18 ديسمبر، 2024 9:15 م

خلق الاعداء.. منهج الفاشلين

خلق الاعداء.. منهج الفاشلين

السياسي الفاشل يجد في خلق الاعداء واثارة العداوة وسيلة لتبرير فشله، وهو يخلط هنا متعمداً بين الخصومة السياسية واختلاف الرأي حيال القضايا المطروحة، فكل من لا يناصره بصبح مشروعاً للعداوة ومصدراً للتآمر، وهدفاً لنيران التشهير والتشكيك بالولاء للوطن.
وإذ كان هذا هو منهج صدام حسين وهو وراء حروبه العبثية مع جيران العراق وانتهى الى ما انتهى اليه، فان الاعتقاد كان وارداً بأن الساسة الجدد قد اخذوا عبرة من كلفْ هذا النهج العقيم والكارثي، وانهم سيدخلون العراق في مرحلة المصالحة مع نفسه وتطمين واحترام مواقف وعقائد ابنائه، ومع جيرانه والعالم، باعتبار ذلك من فروض الاستقرار واعادة البناء وبسط السلم الاهلي، لكن حسابات المتفائلين ارتدت للاسف، ويلاحظ ان الاصوات ترتفع بتبشيع الانفتاح على الدول المجاورة او على الفئات والشخصيات المعارضة او اصحاب المواقف والمطالب السياسية ويمتلئ الفضاء الاعلامي بالضجيج والتهديدات، ويتعرض رئيس الوزراء حيدر العبادي الى اشنع التوصيفات عندما يقوم بمسؤوليته الدستورية بالتعاطي مع دول نحمل على سياسات الحكومة او مع جماعات تتقاطع مع السياسات العامة.
ويزعم اصحاب اثارة العداوات والتخفي وراء خرافة مصلحة الشعب انهم حريصون على تطبيق القوانين وحماية الامن وفرض هيبة الدولة، وإن ذلك (كما يؤكدون) يثير معارضة الفئات السياسية و»المتجاوزين» وجماعات المصالح والدول التي تقف وراءها، ولا يحتاج المراقب الموضوعي الكثير من البحث والمعاينة ليكتشف هشاشة هذا التبرير، بل انه يكتشف بأن ثمة نهجاً يستهدف ارباك حكومة العبادي لتبييض صفحات الحكومات السابقة، في وقت احوج ما تكون، هذه الكابينة ورئيسها، الى بيئة سياسة مؤثثة بالثقة وحسن الظن، وهي تخوض حرب تحرير الاراضي المغتصبة من عصابات الارهاب.وبحسب المنطق، فانها ملتزمة، وملزمة، ان تسعى بكل الوسائل الى إطفاء العداوات من حولها، لا إضرامها.
ومن هذه الزاوية فان الحديث عن تطبيق القانون والتزام الدستور يسقطان في اول مشهد تظهر فيه هذه الجماعات المولعة باثارة وادامة العداوات، وهي تمزق القانون والدستور، وتعبر من فوقهما الى فرض اجواء متوترة تضر بالحرب الوطنية ضد داعش الارهابي.
الساسة الناجحون يعتمدون فن صناعة الاصدقاء لا خلق الاعداء. هكذا يقول المنطق.. أكرر: هكذا يقول المنطق.
***
سفيان الثوري:
«يأتي على الناس زمان تموت فيه القلوب وتحيى الأبدان».

نقلا عن الصباح الجديد