اليوم وفي الجمعة الأولى التي توافقت مع اليوم الأول من العام الجديد 2016 كانت خطبة الجمعة من كربلاء وعلى لسان الشيخ عبد المهدي الكربلائي وهو ممثلاً عن المرجعية العليا في النجف قالها بوضوح تمنيناه منذ سنوات . قال وهو يمثل رأي المرجعية أن السياسات التي انتهجتها الحكومات كانت سبباً رئيسياً في انتاج داعش والفكر المتطرف في العراق وطالب الأحزاب الحاكمة بضرورة تغيير سياساتها والتوجه الى ما سماه الحكم الرشيد . هذا الرأي معروف لدى عامة الناس وهو معلن لدى العديد من الفعاليات المدنية والناشطين والمؤمنين بالعراق كوطن واحد غير قابل للتقسيم .
اليوم المرجعية الدينية أعطت جرعة شجاعة للمتخوفين من مواجهة تلك الأحزاب التي حكمت ولازالت تحكم العراق بطرق ظالمة ومتعجرفة ومنحرفة فتسببت بضياع مستقبل العراق بعد أن خطفت حاضره وحولته الى ركام يصعب العيش فيه .
أغلب العراقيين يعرفون السياسات القمعية التي كانت تنتهجها حكومة المالكي في مناطق الأنبار والموصل وصلاح الدين والتي استفحلت فكان من نتاجها نشوء حالة من كرة للأجهزة الأمنية في تلك المحافظات وصلت ذروتها عندما كانت الأعتقالات العشوائية تشتد فضلاً عن أعتقال ذوي المطلوبين في حال عدم تواجدهم وسياسات الأبتزاز التي كانت واضحة . ناهيك عن التهميش الواضح لمجتمعات تلك المحافظات . وبرغم كل الأصوات المبحوحة التي تتهم تلك المناطق بالقول على انها مناطق ارهابية نشير الى ان الظلم يولد ردود افعال مختلفة كما ان من نتاج الظلم والقمع أن يكون المظلوم حاظنة للفكر المضاد وبالنتيجة انتعش الفكر الداعشي مع ملاحظة ان القاعدة التي كانت متواجدة حتى العام 2007 كانت قد انهزمت على يد ابناء تلك المناطق من خلال فعاليات ما سمي في ذلك الوقت بالصحوات ولذلك ليس من حق أي أحد ان يزايد ابناء المناطق الغربية على مواجهتهم للقاعدة والتطرف . لكن سياسة حكومة المالكي الثانية كانت كارثية وقد جائت بالويلات على العراق من شماله الى جنوبه ومن يقول بعكس ذلك انما هو أعور لايرى ألا بعين التملق والنفاق .
المرجعية الدينية التي تطالب الأحزاب بالحكم الرشيد تعلن صراحة على ان الحكم في العراق في ظل تلك الأحزاب باطل وغير رشيد وقد تسبب بكوارث لايمكن لشعب في العالم ان يتحمله لذلك علينا من الآن ان نذكر تلك الأحزاب الحاكمة من ان تصحيح مساراتها يقتضي أعادة الأموال التي نهبت وأطلاق سراح السجناء من خلال العفو العام بعد ان كشفت لعبة المخبر السري باستثناء جرائم القتل المرتبطة بعمل سياسي او تنظيمي تخريبي او طائفي وأحالة وزراء الحكومات السابقة الى المحاكم لما أقترفته سياساتهم من ضرر كبير على الشعب بالأضافة الى أحالة كل القيادات العسكرية التي قمعت وابتزت المواطن وباعت الأرض الى المحاكم العسكرية بتهمة الخيانة العظمى وأبعاد كل الوجوه التي شاركت في أدارة الوزارات والمؤسسات من درجة مدير قسم صعوداً وأحالتهم الى التقاعد وتصحيح فقرات الدستور بما يحرم الطائفية والمحاصصة ويمنع هدر الثروات النفطية وغيرها من ثروات البلد . هذه اهم النقاط المستعجلة التي ينبغي القيام بها قبل ان يأتي الطوفان فأن العراق الذي افلست خزائنه الأحزاب الحاكمة يغلي ولايمكن معالجة مشاكله الا بطرق تبعد كل من شارك في عملية تخريبه .
كفى قتل . كفى تجويع . كفى احتكار وتهميش . كفى قمع واضطهاد . فالمرجعية الدينية اليوم تدق ناقوس الخطر الحقيقي ومن الممكن البناء على توجهاتها للتغيير الجذري قبل الأنهيار … والله من وراء القصد ..