حذر خبراء من استمرار تدهور احتياطي العراق من العملة الأجنبية في ظل الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تعصف بالبلاد، وطالبوا بوضع خطط عاجلة لإنقاذ الاحتياطي من النفاد.
وفقد احتياطي العراق أكثر من 60% خلال العامين الماضيين، حيث تراجع من 88 مليار دولار في تشرين الثاني عام 2013 إلى 35 مليار دولار حالياً، حسب إحصاءات المصرف المركزي العراقي.
وفي هذا السياق قال الخبير المالي سمير القيسي إن “أهم أسباب استمرار تناقص احتياطي العملات الأجنبية الحاد هو تولي مهمة إدارة المصرف المركزي من قبل علي العلاق لأنه لا يمتلك أية مؤهلات علمية، فضلاً عن اتهامات بالسرقة والاختلاس والفساد الإداري وتهريب الأموال إلى خارج البلاد تلاحق المصرف”.
وحسب الخبير الاقتصادي عبد العزيز النعيمي، “يصدر العراق ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً، ومع تراجع الأسعار العالمية للنفط بأكثر من 60% خلال الفترة الماضية، ساهم ذلك في استمرار نزيف الاحتياطي النقدي للبلاد”. وتراجعت الأسعار العالمية للنفط من 115 دولاراً في شهر حزيران من العام الماضي، إلى أقل من 45 دولاراً حالياً. وأشار النعيمي إلى أن “المصرف المركزي يبيع يومياً ما بين 200 و300 مليون دولار من العملة الصعبة في جلساته الأسبوعية الخمس، وهذا يعني أنَّ ما يبيعه العراق من العملة الصعبة شهرياً يتجاوز 4 مليارات دولار شهرياً، والدخل الحقيقي للبلاد لا يتجاوز ملياري دولار شهرياً فقط، وبالتالي فإنّ العراق يشهد نقصاً في عملته الصعبة شهرياً بحوالي ملياري دولار”.
وما يثير مخاوف الخبراء هو ما أعلنه محافظ المصرف المركزي في تصريح صحافي عن أنَّ العراق يمتلك من العملة الصعبة ما يكفي لتغطية واردات ستة أشهر فقط حسب المعايير الدولية. ويرى الخبير القانوني ثابت عبد الحليم، أن استمرار تناقص احتياطي العراق له أسباب مختلفة منها القانونية، حيث إن قانون الاستثمار أفقد البلاد مصدر دخل نقدي من خلال إعفاء الأجانب من الرسوم، واعتبره عبد الحليم أشد خطراً من تهريب العملة الصعبة إلى خارج البلاد، “كونه سيحول البلاد إلى إقطاعيات مملوكة للأحزاب والكتل السياسية والمليشيات المسلحة كل منها سيسطر على ما يحلو له من الأراضي بحجة الاستثمار، بالاتفاق مع دول وشركات أجنبية مختلفة، وهذا يعني صرف مليارات إضافية لتلك الشركات بشكل مستمر”.
ويلمح عبد الحليم إلى أنَّ قانون الاستثمار وتهريب العملة عبر مزادات البيع العلنية للمركزي سيؤديان إلى كارثة اقتصادية في العراق بين عامي 2016 و2017. ويواجه حزب الدعوة والمجلس الأعلى اتهامات باستنفاد احتياطي البلاد من العملة الصعبة عبر عقود استيراد تجهيزات وأسلحة وسيارات مصفحة بفارق سعري كبير عن السوق العالمي، ما يثقل ميزانية الدولة بمبالغ طائلة تسبب تناقص احتياطي العملة الصعبة للعراق.
وأعلن المصرف المركزي الشهر الماضي اعتزامه إصدار سندات دولية بملياري دولار خلال العام المقبل 2016، فيما تكثف بغداد خطواتها للاقتراض من المؤسسات الدولية لسد العجز المالي للبلد الغني بالنفط. وأوضح العلاق أن البنك الدولي سيضمن ما يصل إلى مليار دولار من إجمالي قيمة السندات المقرر إصدارها، متوقعاً أن يكون العائد على السندات الجديدة “أقل كثيراً” من العائد البالغ 11.5%، والذي طلبه المستثمرون خلال جولة ترويجية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في أيلول الماضي. ودفعت الأزمة المالية الحكومة العراقية إلى تجميد آلاف المشروعات، وتشير التقديرات الرسمية إلى بلوغ العجز في موازنة العام الحالي نحو 21 مليار دولار، يتوقع أن تسجل البلاد مثلها العام المقبل 2016.