ولا يزال تأثيرها عظيماً في عالم اليوم 1 – القرآن الكريم مرشد ومنهج لحياة للمسلمين في أنحاء المعمورة ، وأساس الحضارة الأسلامية  2 – الكتاب المقدس هو أساس الحضارة الأوروبية، التي تشكلت في رحم المسيحية .وهذا الكتاب – أو مجموعة الكتب على نحو أصح – لا تزال مصدرا للإلهام وتفسير معنى الحياة لمئات الملايين من الناس . وقد ترجم الى حوالي 2000 لغة ، وهو الكتاب الأكثر انتشاراً في العالم .أقدم نسخة من الكتاب المقدس كان بحوزة العائلة القيصرية الروسية ( آل رومانوف ) . وبعد ثورة اكتوبر تم بيع هذه النسخة في عام 1920 بنصف مليون دولار وكان هذا مبلغا خياليا – في ذلك الوقت –  ثمنا لكتاب مخطوط .3 – العهد القديم الذي ما يزال تأثيره قوياً على اليهود في كافة أنحاء العالم . كما أن الكتب الدينية الأخرى التي نبعت منها الفلسفات البوذية والكونفوشوسية في الهند والصين واليابان و جنوب شرق آسيا حددت ثقافات شعوب تلك المناطق .وإضافة الى الكتب الدينية ، ثمة كتب علمية واقتصادية  وسياسية وفلسفية أسهمت على نحو فاعل وحاسم في التقدم الحضاري للبشرية . وتقوم الصحف والمجلات الشهيرة في الدول الغربية بين حين وآخر  باعداد لوائح بأهم ( عشرة أو خمسين أو مائة ) كتاب في التأريخ البشري ، ومهما كان عدد الكتب التي تحويها كل لائحة ، فأنها تتضمن حتما الكتب الدينية الرئيسية الثلاث التي أشرنا اليها فيما تقدم .أما بالنسبة للكتب غير الدينية فأن الكتب العشرة التالية هي القاسم المشترك بين معظم تلك اللوائح ،1 – “الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية ”  اسحاق نيوتن  ( 1687) :وضع هذا الكتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية ولمعظم مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية.صاغ نيوتن قوانين الحركة وقانون الجذب العام التي سيطرت على رؤية العلماء للكون المادي للقرون الثلاثة التالية. كما أثبت أن حركة الأجسام على الأرض والأجسام السماوية يمكن وصفها وفق نفس مبادئ الحركة والجاذبية. وعن طريق اشتقاق قوانين كبلر من وصفه الرياضي للجاذبية، أزال نيوتن آخر الشكوك حول صلاحية نظرية مركزية الشمس كنموذج للكون . وبفضل هذا الكتاب ، غزا الأنسان الفضاء الكوني ووصل الى القمر ، وصنع الصواريخ التي تطلق الأقمار الصناعية الى الفضاء وتؤمن اليوم الأتصالات بين البشر . ولو لم يظهر هذا الكتاب في حينه لتغير حياة البشر ومسار التأريخ ، أو في الأقل ربما تأخر تحقيق هذه الأنجازات الى زمن غير معلوم .2– ” ميثاق الحرية العظيم ” ، ممثلي الطبقة الحاكمة الأنجليزية ،  :1215أصبح أساساً لوضع الدستور الأنجليزي ودساتير عدد من الدول مثل الولايات المتحدة الأميركية والهند .3–” براءة اختراع آلة الغزل” ، ريتشارد آركرايت ،  : :1769كان هذا الاختراع حاسما في الثورة الصناعية الأولى ، ومهد لظهور مكائن أكثر تطورا لشتى الأغراض الصناعية و الحياتية  .4– ” بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم ” آدم سميث ، 1776 :الاقتصادي الإسكتلندي آدم سميث (1723 ـ 1790) هو الأب المؤسس الحقيقي للاقتصاد الكلاسيكينشر الكتاب في بداية فترة الثورة الصناعية ويعتبر أحد معالم تطور الفكر الاقتصادي . نادى سميث بالرأسمالية فرفض تدخل الحكومة في الاقتصاد ونادى بوجوب تركه لقوى العرض والطلب .5– ” دفاع عن حقوق النساء : القيود السياسية والأخلاقية ” ماري ولستونكرافت ، 1792يعتبر هذا الكتاب من أوائل الأطروحات في الفلسفة النسوية. ردت ولستونكرافت في هذا الكتاب على المنظرين والمفكرين السياسيين والاجتماعيين في القرن الثامن عشر والذين لم يكونوا يؤمنون بحق المرأة في التعليم. دافعت ماري عن حق النساء في التعليم بما يتناسب مع وضعهم في المجتمع، قائلة أن دور المرأة أساسي لا يمكن الاستغناء عنه للأمة لأنها ستثقف أبناءها وستكون رفيقة لزوجها تعينه على تحمل أعباء الحياة، بدلا من أن تكون مجرد زوجة. وبعكس النظرة السائدة في المجتمع آنذاك للمرأة بأنها مثل الحلي أو الممتلكات التي يتم تبادلها عن طريق الزواج، أصرّت ولستونكرافت على أن المرأة إنسان تستحق نفس الحقوق الأساسية التي يمتلكها الرجل.6- أصل الأنواع لجارلز داروين ( 1859 ) :ان الأهمية الكبرى لهذا الكتاب تكمن في الكشف عن العامل المحرك للتطور وهو ( الأنتقاء الطبيعي ) وتحديد أسباب حدوث التطور البيولوجي.7-  رأس المال لكارل ماركس (1867) :نشر ماركس الجزء الأول من الكتاب في عام 1867 ، وهو العمل الرئيسي له وفيه تحليل معمق لتطور الرأسمالية وحدودها التأريخية . أما الجزئين الثاني والثالث من ” رأس المال ” فقد نشرا بعد وفاته من قبل فردريك انجلس. وللأبانة عن مدى تأثير هذا الكتاب في صنع التأريخ الحديث يمكن الأشارة الى ظهور الحركات والأحزاب الشيوعية والأشتراكية في أنحاء العالم واندلاع ثورة اكتوبر 1917 البلشفية في روسيا والثورات الشيوعية في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية ، رغم الأختلاف الشديد في تطبيق المباديء التي نادى بها ماركس وتكييفها لظروف كل بلد أو الأستفادة الأنتقائية من الآراء الواردة فيه .8– ” بحث تجريبي في الكهرباء ” لمايكل فارادي :في ثلاثة مجلدات ، صدرت تباعاً في أعوام 1839 ، 1844 ، 1855 ،. ولا أعتقد انني بحاجة الى بيان أهمية هذا الأختراع في تطو الحضارة الأنسانية ، حتى بات استخدام الكهرباء  أحد المعايير الأساسية لمدى تقدم الأمم .9– ” عن الغاء تجارة الرق ” ، ويليام ويلبرفورس ، 1789 :هذا الكتاب للسياسي  وقائد الدعوة الى إلغاء تجارة الرق اللإنجليزية ، ويليام ويلبرفورس ،الذي  كان أحد الأعضاء المستقلين البارزين في البرلمان البريطاني ،  ولعب دوراً كبيراً في إقرار قانون تجارة الرق في عام  180710 – كتاب ” كفاحي ” لأدولف هتلر :كتب هتلر الجزء الأول من الكتاب في سجن ( لاندسبرغ ) ، حيث كان يقضي حكماً بالسجن لمحاولة انقلاب . كان العديد من رفاق هتلر وبضمنهم غوبلز ، وروزنبرغ ، و وغوتفريد ، قد نشروا كتباً أو مقالات عن النازية ، مما أدى الى ظهور رغبة جامحة لدى هتلر في إثبات قدرته على الأسهام في الفلسفة السياسية رغم افتقاره الى التعليم . وقد ذاع أمر هذا الكتاب وفحواه ، حتى قبل نشره . أما الجزء الثاني من ” كفاحي ” فقد كتبه هتلر بين عامي 1925 – 1927 ، بعد تأسيس الحزب الأشتراكي – القومي .وبعد  وصول الحزب الى السلطة أصبح ” كفاحي ” الكتاب المقدس أو دستور الحزب ولكل الحركات الفاشية في العالم وخاصة في ايطاليا في ظل حكم موسيليني الفاشستي  وفي اسبانيا في عهد فرانكو الفاشي .

أحدث المقالات

أحدث المقالات