لعل وقع العراق في قلب احداث العالم المتفجرة منذ 1980 حروبا، غزوات، حصارات و ابادة ليس مرده طمع العالم في احتياطاته من النفط وحده بل الاخطر منه بمرات: شموسه.
ان شمس العراق النازل لظاها عليه جحيما لعشرة شهور في السنة تكفي طاقتها لتحويله لـ بؤرة تولد كهرباء و محروقات نظيفة بلا حدود.
شمس العراق كفيلة بجعل العراق يسبح في فوائض كهرباء و محروقات نظيفة غير احفورية لا تغطيه وحده و انما تكفي شعوبا، الى ذلك الحد الذي يسمح بازدهار اقتصادي، زراعي، صناعي و بيئي يتخطى الاعجاز يؤدي حتما الى نمو السكان فيه عشرة اضعاف في بحر عقود قليلة.
هذا بالضبط ما لا يعجب العالم الذي فوض حروبا ضد العراق في الثلاثين عاما الماضية قسرت سكانه على النوم عند المغيب ظلمة.
من ناحية ثانية، توليد الكهرباء مركزيا في العراق انتهى عهده لا لان العراق يتفكك حسب بل لأن توليد الكهرباء مركزيا و توزيعها على قطر واسع المساحة كـ العراق هو اسلوب في التكنولوجيا فات عليه الزمن.
ذهبت تلك الايام التي تولد فيها الناصرية كهرباءا تستهلكها الرمادي، و كهرباء تولدها بيجي تستهلكها العمارة، او ان تعيش بغداد على كهرباء البصرة.
جاء اليوم الذي تولد زيونة كهرباءها بنفسها، و المنصور كهرباءها من اطرافها، و العامرية كهرباءها من على سطوحها – من طاقة الشمس، و هكذا احياء العراق كله.
منذ العام 2013 تضيف الصين سنويا قدرات توليدية للكهرباء من الطاقة الشمسية و المتجددة ما يزيد على احتياجات العراق و تقيه انقطاع الكهرباء المستمر عن سكانه، بلا توربينات و لا غاز و لا محطات تحويل و لا ابراج نقل طاقة و لا عقود مع جنرال اليكتريك، بل بمعدات من الواح و شمسية و ما شابه لا تصنف باكثر من “صناعات خفيفة”.
في الولايات المتحدة يستطيع 2100 فني مدرب تنصيب 700 ميغاواط في يوم واحد، بلا محطات غازية او ديزل و لا هم يحزنون بل بتقنيات تضمنها الشركات الصانعة للـ 25 سنة قادمة. كم 2100 مواطن عاطل عن العمل لا تتوفر له لقمة كريمة في العراق؟
لم لا يتبع العراق المسلك ذاته في تنمية كهرباءه الوطنية بينما حشد طويل عريض من دول العالم، من الامارات الى المغرب الى الهند و غيرها كثير اتخذت من ذات المنهج خطة و هدف يتحقق و تتصاعد عوائده طاقة نظيفة رخيصة كل يوم؟
انتاج الكهرباء الفعلي في العراق، حسب ارقام السيد كريم وحيد وزير الكهرباء الاسبق، هو الاوطأ بين الدول نسبة الى عدد السكان و المساحة، حيث لا يتعدى حوالي ربع ما تولده الكويت بينما يبلغ ما تولده الامارات اكثر من ستة او سبعة اضعافه.
الهرج و المرج و مئات الملايين من الدولارات المزمع دفعها لشركة جنرال اليكتريك الامريكية و مقاوليها بالباطن لاضافة 700 ميغاواط جديدة لقدراته التوليدية، بالكاد تكفي لتشغيل معمل كبير واحد في المانيا، و التى سوقت لها الصحافة و المواقع على الانترنيت على انها انجاز كبير، ما هي إلا ضحك على الذقون. ان 700 ميغاواط لن تزيد في الاسلام خردلة عند ساعات الذروة في صيف العراق و الانتاج الاساسي يكاد ان يكون معدوما.
افهمها، و لو انفق العراق مال الدنيا على توليد الكهرباء فلن تعمر الكهرباء فيه ابدا، ما دامت فيه احتياطات نفطية معتبرة للعالم عين عليها.
كهرباء عامرة في العراق تعني ان يستهلك العراقيون نفطا اكثر و اكثر من ابارهم حركة، نشاطا، تنمية، بينما النفط العراقي يريده النظام العالمي الجديد مكرسا للتصدير في جله.
هذا ناهيك عن ان العقول التي تدير ملف الكهرباء في العراق انما تديره بذهنية خبراء السبعينات، لم تسمع بـ بطاريات تسلا و لا محطات طاقة الشمس الحرارية في اسبانيا و المغرب، و لا وحدات عين الشمس من IBM و لا الالواح الشمسية الملائمة لشمس العراق الحارقة و لا شبكات التوزيع المنمنمة الذكية، و لا حتى تريد ان تسمع – بل همها عقود وهمية لاستيراد تكنولوجيات بالية و حيديد خردة كعقود السلاح تجنى من عمولاتها مئات الملايين من مال الشعب الحرام.
و ان تموز و آب لناظريهما لقريب.