24 ديسمبر، 2024 4:16 ص

الى الزميل راجي العوادي ، لاتهرف بما لاتعرف رجاء

الى الزميل راجي العوادي ، لاتهرف بما لاتعرف رجاء

إطلعنا على مقالكم المعنون ( الصلوات اليومية الخمس بثلاثة مواقيت .. ) المنشورة على موقع ( كتابات ) الأغر بتاريخ 16 / نيسان / الجاري ونود أن نبين بصدده مايأتي ، ولكن قبل أن أخوض بالتفاصيل أو أن أسأل جنابك الكريم عن المغزى من نشر المقال ، هل يندرج في سياق الدعوة الى الله حسب الطريقة التي تراها أم أنه موجه لفئة بعينها لزرع حالة من الشك بينهم ؟ .. صحيح أخي أن ماتعرفه عني مجرد كاتب ساخر يكتب بطريقة تختلف عن طرق بقية الزملاء في التعبير ، ولكن الذي لاتعرفه أني أحمل شهادة لايستهان بها في الفقه الاسلامي المقارن ، وقد درست كثيرا وأفنيت عمري في طلب العلم وواصلت الليل بالنهار لخدمة الدين بحالته الوسطى بعيدا عن الغلو والتطرف .. لذلك إليك هذا الرد ، لكني أرجوك أن لاتفرض شيئا من معتقداتك ( ايها العوادي الجميل ) على هم دونك من حيث الإطلاع والتبحر في علوم أراك لاتجيدها كما ينبغي ، وأحيطك علما أني وبكل تواضع ملم بالفقه ( الشيعي الإمامي ) من الفه الى يائه ، كما اود أن أؤكد لجنابك الكريم أن المذهب ( الشيعي ) يتمترس خلف المراجع ولاعلاقة له بالذين هم أسمى وأعلى درجة ، وإليك الرد على ماذكرته من أن الصلوات هي ثلاث وليست خمس كما جاء في مقالك آنف الذكر :

الحمد لله وكفى ، والصلاة والسلام على سيدنا المصطفى ، وعباده الذين إصطفى

فإن أعظم أركان الدين العملية على الإطلاق الصلاة ، فمن أقامها أقام الدين ، ومن هدمها هدم الدين ؛ لأنها عموده كما صح عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم . وقد امر الله تعالى بالمحافظة عليها فقال : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) البقرة : 238 .

إن الإقتصار على ثلاثة أوقات أقل مافيه أنه يدع المسلم في شك من صحة أداء أعظم أعمال الدين مهما كانت درجة هذا الشك . أما تفريق الصلوات على أوقاتها الخمسة فأنه يقطع هذا الشك ويبعث في النفس الطمأنينة والإرتياح

– آية الإسراء ( أقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) – 78 .

لذا فإن الاشتباه في ( الآية ) هو حرف الجر ( إلى ) الذي فسروه بمعنى حرف العطف ( الواو ) ! مع إختلافهما لفظا ومعنى . فإن ( إلى ) حرف جر يفيد معرفة الغاية وانتهائها ؛ تقول : (( داومت في الدائرة من اليوم الأول ( الى ) اليوم الثلاثين )) .. فإن التعبير بـ : ( إلى ) أفادنا بأنك داومت أياما عديدة لا يومين فقط .! أما إذا قلت : داومت اليوم الاول ( و ) اليوم الثلاثين فقد جئت بحرف العطف ( الواو ) بدل حرف الجر ( إلى ) فإن المعنى بهذا الحرف يقلب المعنى تماما ويجعل عدد الأيام يومين فقط هما اليوم الاول واليوم الثلاثون . بينما عدد أيام الدوام في المثال الأول أكثر من إثنين ، على إن العبارة لم تحدد عدد الأيام ، وإنما حددت الوقت المستغرق للدوام إبتداءً وإنتهاءً ، أما عدد الأيام بين البداية ( اليوم الاول ) والنهاية ( اليوم الثلاثين ) فلا يمكن معرفته بالضبط إلا بالرجوع الى نظام الدائرة الذي به يعرف الموظف أيام العمل وأيام الإستراحة وأيام العطل . فأن كان النظام يقضي بأن يكون الدوام بين يوم وآخر فأن عددها خمسة عشر . وإن كان الدوام يوميا – عدا يوم الجمعة – فأن العدد سيكون حوالي ستة وعشرين يوما .. وهكذا .

الآية حددت الوقت ولم تعين العدد

إن التركيب اللفظي للآية لايدل على عدد الأوقات وإنما يحدد الوقت الكلي إبتداءً وإنتهاءً ، اما الذي عيّن عدد اوقات الصلوات مابين الدلوك إلى الغسق ، وجعلها أربعة ، فنصوص أخرى من كتا ب الله تعالى وسنة رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – .

لماذا أختلف التعبير في الموضعين ؟

إن التعبير بحرف العطف (الواو) يدل على أن الوقت المعطوف وقت واحد لا أكثر، وأنه لا صلاة مفروضة بين الغسق إلى الفجر لأنه لو قال : (إلى قرآن الفجر) لكان اللفظ دالاً على وجود صلوات مفروضة بين العشاء والفجر. لكنه لما لم يكن شيء من ذلك بين هذين الوقتين جاء بحرف العطف (الواو) فقال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) ولم يقل : (إلى قرآن الفجر)، فتبين أن المتبقي صلاة واحدة عند الفجر فقط .. وهذا هو السر في انه في المرة الأولى جاء بحرف الجر ( إلى ) ، بينما في المرة الأخرى جاء بحرف العطف ( الواو ) .

الآية دليل على الإفراد وليس الجمع :

ومع هذا فأن المتدبر للآية يجدها دالة على إفراد الصلوات ، كل صلاة في وقت ، وليس فيها دلالة على الجمع ، فإن الله يقول : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) وغسق الليل شدته وظلمته ، والغاسق : الليل المظلم ؛ قال تعالى : ( ومن شر غاسق إذا وقب ) .. وهذا يعني أن الله سبحانه أوجب على المسلم أن تكون نهاية أقامته للصلوات في كل يوم عند إشتداد الظلمة الليل ( الغسق ) ، أي إن آخر صلاة – وهي العشاء – يجب أن تؤدى عند الغسق لاقبله .

توقيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه

تأمل هذا التوقيت أستاذ العوادي كما جاء في نهج البلاغة : (( أما بعد فصلوا بالناس الظهر حتى تفئ الشمس من مربض العنز ، وصلوا بهم العصر والشمس بيضاء حية في عضو من النهار حين يسار فيها فرسخان ، وصلوا بهم المغرب حين يفطر الصائم ويدفع الحاج ، وصلوا بهم العشاء حين يتوارى الشفق الى ثلث الليل ، وصلوا بهم الغداة والرجل يعرف وجه صاحبه .. هذا بيان وتفصيل لالبس فيه لأوقات الصلوات الخمس ، كل صلاة في وقت محدد ومنفصل عن الصلاة الأخرى .

يحتج الكثير ممن يجيزون الجمع الدائم بين الصلوات بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين الصلوات في السفر والمرض والمطر والبرد الشديد أو القتال ، وكذلك فعل علي – رضي الله عنه – ، ويجعل ذلك عذرا في الاستمرار على الجمع في كل الأحوال .! ولكن لابأس في الجمع بين الصلاتين في مثل هذه الحالات الاستثنائية على أن لاتتخذ كعادة ..

أدلة الشيعة الإمامية

——————–

روى شيخ الطائفة الطوسي بكتابه الإستبصار ج1 ص 145 مانصه : (( عن ابي عبد الله عليه السلام قال : من صلى في غير وقت الصلاة فلا صلاة له )) وانظر ايضا نفس المصدر ج1 ص 149 .. وهناك الكثير من الأحاديث التي تؤكد أفضلية الصلواة الخمس كل في وقتها .. ومما يظهر لي ولغيري إن الطريقة التي يتبعها البعض في جمع الصلوات هي طريقة الكسالى فقط وأنهم يسيرون خلف المراجع ويضربون أقوال الأئمة عرض الحائط ، لذا تجد فيهم التوسع في الملذات والتضييق في العبادات ، ومن أمثلة ذلك التمسك العجيب بالزواج المنقطع ( المتعة ) بدليل واه من آية متشابهة ، والتمسك الأعجب بالخمس دون الزكاة ـ لأن الخمس 20 % تذهب الى جيوب المعممين أما الزكاة فما هي سوى 5ر2% مما يعني أن هذه النسبة الضئيلة لاتسد نهم المعممين .

ختاما استاذ راجي المحترم ، لم أورد أي دليل من كتب ( السنة ) كي لا أتهم بالتهم الجاهزة وأكتفيت بكتاب الله وكتب الشيعة ، علما عني آثرت الإختصار على الإطالة ليس ضعفا مني أو جهلا لكن تجنبا للإطالة .

كنت آمل أن لاتخوض في مثل هذه الأمور واتركها لذوي الأختصاص ، ولا تجعلوا منبر ( كتابات ) مكانا للعنتريات فيما ليس لكم به علم أو دراية .. تقبل مني أزكى التحيات وأرجو أن تتفهم حقي في الرد ، وأعتذر لو كنت فظا بعض الشئ لكنها حمية لله ولرسوله وللمؤمنين .. وشكرا لكم ..