مصابيح الضوء الثلاثة الأحمر والاصفر والاخضر ( الترفك لايت )، اشارات السماح للسير والتوقف بين رصيفي أي شارع في العالم .
الترفك لايت من التنظيمات الحضارية التي تفتخر بدقتها ونظامها وعلاقتها بالحفاظ على حياة البشر في جميع البلدان المتحضرة وخصوصا مدن الغرب المتحضر .
أما في العراق فالمكان مباح لكل من هب ودب ، ويكاد يتحول المكان الذي تنتصب قربه اعمدة الترفك لايت الى سوبر ماركت للباعة المتجولين . اذ يبيعون المياه المدنية والمشروبات الغازية ومناديل الصحة والحلويات والسكائر ، وقرب المنتديات الليلية في الكرادة يبيع بعض الشباب ( قواطي ) البيرة البافارية لمن يريد أن يسقي ظمأ روحه بمنكر ماء الشعير الأصفر.
ويضاف الى هذا العالم المزدحم والغريب النساء والاطفال الذين بضاعتهم مد الايدي والتسول ( الكدية ) وقد انشطرت هذه المكونات الصغيرة الى مجتمعات ومنظمات ودوائر خفية تشبه تماما حكاية ( زيطة ) صانع العاهات في رواية نجيب محفظ الشهيرة ( زقاق المدق ) أو تلك التي جسد شخصيته عادل امام في فيلمه الكوميدي ( المتسول ) .
نمتْ هذه الظاهرة واتسعت بعد 2003 بشكل مخيف .وبعد الصراع الداخلي في سوريا اضيف الى متسولي الترفك لايت العراقيين قوافل من المتسولات السوريات مع اطفالهن، وبإمكان أي سائق سيارة يعرف من خلال نطق كلمة ( يا الله من مال الله ) نوع اللهجة إن كانت سورية او عراقية.
بعض النزوح الهائل من الموصل ومناطقها والانبار بسبب احتلال داعش الارهابي لتلك المناطق واتساع الهجرة الداخلية داخل الوطن .اتسعت ظهرت التسول قبل الترفك لايت لترى فيها صورة الضياع والتفكك المجتمعي وحساب لم يكن للظاهرة الاجتماعية العراقية ان تتخيله ان يقف طفل او امرأة من تلعفر او الموصل أو الفلوجة او الرمادي او تلكيف لتتسول قرب اعمدة الاشارات الضوئية .
تفرك لايت ( يا الله ) الصورة المؤلمة للواقع التي تعجز الحكومة عن ايجاد الحد المناسب له من خلال الاهتمام بالمهجرين وتحسين اوضاعهم .
وإلا فأن اعمدة الترفك لايت ( يالله ) ستدفعها كلمة الله لتتحول الى قنابل موقوتة خطيرة.