على الرغم من التحذيرات من هيئة الانواء الجوية : بان الطقس في بغداد سيكون ماطرا جدا ومصحوب برياح قوية , استيقظت صباحا واذ الشمس ساطعة وجميلة , سارعت بفتح احدى اغاني فيروز والذي اعوضه بدل تغريدة البلبل , ودخلت مطبخي لاعمل القهوة مع سيكارتين اشربها مع انتهاء الفنجان الواحد , وبعدها افطر .
رن هاتفي المحمول وكان المتصل احمد فهو صديقي القديم اجد في رفقته ذكريات قابعة في الروح , لا يمحوها الزمن مهما طال , قال لي : صباح الخير يا نبيل اليوم ستكون عزيمتنا عند دار عامر , قلت له : هذا يعني سوف نتغدة العدس مع بعض البصل الاخضر .
تعودت انا والصديق احمد وعامر وحسين في كل اسبوع نتغدة في مطاعم بغداد وفي كل عزيمة يدفع ثمنها بالدور الذي يأتيه , فاحمد وضعه المادي متوسط , وايضا الصديق حسين وضعه شبيه باحمد , ولكن صديقنا عامر فقير من الدرجة الاولى , وكنا حريصين عندما يقع الدور عليه ان يعزمنا في بيته , كي لا يدفع ثمن اربع نفرات في المطاعم وايضا لا نحب ان نسبب له الحرج , رغم اننا ناشدناه كثيرا ان تكون جميع عزائمنا علينا نحن اصدقاءه الثلاث , ولكنه يود مشاركتنا على اقل نفقة .
وعند وصول عقارب الساعة الى الثانية ضهرا , تجمعت مع احمد وحسين للذهاب الى بيت صديقنا عامر , هذا البيت المتواضع .
منذ سنوات وكنا على دراية ان لدى صديقنا الفقير عامر عم شديد الثراء والمال ,وغير متزوج من شدة بخله , فكان عم عامر يسكن في محافظة ذي قار , ولم نعلم ان عمه قد توفى منذ اشهر , فلم يبلغنا صديقنا بهذا , بل حتى لم يقل لنا ان عائلته قد ورثت مبالغ كبيرة من عمه , فحاول عامر ان يفجأنا بالغداء او ربما يستعيد من شانه وهيبته بالعزائم التي زهقنا منها على مدار اشهر عدة .
ونحن جالسين معه في بيته واثناء موعد الغداء جاء شقيقه الاصغر محملا ” بصواني ” اثنين في كل واحدة مملؤة بفخذ الخروف المشوي اضافة الى الرز , وثلاث دجاجات مشوية مع حلويات من الدرجة الاولى .
لم نصدق ما رأت اعيوننا , اهي مفاجاة ام ماذا بالضبط , فشرح لنا ما حل بعمه المرحوم والنصيب من الورث الذي ناله صديقنا , سارعنا بفتح الاحزمة التي تطوق ابطننا , كي نشبع تماما , واستمرينا بالتهام الطعام الى ان نفخت اعيننا من شدة الشبع , وصديقنا فرح جدا لانه اعاد هيبته العزائمية لنا , ونحن نأكل صاح صديقنا احمد واللحم يترس فمه ” على قدر اهل العزم تأتي العزائم ” ضحكنا جدا على هذا الكرم من صديقنا ونصحناه ان لا يعيد هذه العزيمة في الاسابيع المقبلة , لانها عزيمة كبيرة ولا نقدر نحن ان نعيده له .فرحم الله الشاعر المتنبي والذي قال : على قدر العزم تأتي العزائم مثلما قالها صديقنا احمد