“حرب عصابات” هذه الجارية الآن ,ومثل هذا الأمر لا يقبل الواقع بتفسير آخر له ولا تستطيع أميركا تغطيته “بغربال” بزمن أكثر من الفائت إن طال الزمن ..فكما تبيّن ,وبعد سنوات من الاحتلال ,وبعد ما أظهرت النوايا الحقيقيّة “للمعتصمين” ؛إن هي إلّا “خطّة” لمسلّحون عراقيّون على مستوى كفوء من التدريب وإحكام للخطط لحربيّة بعمليّات كرّ وفرّ طويلا الأمد ومموّلون بشبكة تمويل داخليّة وخارجيّة عدى “فتح” المجال لقوى دوليّة تدعمها من الّتي قد تجد لها مصلحة في تغيير الحكم في العراق ,وهذا ما لا يريد ذكره الاعلام العالمي بل ينكره ,إذ كلّنا يتذكّر ماضيًا إعلاميًّا ليس بعيدًا بوعود أميركا بالقضاء على “القاعدة” في العراق “أنّ العالم بعدها سيرتاح” بعدما “ارتاح فعلًا بالتخلّصّ من صدّام” مثلما وعدوا.. ملخّص الاتّفاقيّة الأمنيّة: (( منكم الرجال ومنّا الغطاء الجّوّي)) هكذا يبدو مشهد “التكتيك” المرسوم في تلك الاتّفاقيّة والجاري تطبيقه الآن إذا ما نحّينا جانبًا الاتّفاق على أنّ داعش وأخواتها وحكم الملالي والأنظمة المفعمة بالغيبيّات حاجة سياسيّة أميركيّة لإحكام السيطرة على المنطقة لآجال بعيدة, حيث كانت “بروفات” تلك “الاتّفاقيّة” تجري على قدم وساق قبل “انسحاب” الجيش الأميركي من العراق 2009 حيث كان الغطاء الجوّي الأميركي يرافق “الجيش العراقي” المشكّل حديثًا حينها ,أينما توجّهه ,وقوّاتها خلفه أثناء ما كانت مطاردات أميركا “للمسلّحين” مستمرّة ..تصريحات العبادي, أو أوباما بالقضاء على “المسلّحون” الّذين خرجوا زيفًا من بطن اعتصامات شكليّة برأيي ,ليست سوى أوهام كأوهام “أبو ما ينطيهه” قد يعنيان داعشهم فذلك محتمل ..الحرب الجارية حرب طويلة ,يتوقّف أمدها ,طولها من قصرها على مجريات السياسة العالميّة وعلى مدى فرض الإرادة القتاليّة بطبيعتها الاستنزافيّة ,خاصّةً وتكاد مشاهد حروب “تحرير” كهذه حروب زئبقيّة تسقط مدينة هناك تسترجع هنا يفلت عيار رسوّ أمر سابقة لتعود تسقط أخرى؛ هذه المشاهد هي الّتي باتت تغطّي الأصل من وجود حكومة وكأنّ كلّ ما مطلوب منها هو ممالأة السياسة الأميركيّة بطريقة “الأمر الواقع” عن طريق “داعش” بطريقة “مجبر أخاك لا بطلُ”..
عيشة العراقيين لا حلوة ولا جميلة ومسرّاتهم حذرة واستقرارهم متأرجح ولا يملكون أدنى درجة من سيادة, حدود بلدهم منفلتة لا يعلم مواطنها كيف تتصرّف حكومته الّتي “انتخبها” بثرواته, ولا بأمواله ..ولا بحدوده ..ولا معلومات لديه كيف أصبحت مشاريعه مشاريع وهميّة وكيف أصبحت خزينته مرهونة ,ولا كيف حرموا الكلمة الإعلامية الحرّة, هل بقنوات التضليل الّتي شيّدت بأسماء ساسة البلد؟ إذًا فمن أين لهم هذه الملايين من الدولارات ليؤسّسوها و”خيّرهم” كان بنچرچي أو يدفع عربانة لبيع الخضروات مع احترامنا لهذه المهن الشريفة وما قصدنا إلّا تبيان فارق المدخول المالي, وأثقفهم حملدار ذو ثقافة غيبيّة يحكّ أسنانه بتوجيه دماغه بكلمات “خشنة”؟.. هل اخترقوا فضاء الكلمة بأموالنا بلا حسيب وبلا رقيب؟ وأين لجنة “النزاهة” هل هي بحاجة للجنة أخرى رقيبة عليها؟.. وكأنّ العبادي يقول: “لن نسمح للدواعش وقف مسيرة التقدم والاصلاح أو وقف منافستنا للصومال ولليابان”.. وكأنّ العراقيين قبل داعش كانوا متنعمين لا خطف لا قتل على الهوية لا نهب لا استرقاق فكري عبر الهيلمان الديني المسيّس بطبعه.. عندما كان العالم أفصل بلا عبادي وبلا مالكي وبلا أوباما أو بلير رغم ما تركته سياسة صدّام الحمقاء من غصّات ,هل كنّا مثل دبي قبل أن تأتي داعش لتنتهك أعراضنا المصونة بالشيشاني وبالتلمساني وبالأفغاني وبالأورفلي وبالزاجل؟ ,وكأنّ العبادي أعاد لنا الرمادي لتنظمّ لقافلة باقي مدن العراق المتنعّمة المتكتظّة بالأشجار الزاحفة لقضم التصحّر وتموج بكلّ ما يساير التحضّر.. ولا عزاء للتريليون وربع التريليون دولار.. ترى هل العبادي في زيارته “للجبهة” للرمادي ,وهو يتمشّى بقدميه فوق أرضها ,كان يتهادى على مجمّعات سكنيّة بادت ,وأحياء تنثّرت ,وأسواق دُفنت ,وشوارع بنايات تهبهبت؟.. العبادي وهو يسير بقدميه دون دالّة على وجود مدينة قصدها اسمها رمادي! أو أنّ المدينة حاق بها ما حاق بقوم عادٍ وثمود ..يا إمّا كان يدور حول أطراف مدينة خربة لا أكثر موحشة مليئة بالفخاخ وبالمفاجآت وبما لا يحمد عقباه لم تحرّر بعد لا يجرء أحد دخولها؟.. هنّ أربع لقطات وثائقيّة من تصوير مشاهد بات يكرّرها الاعلام ..أين الرمادي؟ فالمجمّع الحكومي بأطراف المدينة؟.. سرقوا الرمادي كما سرقوا أموال العراق مثلًا؟ ,أم “دفنوها” كما دفنوا أموال الشعب بالأقبية والسراديب؟, فأغلب ساسة الحكومة كانوا “دفّانة” ..والحلو الجميل أن هنالك أقلام تكتب عن مشاريع للرمادي “ستنجز” .. ليش هيَّ بقيّة المدن شبعت خبز حتّى الرمادي تشبع “كليجة”؟.. الحلّ بسيط رغم صعوبته على النفوس المريضة المهووسة بالاستفراد بالسلطة, بدون داع لمهرجانات مسح للمدن كما “مسحها” نظام سوريّا ..تقاسم اتّخاذ القرار السياسي.. قد يكون حلّ لموضوع السيادة واستقرار للبلد استقرار فعلي..