23 نوفمبر، 2024 6:51 ص
Search
Close this search box.

تركيا تريد بعضا من كعكة ثاني اكبر مدن العراق

تركيا تريد بعضا من كعكة ثاني اكبر مدن العراق

فلاديمير فان ويلغينبيرغ “بزنس انسايدر”
واشنطن-بعد سنوات من بناء العلاقات مع محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي الذي استبدلته بغداد لاحقا، فقدت تركيا نفوذها في الموصل حينما سقطت الاخيرة بيد تنظيم داعش الارهابي شهر حزيران من العام الماضي. اما الان، فأن تركيا تخطط لملئ الفراغ عبر اقحام نفسها في العمليات المستقبلية ضد تنظيم داعش في الموصل.

ففي الـ4 من كانون الاول الجاري، وصل 150 من الجنود الاتراك المجهزين بمعدات ثقيلة، وصلوا الى بعشيقة التي تقع على مشارف الموصل، وهو ما تم على الاغلب بمباركة حكومة اقليم كردستان العراق.

وقد قالت تركيا ان 25 دبابة مع 150 جنديا تركيا متمركزون في العراق بغية حماية عسكريين اتراك منتشرين في هذا البلد.

لكن هذه الخطوة التركية كان لها ان اثارت موجة من الاحتجاجات الغاضبة في بغداد التي اعترضت بشدة الى جانب معارضة من طرف الحكومة الايرانية وكبار زعماء الحشد الشعبي العراقي وحزب العمال الكردي الذي يحارب الجيش التركي في مناطق جنوب شرق تركيا على وجه الخصوص.

وكان هادي العامري الذي يعد احد ابرز قادة الحشد الشعبي العراقي قد صرح في مؤتمر صحفي في العراق مؤخرا “اننا نقول للاتراك انكم لستم اقوى من الاميركيين. لقد رحل الاميركيون تحت تأثير الضغط، ولسوف ترحلون انتم كذلك تحت تأثير الضغط ايضا. واذا ما جئتم بالدبابات، فأننا سنحطم هذه الدبابات فوق رؤوسكم”.

من جانبها، وبعد تصاعد حدة ونبرة الاحتجاجات العراقية، قالت الحكومة التركية انها سحبت بعضا من قواتها الموجودة في احد المعسكرات قرب الموصل نحو قاعدة عسكرية في باماراني الواقعة في محافظة دهوك العراقية الكردية. غير ان الاتراك لم يرحلوا عن التراب العراقي كليا لغاية الان.

عن هذا الموضوع، يقول السيد ايدين سيلجين، والذي خدم كقنصل عام لتركيا في اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق، يقول معلقا “لقد تلقت قوات البيشمركة الكردية تدريبات على يد الجيش التركي في دهوك واربيل وديانا كذلك”. واضاف كذلك “اما فيما يخص بعشيقة التي تبعد 20 كيلومترا شمالي الموصل، فأن هنالك ما يناهز الـ80 جنديا من افراد القوات الخاصة التركية يعملون على تدريب قوة مكونة اساسا من السنة العرب اضافة الى بعض التركمان والبيشمركة منذ ما يقرب من العام”.

كما اضاف كذلك “ان قوة من افراد العمليات الخاصة ارسلت مدعومة بـ25 دبابة من نوع M-60 A3 الى هناك، ليصل عديد القوات العسكرية التركية هناك الى 600 شخص”.

لكن سيلجين استدرك بالقول “ان حجم هذه القوة ليس كافيا للقيام بعمل هجومي، الا انه دليل آخر على ان تركيا تحركت بطريقة احادية لتحول معسكر تدريب مؤقت في بعشيقة، تحوله الى قاعدة امامية دائمة”.

واضاف كذلك “حتى لو تم سحب نصف القوة العسكرية التركية الموجودة في بعشيقة حاليا الى مكان آخر في دهوك، فأن مشهد العملية بمجملها سياسي اكثر منه لعبة تغيير مواقف عسكرية وحسب”.

من جانب آخر، كانت الحركة التركية في العراق جزءا من الرد على التدخل الروسي في سوريا الذي انهى بدوره خطط تركيا لانشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، هذا التدخل الروسي الذي يمكن له ان يعرض مستقبل نفوذ تركيا في محافظتي ادلب وحلب للخطر.

فبعد ان عمدت تركيا الى اسقاط طائرة السوخوي-24 الروسية يوم الـ24 من تشرين الثاني الماضي، ردت تركيا بقصف قوافل صهاريج تعبر منطقتي عزاز وباب السلامة السوريتين على الحدود التركية، الامر الذي اضعف بدوره من وضع المتمردين السوريين المدعومين من تركيا.

لذلك، بقي العراق كواحد من القلة القليلة المتبقية من الدول التي يمكن لتركيا ان تعمد الى زيادة نفوذها فيه.

كان للخطوة التركية الاخيرة ان زادت مخاوف العراقيين من مطامع تركية في نينوى، لاسيما ان تركيا معتادة على اعتبار هذه المنطقة الغنية بالنفط جزءا منها حسب الميثاق الوطني التركي. لكن تركيا فقدت الموصل عام 1926 حينما قرر البريطانيون ضم هذا الجزء الى العراق.

وحسب مصدر حكومي عراقي رسمي رفض الكشف عن هويته انه قال “ان تركيا تسعى لملئ الفراغ عبر خلق موطئ قدم ونفوذ لها من خلال عملية تحرير الموصل ومشروع السلطة والقوة في العراق، وذلك ما بعد فقدانها لمصادر القوة والنفوذ في مناطق اخرى”.

بعد نشر القوات التركية، استقبل المسؤولون الاتراك رئيس اقليم كردستان العراق بعلم كردي في انقرة في الـ9 من كانون الاول الجاري. ومن اللافت ان العلم الكردي كان يغيب دائما اثناء زيارات البارزاني لتركيا.

وفي الوقت الذي تبحث فيه تركيا عن بدير للغاز الروسي الى جانب بحثها عن حلفاء في المنطقة، فأن البارزاني يبحث عن دعم تركي لكردستان مستقلة. لذلك، يعمد البارزاني الى زيارة دول الخليج كذلك. في مقابل ذلك، لطالما اعربت ايران، وعبر مواقف ومناسبات عديدة، عن رفضها ومعارضتها لاستقلال الاكراد عن العراق.

في هذا السياق، نشرت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية مقالا عن زيارة البارزاني تضمن اهانة له، حيث وصفته بكونه عبارة عن شخص يرتدي ملابس كردية، وذلك في اشارة منه الى زيارة الاخيرة لدولة الامارات العربية المتحدة والمملكة السعودية وتركيا، والتي وصفتها بالمثيرة للجدل، فضلا عن تشكيكها بوضع البارزاني الرآسي الحالي. وكان لهذه الملاحظات ان اثارت موجة غضب في صفوف الاكراد، وذلك قبل ان يتم حذف المقال لاحقا.

من جانب آخر، تقاربت الحكومة العراقية بتحالف وثيق مع طهران اثر تقدم تنظيم داعش منذ صيف العام 2014 فضلا عن حيثيات هذا التقارب اثر الحرب الاهلية السورية المستمرة منذ ما يقرب من 5 سنوات.

يقول السيد فيصل الاسترابادي، وهو سفير عراقي سابق لدى منظمة الامم المتحدة فضلا عن كونه مديرا لمركز الشرق الاوسط في جامعة انديانا، يقول عن هذا الموضوع معلقا “عبر تقاربها الوثيق مع طهران، فأن بغداد دفعت بذلك كلا من انقرة واربيل للتقارب فيما بينهما، الامر الذي يهدد، حسب رؤيتي الشخصية، وحدة البلاد”.

واضاف الاسترابادي قائلا “من الواضح ان هنالك ضغوطا اخرى على وحدة البلاد لا ترتبط بتركيا بالضرورة، غير ان قراءة بغداد لعلاقة اقرب واقوى ما بين تركيا وحكومة اقليم كردستان العراق انما تخلص الى انها لعبة خطرة على حكومة بغداد التي تكافح بشدة وصعوبة من اجل حماية وحدة وسلامة العراق ككل”.

واضاف كذلك “من جانب آخر، فأن تركيا كانت ولا تزال تلعب دورا مزدوجا فيما بخص داعش، فضلا عن ان هذا الدور يتجاوز حجم تركيا نفسها بكل المقاييس”.

يعتقد الصحفي الكردي عبد الله هاويز من اربيل، يعتقد ان نشر قوات انقرة في شمال العراق انما يؤشر لبداية تغيير جديد في السياسة التركية.

ويقول هاويز معلقا “ان سياسة تركيا الجديدة باتت اكثر تدخلا وثباتا. ان الموصل، على النقيض من الرمادي وتكريت، تمثل مكانا على قدر عال من الاهمية بالنسبة لتركيا التي تعتبرها جزءا من مجال نفوذها”. ويضيف كذلك “لهذا السبب، لا تريد تركيا رؤية اي يد لإيران في امر استعادة المدينة من براثن التنظيم المتطرف”.

كما اضاف هاويز ايضا “ان تورط تركيا في عمليات الموصل يهدف يشكل اساسي الى منع ايران من الانخراط في الهجوم على المدينة. كما ان سبب معارضة بغداد وطهران

لهذا التورط التركي يتمثل في ان مجمل الانتشار العسكري التركي مبني على معارضة ومناهضة النفوذ الايراني المقابل، الامر الذي يعني ان ايران ستعارضه بكل تأكيد”.

ولا شك ان الخطوة التركية العسكرية سيكون لها تبعات وتأثيرات سياسية على العلاقات التركية-العراقية، فضلا عن انها ستحسن من علاقات حكومة الاقليم مع انقرة بحكم الخلاف ما بين الاقليم وبغداد. ويقول هاويز معلقا “ان حكومة اقليم كردستان تستضيف القوات التركية وتتلقى التدريب والدعم من تركيا”.

واضاف كذلك “ان هذا الوضع قد يدفع الحكومة العراقية لتتقارب اكثر مع طهران وروسيا لاسيما ان الولايات المتحدة قد لا يكون بمقدورها فعل شيء ضد الموقف التركي كون الاثنين عضوان في حلف الناتو”. وبرغم انسحاب قوات تركية من بعشيقة، الا ان رئيس مجلس الوزراء العراقي كرر يوم الثلاثاء الماضي دعوته لتركيا للاستجابة لمطالب العراق والانسحاب كليا من اراضي بلاده واحترام سيادته الوطنية.

لكن تركيا تقول من جانبها ان وجود قواتها على الارض العراقية لا يشكل اي تهديد لسيادة هذا البلد.

وفي هذا السياق، ورد عن رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو تصريحه لوسائل اعلام يوم الثلاثاء الماضي عن هذا الموضوع قال فيه “اننا ندافع عن وحدة اراضي العراق وسلامته اكثر من اي طرف آخر، وبقدر التزام تركيا المبدئي بالوقوف ضد الارهاب ومحاربته الذي لا يرقى اليه شك”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات