لعل واحدا من اهم مميزات اللغة العربية انها بلغت من العمر اكثر من 1500 سنة اي 15 قرناً وما زالت تتمتع بصحة وعافية ، ولا اعتقد ان هناك لغة اخرى في العالم عاشت كل هذه الفترة وحافظت على اصالتها وبنيتها ، وقد مُنحت الجلالة والقدسية في نزول القران الكريم يحمل معانيها وألفاظها ومفرداتها .. ثم لنزداد غروراً نحن الناطقين بها ، كون لغتنا هي لغة اهل الجنة ، ولم تُشرف لغة اخرى بهذه المكانة الرفيعة وهذه المنزلة الخاصة التي ليس بعدها مكانة ولامنزلة .
وهنا بات من الضروري العمل الى ضم هذه اللغة الى لائحة التراث العالمي ودليلنا واضح ألا وهو القران الكريم ، وقبل نزوله كانت المعلقات ومدونات العرب وما نقلوه شفاها عن ايامهم وتاريخهم وشعرهم وأدبهم والتي دونت في القرن الثاني الهجري ، لذا لابد للجنة العليا للحفاظ على سلامة اللغة العربية من تبني هذه الفكرة واتخاذ الاجراءات اللازمة بشأنها.
ويعتقد العلماء ان هناك ما يقرب من (6900) لغة حول العالم موزعة على ما يقرب من (150) عائلة لغوية ، ولا يعد هذا العدد نهائيا بسبب جهل العلماء لغات بعض المناطق خاصة في مجاهل افريقيا . وبالرغم من ان وجود اللغة قد يكون قرينا بوجود الانسان على هذه الارض ، فان علم اللغات او الـ(فيلولوجيا) لم يظهر بشكله الذي نعرفه اليوم الا في وقت متأخر من عمر الانسان ، وربما يكون “اصل اللغة” من اكثر المواضيع المختلف عليها بين العلماء ، ولكن دراسة شجرة العائلات اللغوية تقرب البشرية اكثر من محاولة فهم اصل الانسان فاللغة العربية مثلا هي احدى ثلاث سلالات ما زالت صامدة من سلالات اللغة السامية التي اندثرت منذ زمن بعيد .
وقد عَرّف ابن جني العالم اللغوي العربي اللغة على انها : اصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم ، وهو تعريف يصف ذات اللغة (الاصوات) ووظيفة اللغة الاجتماعية . فهناك أربع نظريات لنشأة اللغة هي: 1. نظرية التوقيف 2. نظرية المحاكات 3. نظرية الاصلاح 4. نظرية الغريزة ، وبالرغم من هذه النظريات وكثرة العائلات اللغوية حول العالم ، فان عددا قليلاً – لا يتجاوز الـ(25عائلة) – يغطي ما يقرب من 90% من اللغات الحية التي يتكلم بها الانسان . اما العائلات اللغوية الاخرى فقد انقرضت او انحسرت ضمن مجتمعات صغيرة ، وتبقى اللغة العربية احدى اهم اللغات في العالم وقد أُقرت مؤخرا كاحدى اللغات الرسمية في الامم المتحدة.
وهكذا احتفى المركز الثقافي بيوم اللغة العربية الموافق في الثامن عشر من كانون اول من كل عام الذي اقرته الامم المتحدة . حيث وضع برنامجا حافلا بهذه المناسبة تضمن مجموعة
نشاطات كان اهمها المؤتمر الثاني للغة العربية الذي اقيم في قاعة الدكتور سامي عبدالحميد حيث راس الجلسة الدكتور محمد الواضح اضافة الى تقديمه ورقة بحثية بعنوان (التشريع اللغوي).
وقدم الدكتور طارق عبد عون الجنابي ، ورقة بحثية بعنوان (اللغة العربية والعلوم) كما قدم الدكتور خليل بنيان الحسون ورقة بحثية بعنوان( اللغة العربية وتحديات العصر) وقدمت الدكتورة ساجدة مزبان حسن ورقة بحثية بعنوان (الالفاظ المعاصرة بين الحاجة التداولية والاغراق المعجمي) .
وفي قاعة الدكتور علي الوردي استكمل المؤتمر أعماله حيث قدمت ثلاث اوراق بحثية كانت الاولى للدكتور عبد العباس عبد الجاسم الذي ادار الجلسة وقدم ورقة بحثية بعنوان ( اللغة العربية وجدلية التراث والحداثة) وقدمت ورقة بحثية اخرى بعنوان (اللسانيات الوظيفية في التراث العربي) قدمها الدكتور خالد خليل هويدي . كما قدم الدكتور خالد حميد صبري ورقة بعنوان( الملامح النصية في التراث العربي) ،
وهكذا نجد ان فعاليات الاحتفال بيوم اللغة العربية طغت على الاجواء العامة في المشهد الثقافي لهذه الجمعة التي وافقت في 18/12/2015 حيث اقيمت ندوة بعنوان (مراحل تطور النقد العربي) حاضر فيها الدكتور علي حداد والناقد علوان السلمان وادار الندوة الروائي صادق الجمل . وفي قاعة مصطفى جواد بالمركز الثقافي البغدادي اقيمت ندوة بعنوان ( اللغة العربية في مصطلحات الباحث والمحقق مصطفى جواد) شارك فيها المحقق الباحث غازي الثابتي الشمري وادار الندوة محمود المحمداوي .
ندوة اخرى بعنوان ( الفن واللغة العربية) اقيمت في قاعة الف ليلة وليلة شارك فيها الفنان الممثل طلال هادي ونخبة من ممثلي مسلسل(احلى الكلام) المعني باللغة العربية . ومن النشاطات الفنية بالمناسبة اقيم معرض حول اللغة العربية من قبل مركز العلا للتدريب والتنمية . واقام تجمع الشباب الواعي وهو منظمة مجتمع مدني حملات شبابية منوعة حول اللغة العربية بيوم عرسها ، واقيم ايضا معرض للخط والزخرفة اقامته منظمة هواجس .
حيا الله لغتنا العربية التي حباها واكرمها عز وجل واعزها بالقران الكريم الكريم .. حمداً وشكراً لك يا رب ان جعلت لغتنا اجمل اللغات وابهاها.