تشتهر مقولة الُسم في العسل في التأريخ الاسلامي في إشارة الى حادث استخدام العسل الذي دس فِيهِ سم للتخلص من القائد العسكري مالك الأشتر قبيل تسنمه ادارة ولاية مصر في نهاية العقد الثالث من السنة الهجرية الاولى ، و من يومها صارت هذه المقولة تدل على كل فعل ظاهره صالح و هو يستبطن سوءا ، و هو الوصف الذي يلائم بشكل كبير ما يحصل في العراق بعد العام الفين و ثلاثة ، و الامر هذا يرتبط بطبيعة التحول في النظام السياسي من النظام الديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي تتأسس فيه السلطات إستنادا إلى الانتخابات و الدور الفاعل للرأي العام و حرية الاعلام ، فالنظام السياسي في البلدان الديمقراطية يتحدد وفق توجهات رآي الناخب و بهذا سيكون للاعلام دور كبير في تحديد الاحداث و صعود و نزول الجماعات و الاحزاب السياسية ، و هذه مسؤولية عظيمة كان على وسائل الاعلام بإشكالها كافة أن تكون بمستواها التأريخي ، فعلى الرغم من وجود جهات معنية بتنظيم قطاع الاعلام في العراق و وجود قواعد ممارسة المهنة الاعلامية و السلوك الصحفي إلا الدور هو وظيفة المثقف العراقي ( الاعلامي ) الذي عليه أن يضطلع بواجبه الوطني و الثقافي ، ليس صعبا على أي متخصص بل على اي مواطن عراقي أن يثبت مدى التضليل و الخداع الذي مارسته الكثير من وسائل الاعلام في العراق و خارجه ، و من أجل تقديم صورة للمشهد الاعلامي و تأثيراته في عراق ما بعد العام الفين و ثلاثة علينا أن نبتدأ بمجموعة من المقدمات و المفهومات و قرأتها في ضوء التطورات و الاحداث ، ولذلك أجد نفسي مُلزما مرة أُخرى لإنتهاج أسلوب مجموعة الحلقات من أجل تقديم الفكرة التي نريد التعرف بها و كشف أبعادها المختلفة ، وهذه دعوى مني لكل القراء الكرام من أجل أن نقرأ مشهدنا الاعلامي و تأثيراته الاجتماعية و السياسية عبر السلسلة الجديدة والتي وضعنا لهم إسم ( سمٌ في كلِ شَيء )