ربي يذكُر في القرآن الكريم آية تُحَيّر العقول، مفادها “ما تَرَكْنا في القرآن مِنْ شَيء”، المفاد أن كلٌ منّا مكلف بعمل يجب أن يؤديه، وُفْقَ العَقْلِ والمَنْطِقْ، والمتعلم الذي يصل لدرجة عالية في التعليم، عليه عبءٌ أكبر، لأنه لا يتساوى مع سائر البشر، وحسابهم ليس كما يحاسب الإنسان الذي لا يعرف الا كيف يعيش فقط، والعالم ما فائدة علمه ما لم يعطيه للبشر، وما نلمسه من تقنيات متطورة الا تراث اؤلائك العلماء .
خَلْقُ ربي ليسَ عَبَثاً، إنما لغايةٍ لا نُدرِكُها، وَحَياةُ بعضها تشبه الى حدٍ بعيدٍ حياةُ الإنسانِ. النملُ يبني أبنيةٌ من عِدَهِ طوابقٍ، فيها فتحاتُ تهويةٍ ومنامْ، وغيرها من حياتها التي لا يعرف منها العلماء المختصين الاّ جزءٌ يسير، وهذا الكائن يعرف أبجدية، أن حبة الحنطةِ اذا تَمَّ إدِّخارُها داخلَ الثقب الأرضي الرطب، بالفعل سَتُنْبِتْ ما لم يَتِمُ حَفرَ صُرَةَ الحبةِ “القطمير”، ووضعها تحت أشعة الشمس، وإذا كانت غائمة تحت ضوء القمر لتجف.
السنوات المنصرمة من عمر الحكومة الجديدة، وطوال إثني عشر سنة، وخاصة في الثمان العجاف لحكومة المالكي، لم تستلم الخزانة العراقية أموال بقدر ما إستلمت، مع صعود أسعار النفط العالمية، وصلت لأرقام كبيرة جداً، وكان بالإمكان النهوض بكافة القطاعات المعطلة، حتى في زمن النظام السابق، والصعود لمقدمة الدول الصناعية والزراعية، ونكون قدوة الشرق الأوسط، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد تبددت الأموال! وذهبت لمنافع الشخوص، وبقي الشعب المسكين يتفرج على سرقة أمواله .
ضغط التيار الصدري بكل قوته في البرلمان، على تشريع قانون توزيع الباقي من العائد النفطي، على المواطن العراقي، لانه مذكور في الدستور وتفعيله من واجب البرلمانيين، وبعد إنتهاء الجمع والتصنيف، ومعرفة حصة كل عراقي، تم الإستحواذ على الأموال بطريقة تبعث على الحيرة! من قبل الحكومة السابقة، ولم يُذْكَر لحد الآن ما هو مصير تلك الأموال، وفي أي مورد تم إستثمارها، ولم يعقب عليها، وكان الواجب من التيار الصدري، المطالبة بها لأنها مشروعهم .
خلال السنوات الفائتة ومع إرتفاع الأسعار، كان من الممكن أن يكون للعراق رصيد مالي كبير، يكفي لعشر سنين، سيما المنتوج على الأرض من المشاريع يكاد يكون صفر أو أقل، نسبة للأموال التي صُرِفت، بيد أننا لم نفلح بالطريقتين! لا إننا إستفدنا من الأموال المصروفة ومشاريعها الوهمية، ولا يوجد رصيد يكيفنا اليوم، ونحن نمر بأزمة مالية، وهنالك من يصرح بأن الدولة، ستكون عاجزة عن دفع الرواتب في الشهر الفلاني، والمعركة تحتاج لدعم مالي .
المواطن الموصلي أكبر مُدَخِر على مستوى العراق، فهم مشهورين بالإدخار والطعام أولها، وفي كل بيت مصلاوي قديم، تجد في المخزن مؤونة تكفي لأكثر من ثلاثة أشهر، والدود وحسب الفطرة التي أعطاها ربي لها، تعرف كيف تدخر، بينما الحكومة الماضية صرفت كل الأموال الموردة، وصلت الوقاحة أن سحبت من الرصيد والإحتياطي المالي، من دون أن نلمس ناتج على الواقع، وهنا يجب على الحكومة الحالية، محاسبة كل المتورطين، بسرقة تلك الأموال وإسترجاعها منهم بالقانون ….