تكلمي ، قال لها عبرَ رأسه
-أنا كنتُ في مدريد .
هل كانت الريحُ خلفكِ أم بإتجاهكِ …؟
كانت ليلة حالكة ، أرعبتني ، لذلكَ لم أعر إنتباها للريح ،
كان الإرهاقُ واضحا على المائدة ،إذ تدلى عنق زجاجة الماء ، وتناثرت أعقابُ السَّكائر ، وأختفت ملامحُ ماتبقى من قهوته المعتادة ، وهي بنفس الوّقت كانت تداعب بحركات سريعة وغير متقنة تداعب إسوارتيها وتراقب بوتيرة منقطعة جرسَ المحطة ساخرة من نفسها بأن القطار الذي سيأتي لن ينقذها من دوامة أفكارها المضطربة إن وصل لمبتغاها أو لم يصل ،وبخشوع خفضت رأسها وقالت له:
عليكَ بالمغادرة
وعليّ بالإنتظار ،
قال عازف الكمان عبر كمانه
وما العيب في ذلك، ماالعيب
أنا مثلا جلبت الحظ الأسود لزوجتي ، ولوّحت للنار بالفأس، لوحت لها أمام الجمهور وهو يصفقون لي ويصرخون أن لا تبرد أصابعي، لذلك ياسيدتي سأعزف لك الكثير من أغاني الحب ،وعليكِ أن تسمحي لجيبك أن يخرج لي فرنكا واحداً قبل أن تقولي :
أغرب عن وجهي ،
وضع النادل أمامها قهوة بالكراميل ،
قالت له : ضعها على حافة الطاولة ، وأشعل لي لفافتي من جديد كي يمتلأ المكان بالدخان وبظلامه سأحاكي الزمن عبر الروائح الغامضة التي أشمها من ضباب الأمس ، سأسأل المخلوق من خارج المدينة :
ماذا فعلتَ بي ..؟
وقبل أن يغادر : تكلمي
– كنت في مدريد
وكان نغم موسيقي يأتي من جادة ( مين )ورائحة عطر من قبرص ،
وقرض قسري لليلة واحدة لجسد يريد من ينقب فيه عن إسطورة المرأة التي لم تلد من المضاجعة ،لذلك أخرجت محفظتها ونادت على العازف ،