بعد مرور اكثر من ثلاثة عقود من الحكم الدكتاتوري الشمولي واختفاء الأفكار والبرامج الهادفة والدراسات الناهضة لهذه الشريحة المهمة في المجتمع والتي حلت محلها المأسي والمعانات ، واعقبتها ظروف غير مستقرة شهده العراق بعد الغزو الأمريكي وغزو ثقافة العنف المستوردة مع الثقافات الأخرى البعيدة عن واقع المجتمع والتي أضرت كثيراً بثقافة الطفل النفسية ،الان أصبحت الحاجة ملحة الى ثقافة جديدة تطوي صفحة الماضي وتعالج جروح الأيام وتبني ثقافة مناسبة لهم . أن الازمات كلفت الأطفال العراقيين حياتهم وأن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث بهدف التعرف على الأسباب وإيجاد العلاج. وحتى يحصل ذلك فإن الأسئلة ستبقى تدور في أذهان الكثيرين حول تأثيرات الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق .
في البلدان المتطورة يعد الاطفال الاستثمار الحقيقي والمستقبلي ويعدون الثروة الحقيقية في أي مجتمع من المجتمعات لأنهم قادته في المستقبل ولذلك تبذل الحكومات كل مافي وسعها من اجل إعدادهم الإعداد الصحيح و التي تسعى بشتى الوسائل والطرق لتوفير الاجواء الامنة والجيدة لتربية الاطفال من تعليم وتوفير الطرق الصحية في التعامل مع الاطفال ، لكن ما يمر به العراق من ظروف صعبة تتوالى عليه وتشتد كل سنة اصبح الطفل العراقي بين نارين بين الظروف المعاشية الصعبة لكثير من العوائل وبين الاوضاع الامنية التي اخذت المعيلين لكثير من الاطفال والتوعية الصحيحة للأطفال .عكس العراق حيث تصاعد ظاهرة العنف ضدّ الأطفال بأشكاله المختلفة انتجت عنها ازمات عديدة في المجتمع العراقي، منها ظهور أجيال غير قادرة على أداء دور إيجابي في المجتمع، وارتفاع مستويات الأميّة والجهل بشكل مستمرّ واتساع مستويات الجريمة والعنف والتطرّف في داخل هذا المجتمع . ففي بيان من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة المساعدة (ينامي)، السيد يان كوبيش وممثل اليونيسيف في العراق، السيد بيتر هوكنز، جاء فيه أن الصراع المستمر في العراق قد أدى إلى الحاق خسائر فادحة في أرواح المواطنين الأكثر ضعفاً وهم الأطفال. ولا يُحصر الضحايا من هؤلاء الذين يُقتَلون في التفجيرات أو يفقدون آباءهم فيها، فثمّة أنواع أخرى من التهديدات التي تواجه أطفال العراق . هم المستهدفون الأوائل للعصابات الإجراميّة التي تخطفهم لتحصل على فديات من ذويهم، وكثيراً ما يتمّ قتلهم بسبب عدم قدرة أهلهم على توفير المبالغ المطلوبة منهم أو خوف الخاطفين من الوقوع في قبضة الشرطة. يُضاف إلى ذلك ازدياد حالات اغتصاب الأطفال في العراق، مع الإِشارة إلى أنه وفي أغلب الحالات يتمّ قتل هؤلاء الصغار بعد إتمام عمليات الإغتصاب. ولا شكّ أن المتابع سيدهش عندما يعلم أن حالات الاغتصاب وقتل الأطفال تطال من هم في سنّ الخامسة أو ما يقارب ذلك. وتشير معلومات منظمات حقوق الطفل الى ان تنظيم داعش الارهابي وتحدثت عن حالات غريبة ممنهجة قتل فيها التنظيم الاطفال من الاقليات الدينية العرقية، بما في ذلك عدد من حالات الإعدام الجماعي لصبية وكذلك تحدثت تقارير عن قطع رؤوس وصلب وحرق أطفال أحياء . تنظيم داعش متورط ومُدان في تجنيد الأطفال. وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع طفلين عراقيين، كانا قد فرّا من منشأة تدريب لـ داعش في العراق، وذكر التقديرإلإ إن التنظيم درّب بضع المئات من الصبية الصغار في سن 14 بعد إبعادهم عن أهلهم . ولايبالي با استخدم الأولاد الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما في وظائف أو مهام عديدة، فهم إما يعدون لتنفيذ الهجمات الانتحارية أو يدربوا على صناعة القنابل والمتفجرات، وإما يستخدمون جواسيس لجلب المعلومات، إنّ الكثير من عمليات السرقة وتجارة المخدرات تعتمد على الأطفال. بل يصل الأمر إلى حدّ توريطهم بارتكاب جرائم قتل، منها إلصاق عبوات ناسفة صغيرة أسفل سيارات يجري استهداف أصحابها مقابل مبلغ مالي زهيد أو دروعا بشرية لحماية المنشآت ضد الضربات الجوية التي يقوم بها طيران القوات الجوية مع ان التنظيم ارتكب أعمال عنف جنسي على نحو ممنهج وهو ما دعى خبراء مستقلين الى رفع الصوت عاليا والمطالبة بضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لإنقاذ هؤلاءالأطفال الواقعين تحت سيطرة داعش وإلى محاكمة الجناة . كما يعتبر بیع الأطفال والنساء أحد مصادر تمویل تنظیم داعش التکفیری الارهابی ، هذا ما کشفته صحیفة “التایمز” البریطانیة , لکن هناك تسريبات اعلامية کشفت ما هو أخطر من ذلک , حیث تقول هذه المواقع إن داعش یبیع أطفال العراق وسوریا الی الکیان الصهیونی , فضلا عن قیامه ببیع جثث القتلی وأعضاء الجرحی الذین یعتقلونهم . وهناك جریمة الإتجار بالبشر بالتنسیق مع وسطاء یرتبطون بمافیا إسرائیلیةٍ تشتری الأطفال الرضع فقط وتبیعهم لأسرٍ داخل الکیان الصهیونی ليس لهم أبناء ،وذكرتقرير للمفوضیة العلیا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن أکثر من 25 ألف امرأةٍ وطفلٍ سجنوا وانتهکوا جنسیاً وبیعوا بوصفهم سبایا حربٍ وملک الأیمان لمسلحی داعش .
وفي معلومة لاحقة ان ما لا يقل عن نحو 10 آلاف من الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بذويهم قد اختفوا منذ وصولهم إلى أوروبا. هذا هو ما تفيد به وكالة الاستخبارات الجنائية بالاتحاد الأوروبي. ليثير ذلك مخاوف الكثيرين بوقوع هؤلاء في أيدي العصابات المنظمة للاتِّجار بالبشر. كما يتطلع ما لا يقل عن ٢٥ ألف طفل ذهبوا وحدهم إلى أوروبا لنيل حق اللجوء هناك. هم يبحثون عن بر الأمان بيأس بعدما خسروا أهلهم وتركوا بلدانهم هرباً من العنف الذي يتآكلها . لهؤلاء الأطفال بيوت وعائلات ينتظرون قدومهم. اوقد توفي أهلهم أو فقدوا أو ابتعدوا كثيراً عنهم، فانحصرت خياراتهم إما بالبقاء في مخيمات اللجوء الخطرة وإما بالمخاطرة بحياتهم والتعلق بشاحنة أو بقطار بحثاً عن النجاة، والتي غالباً ما تنتهي هذه بالموت
اما بعد النزوح الذي حصل بعد دخول داعش الى بعض مناطق العراق والذي انعكس على تردي الاوضاع الاقتصادية للعوائل التي نزحت نرى الكثير من الاطفال يتجولون في الاسواق والشوارع لكي يكسبوا لقمة العيش له ولعائلته التي هي بدورها لا تملك مالا كافيا لتوفير العيش الكريم لأطفالهم مما يجبرهم على الاستفادة من هؤلاء الاطفال لسد رمقهم
كما يعاني أطفال العراق في المدن الاخرى والتي غير واقعة تحت ظلم الارهاب من الحرمان والنقص الكبير في الخدمات الصحية والتعليمية وسوء التغذية، نتيجة لتوالي الأزمات والحروب والصراعات الداخلية والفساد السياسي المستشري على نطاق واسع، والتي انعكست تأثيراتها السلبية على براعم العراق وحولتهم إلى فريسة سهلة للإمراض أو متسولون على قارعة الطرق، بينما عانى غيرهم من نقص التعليم والاستغلال والعمل ألقسري، في ظل الصمت المطبق من قبل الجهات الرسمية في العراق. أن الحل العاجل لهذه الكارثة تكمن في انهاء الارهاب بسرعة وتوفير حد أدنى من العيش الكريم و دعم السلع والخدمات وإلغاء التخصيصات المالية لشبكة الحماية والرعاية الاجتماعية والشروع و القضاء على حالات الفساد المستشرية والبطالة المقنعة وانخفاض أعمال العنف بنسب كبيرة مما يتيح الفرصة للحكومة أولا لترتيب الأوضاع الاقتصادية تدريجيا وتوفير فرص عمل حقيقية للعاطلين عن العمل وعند ذاك بإمكان الأطفال أن يتركوا العمل والعودة إلى مقاعد الدراسة التي يستوجب الإسراع بتأهيل بنيتها التحتية وإعادة النظر بمناهجها الضخمة التي تثقل كاهل الطلبة وتوفير تغذية ورعاية صحية عالية المستوى للطلبة فضلا على بناء دور رعاية للأطفال المحرومين من الرعاية والأيتام والمشردين.