أختفى المرشد الشيعي اللبناني موسى الصدر اثناء مغادرته مطار طرابلس الى مطار روما بعد زيارة قصيرة الى ليبيا ، واصبحت هذه القضية واحدة من الغاز القضاء والتفسير عدا جانبها التحليلي الكبير والمنطقي من أن الرئيس القذافي لسبب ما قام بتصفية السيد الصدر ومن معه. وبات الجميع يعرف كل هذا ، ومرة صحفي أبطالي كان على موعد لقاء مع القذافي في خيمته بصحراء ليبيا وشعر القذافي ان من بين اسئلة الصحفي ما يخص اختفاء السيد الصدر فقال لمرافقه :قل لهذا الصحفي يسأل هذا السؤال ما ليش عدنه غير اجور الفندق والمأكل إبتاعه. واذا يتركه له عدنه سيارة مرسيدس.
ترك الصحفي السؤال وهو يعرف تماما ان القذافي اجابه على سؤاله .بأن امر اختفاء السيد يحرجه تماما.
أضع هذه المقدمة للحديث عن قضية اعتقال اصغر ابناء القذافي من ( هينبعل ) في بيروت على حيثيات تلك الحادثة ، وبالرغم ان وقت اختطاف السيد الصدر 1978كان عمره هينبعل ( سنتان ) وفي منطق الزمن هو وقتها كان طفلا ولايعيَّ إلا أن القضاء اللبناني يقول يتحمل الابن وزر ذنب ابيه بالتقادم العمري ، أي ان هينبعل الان هو واحد من اطراف الاتهام.
تحميل الابن ذنب اقترفه الاب هو متوارث في ظاهرة الثأر القبلي وفي مجتمعات اغلبها شرقية ، وهي جزء تفاعلات المشهد الاجتماعي والحضاري للثقافة العربية التي صنعها الطغاة والاباطرة والسلاطين بشيء من تخليد المكان ( عمارة وعلما وحروبا ).
ولهذا فأن هينبعل ( الطفل ) عليه ان يضع اجابات للغز اختفاء السيد واظن انه لا يملك شيئا يفيد القضاء بهذا ، لان حتى في شبابه كان طائشا ودون جوانا وصاحب ليالي حمراء ، فمن اين يجيء له الدافع ليسأل عن مسألة مجرد السؤال عنها تجعل القذافي يرميه من على سطح يخته.
توريث الابن وفق هذا المنظور اعكسه على هذا النشئ الجديد في العراق من اطفال ولدوا من ابناء مشمولين بقانون المساءلة والعدالة ، حيث يؤثر عزل المشمول في بعض الانشطة والفعاليات المجتمعية على احساس الابن ونفسيته وتفاعله مع المجتمع بالرغم من ان الابن لم يكن له دور في ان ابيه كان وزيرا او عضو فرع او شعبه.
ينبغي لنا ان نحل الاشكالية بقانون ينهي كل ما يتخلف من ترسبات تحسس الولد الطفل أنه يبقى والى الأبد يتحمل ذنب اقترفه أبوه……!