20 ديسمبر، 2024 5:14 م

السعودية لاتهدد الشيعة

السعودية لاتهدد الشيعة

مهما مضت السعودية في حربها على اليمن فلن تحقق الرجاء، فالمعركة ليست مع الحوثيين وحسب بل هي جزء من محاولة لإعادة ترتيب البيت اليمني بما يقوي حلفاءها ويضعف أطرافا يمنية أخرى لاتريد أن تضيع ولذلك تحالفت مع الحوثيين، وليس المعني علي عبدالله صالح لوحده، بل إن ماتقوم به القاعدة في حضرموت ومدن في الجنوب والشرق يمثل نوعا من الإفشال للمشروع السعودي خاصة وإن الرباض مستهدفة من المتشديين الإسلاميين السنة الذين يريدون قلب نظام الحكم الأسري في كل دول الخليج، ولايمكن ذلك مالم تستهدف السعودية بضوء أخضر من الغرب.
إنخفاض أسعار النفط لم يضر بروسيا وإيران كثيرا فهاتين الدولتين الكبيرتين تعتمدان تعددية مصادر الطاقة والإيرادات، هما بلدان صناعيان وتجاريان وزراعيان ويصدران ما لاعين رأت ولاخطر على قلب بشر من المعدات والمنسوجات والمصنوعات والمزروعات والمنتجات البحرية، بل يعمل الإيرانيون على زيادة إنتاج مادة الزعفران لتصديرها، وتشهد زراعة الفستق نموا كبيرا ولايدخر الإيرانيون جهدا في عرض منتوجهم الشهير من السجاد الذي يجد الطريق الى قصور أمراء الخليج بأسعار خيالية، عدا عن الصناعات الحربية والغاز الذي تحتل إيران بالشراكة مع روسيا مكانة الريادة فيه، ثم الصناعة النووية التي ضمنت إيران مستقبلا لها فيها بعد الإتفاق الشهير مع الغرب.
وتحاول الرياض وهي تستشعر الخطر الكبير الذي يستهدفها ولاتجد مصدا فكريا أو طائفيا يوقفه خاصة وإن داعش على الأبواب ومعها القاعدة. السنة في السعودية يمكن أن يستدرجون تحت ظروف معينة، تحاول أن تمد حبال الوصل مع الزعيم الإخواني رجب طيب أوردوغان، وقد تضطر لتقليل دعمها للقاهرة بمايقوي الموجة الشعبية القادمة في بلاد الكنانة، وهي تسعى للحوار مع إيران بكل الطرق الممكنة وتريد إنهاء الحرب في اليمن وتعتمد على الوسيط العماني الكتوم، مع التركيز على تحقيق منجز على الأرض اليمنية والسورية قبيل أي مفاوضات جادة للحلحلة، ولاتخفي الرياض تواصلها مع روسيا في هذا الشأن مدركة إن الغرب لايؤتمن وبمجرد أن يقبض المليارات فسرعان مايغير من سياساته، بينما موسكو وواشنطن تنظران الى هذه الجغرافيا كمنطقة شراكة يؤطرها نزاع ظاهر.
إنخفاض أسعار البترول دون وجود مصادر للطاقة بديلة، سيؤدي الى خلل في البنية الإقتصادية التقليدية والترفية في الغالب، وسيدفع الى ظهور فئات إجتماعية مستعدة لتغيير وجهاتها ويمكن لداعش أن تجند المزيد من الشباب الخليجي، وقد تستورد داعش المزيد من الجهاديين الى المنطقة الخليجية من شمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان وحتى أوربا، بينما الجهاديون في سوريا والعراق سيضطرون الى الرحيل نتيجة تغيير هائل في معادلة الصراع، ولوجود حائط صد طائفي شيعي مدعوم من موسكو وطهران يدعمه وجود فصائل شيعية مدربة ومجهزة وفاعلة على الأرض وتمتلك القدرات والمهارات والرغبة العقائدية في القتال، هذا الرحيل سيكون جهة دول الخليج وليبيا وتونس والى أفغانستان لنصرة داعش التي بدأت بالتحشيد في شرق أفغانستان.
السعودية تتجهز لإستقبال الحرب مع داعش والفصائل السنية المتشددة، وليس مع الشيعة، فالصراع مع الشيعة يتأثر بالصراع الدولي والتوازنات التي تفرضها الدول الكبرى، الشيعة يتنافسون مع السنة، بينما السنة يتصارعون مع المتشددين السنة، وهناك خطر محدق بالإعتدال السني من داخله.

أحدث المقالات

أحدث المقالات