في إدارة المعارك الإيرانية المتنقلة في الشرق القديم ، كان الجهد الإعلامي الحربي منصبا على تلميع وتأسيس أسطورة قائد ما يسمى بـ»فيلق القدس» للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي يمتلك أبناء وأتباعاً مخلصين من رعاياه في لبنان والعراق والشام، فأخبار هذا «السردار» الحرسي قد ملأت الدنيا وشغلت الناس في الشرق ، إذ حاولت ماكينة الدعاية الإيرانية وغلمانها في العراق من أهل ماكينة الإعلام الطائفي في العراق تحديدا تصوير قاسم سليماني بقدرات أسطورية ومميزات «جيمس بوندية» ، فهو يقاتل في تكريت وهيت وبيجي والرمادي وحمص وحلب ودرعا. وحتى في جبال اليمن بمواصفات خيالية محض.
وهو القائد الذي لايقهر، رغم أنه يقود جموع الحشد الشعبي التي تكبدت آلاف الضحايا ولم تستطع التقدم سنتمتر على الأرض من دون الدعم الجوي للشيطان الأكبر «الأميركي»،.. وهنا تكمن المفارقة المثيرة للسخرية والتأمل، ورغم أن السردار كان حريصا على التواجد في غرفة العمليات الميليشياوية التي يشرف من خلالها على خلايا وفروع أتباعه من المنخرطين في مشروع الحرس الثوري في العالم العربي، وهو ما تحقق عبر جماعة الحشد الشعبي الذي ضم عصابات «بدر» الطائفية الإرهابية وعصابات «العصائب» وكتائب «حزب الله» ومنظمات وجماعات طائفية أخرى، إلا أنه كان يتنقل بين الساحتين السورية والعراقية بشكل مستمر، وتحت الغطاء الجوي لدول التحالف الغربية، رغم أن الإدارة الأميركية كانت قد وضعت إسم سليماني على قوائم الممنوعين من السفر للخارج لتورط جهازه الحرسي في أعمال إرهابية دولية، إلا أنه لم يبال بذلك الحظر، وكان يتحرك أمام كاميرات الإعلام الإيراني باستمرار ويرسل الرسائل، ويجتمع بالعساكر وقادة الميليشيات ويدعوهم للثبات! وقد حرص خلال جولاته وصولاته في الساحتين العراقية والسورية على إلتقاط أكبر عدد ممكن من الصور مع أذنابه وأتباعه خصوصا مع الإرهابي أبو مهدي المهندس والإرهابي قيس الخزعلي والإرهابي هادي العامري وغيرهم، كما أنه ساهم في تشييع رفاقه من كبار ضباط الحرس الثوري الذين سقطوا في معارك الشام والعراق من أمثال اللواء حسين همداني وغيره المئات!، إلا أن سليماني قد انقطعت أخباره أخيراً وغاب عن الساحة الإعلامية بالكامل بعد أن تردد كثيرا، وتأكد خبر إصابته بصاروخ في معارك ريف حلب الجنوبي على يد عناصر الجيش السوري الحر، وحيث تسربت أنباء من مصادر إيرانية حرسية عن تعرضه لإصابات خطرة في الرأس نقل بعدها للعلاج في مستشفى للحرس الثوري في طهران ، ثم تعزز أو تأكد نبأ إصابته الخطرة مع غيابه عن حضور احتفال في جامعة «بهشتي» الإيرانية وكان مقررا أن يلقي خطابا فيه، وهو الأمر الذي لم يتم.
السردار المعجزة قد أصيب إذا، وليس في الأمر عجب، خصوصا إن عشرات من كبار قادة الحرس الثوري سقطوا في الجبهتين العراقية والسورية مع آلاف من أتباعهم أهل الميليشيات ، لكن الحرص الإيراني الرسمي على إخفاء أمر إصابته رغم تسرب أنبائها يوحي بالإنزعاج من تبدد الهالة الأسطورية التي حاول الإعلام الحربي الإيراني والطائفي إحاطته بها!
وإذا كان سليماني قد أصيب أو لم يصب فإن احتمال مصرعه في المعارك الساخنة في الجبهتين المشتعلتين تبقى واردة في أي لحظة، فالحرب ليست نزهة، والمشروع الإيراني التبشيري الإمبراطوري المعمم قد قدم آلاف الضحايا على مذبح تصدير الثورة وإقامة المجال الحيوي الإيراني الطموح في الشرق والخليج العربي!
سليماني مجرد بالون منفوخ من الأكاذيب وقوته أساسا دعائية، وتكمن في سطوة الأحزاب والجماعات الطائفية التي تتسيد الموقف في الشرق موقتا بطبيعة الحال لكونها مشاريع تدميرية وعدمية غير قابلة للحياة والتطور، وقاسم سليماني الذي بدأ حياته خبازا في مدينة قم لايمكن أن يدخل تاريخ الجنرالات إلا من خلال الدعايات الوهمية… إنه باختصار «ساخت إيران» أي صناعة إيرانية رديئة المستوى! ولن يتطاول لما هو أبعد من ذلك… من يحارب ثورات الشعوب الحرة سينتهي أبشع نهاية بعد أن يلعنه التاريخ… تلك هي الحقيقة!