لست ادري ماذا سيقول ساسة عراق ما بعد 2003 ، حينما نتحدث عن شخصية عراقية يهودية وصفت بالنزاهة والخبرة والوطنية والحيادية ، ولايزال صداها الى يومنا هذا يذكر في العديد من المحافل الثقافية والسياسية وينعت بالنعوت الكريمة؟.
ساسة العراق الذين انتجوا الخراب والدمار والفوضى التي عمت البلاد ، من شماله الى شرقه ، الجنوب فالوسط ؟. ماذا سيقول هؤلاء حينما يقرأوا سيرة هذا الرجل وما قدم للعراق وللعراقيين على اعتباره الرجل الوطني والعراقي الاصيل، بغض الطرف عن ديانته التي ينظر لها البعض بنصف عين ، نظرة شك وريبة .
فكما أن الزعيم عبد الكريم قاسم ، نصير الفقراء ، فهو يُعد اشرف وانزه حاكما حكم العراق الى يومنا هذا ، فقد وصفوه بالنزاهة والوطنية وحبه المفرط للفقراء ، وقد سار على نهج خاص لم يصل مستواه اي حاكم ، قبله ولا بعده ، وهناك قصصا وحكايات تحكى عنه لا يصدقها من ليس له معرفة تامة بهذا الرجل الذي احبه الجميع، ونزفوا عليه دما حينما اعدم على يد مجرمون متآمرون على العراق والعراقيين .
فكذلك كان الرجل الوطني والنزيه العراقي والشخصية الاقتصادية التي وصفت بالعبقرية والحنكة السياسية والانسانية العالية والقلب النابض بحب العراق والعراقيين، الا وهو حسقيل ساسون اليهودي الديانة وعراقي الاصل والمولد والنشأة .
وحسقيل ساسون يعد أشهر وأنزه وزير مالية عراقي في تاريخ الحكومات العراقية المتعاقبة، هو أول وزير مالية أسهم بشكل كبير في وضع الأسس الصحيحة والسليمة لقيام الاقتصاد العراقي وبناء ماليته وفق نظام دقيق جدًا. قال عنه أمين الريحاني:” أنه الوزير الثابت في الوزارات العراقية، لأنه ليس في العراق من يضاهيه في علم الاقتصاد والتضلع في إدراك الشؤون المالية”.
ومما يقال عنه أنه حينما كان وزيرًا للمالية ، كانت هنالك مناقشة لبعض الأمور الاقتصادية في مجلس الوزراء، وكان من الطبيعي أن يتم مناقشة الأمور وطرح الآراء، قام ساسون بطرح بعض الآراء، فقاطعه ( جعفر العسكري)! فما كان من ساسون ألا أن ينتفض في وجهه ويقول له بصوت مرتفع:” أرجو يا باشا أن لا تتدخل في أمور لا علاقة لك بها، ولا تعرف عنها شيئًا، فهذه قضايا قانونية وأنت رجل عسكري”.
اقول ماذا سيقول هؤلاء عنه حينما يجدون كل هذه الصفات التي وصفها به الجميع ، وهم لا يمتلكون جزءً ضئيلا من تلك الصفات الحميدة التي جعلته يرتقى القمة بالنزاها والوطنية ؟ . لقد تسيدوا على العراقيين وهم غير مؤهلين ولا يمتلكون رجل القيادة الذي يستطيع – بحنكته – بناء دولة، وتشييد مؤسسات، واسعاد شعب، وتعزيز عراق نموذجي في المنطقة اسوة بدول الجوار، فضلا عن البلدان الاخرى التي نهظت وارتقت الى مستويات عالية في الصناعة والزراعة والمنتوجات الاخرى ، ونحن بفضل هؤلاء ماتت عندنا كل هذه القضايا ، واصبحنا نستورد كل شيء من دول الجوار ومن غيرها ، حتى قنينة الماء والآيسكريم والعلكة .
اعطوني رجلا مثل حسقيل او مثل الزعيم عبد الكريم اعطيكم دولة، واصلح شعبا، واشيد مؤسسات، وابني عراقا يضاهي الدول المتقدمة .
ملاحظة :
نسخة من هذا المقال الى كل من شغل منصب وزير المالية من السابقين واللاحقين للعبرة والاعتبار واتخاذ مايلزم .
انني قد بلغت اللهم فأشهد .