من تجليات واقع العراق المهترئ هذا الحال المخجل والواضح في سوح السياسه والتي تأسس بُنيانها ابتداءً على المحاصصة ،والطائفية ، والتجاذبات الأقليمية قبل المواطنة والقوانين. وما القوانين التي وضعوها هم أنفسهم للقيادة ولتنظيم اللعبة السياسية لم يلتزموا بها ايضآ !!
فتفككت عُرى الوطن عُروةً عروة ، فأصبحت السياسة مسرحاً للصراعات وتصفيةً للحسابات الشخصية والهتافات الفارغة، ومهددة للامن الاجتماعي، متجاوزة بذلك أهدافها السامية ، والمعلومة للجميع بالتقدم والرقي والسيادة الحقيقة٠
أقول من خلال هذه الاسطر رغم أن هذه الحقيقة معلومة للجميع وربما بُحت منها الكثير من الحناجر الوطنيه ؛ إن الذي يقوم بهِ الساسة من وزراء وبرلمانيين لا علاقة له البتة بالسياسة الحقيقية التي نعرفها اوقرأنا عنها ، ولا يعني ذلك أنني أبرئ سُلطة الاحتلال التي جاءت بهم في غفلةٍ من الزمن ، وسخرتهم وجهزتهم سلفاً للعب هذه الأدوار بأحترافيةٍ تامة، غير مسموح لهم أن يخرجوا خارج الدائرة التي وضِعوا فيها قيد أُنمله ، مقابل أن تُشرع لهم أبواب النهب والسلب بصفة “سياسي عراقي” ، ودليلنا إخفاقاتهم الواضحة تجاه وطنهم ومايمر به من أزمات متلاحقة تطوق جيد البلد وتخنقهُ ، وتتركه في الرمق الأخير من النهوض أو من عدمه ، فضلآ عن موقفهم المُذل بِتسمرهم فرحين متفرجين حين حُلت كل مؤسسات البلد الوطنية من غير وجه حق ، فقط لأنهم كانوا أُناس يخدمون بلدهم بوطنيةٍ وصدقٍ قضَّ مضاجع الخائنين والمرتزقه.
فنهجهم في إدارة أزمات العراق الحاليه ،يُجافي تماماً كل الأخلاق والقوانين والاعراف السياسية ، كما يَنمُ عن جهلٍ في الدخول لمضاميرها ، وأتونها دون النظر لمآلاتها وعواقبها على البلد والشعب في آنٍ واحد طبعاً في شكلها الحالي.
واضح جداً أن الساسه الجُدد وضعونا في تحدٍ أمام الفساد الذي بدأ يأكل أركان الدولة العراقيه ومؤسساتها بنهمٍ دون رادعٍ أو وازعٍ وطني ، ولا أظن إن مهمة الساسة والبرلمان كمؤسسةٍ تشريعيةٍ هي سنّ القوانيين وتقاضي رواتب وحمايات وإمتيازاتٍ مرعبة فحسب ، بل ومحاربة الفساد وأستئصاله ؛ إن كان ذلك فساداً أقتصادياً ، أو سياسياً ، أو حتى أجتماعياً، بالقضاء على آفة التخندق الطائفي الذي حفروه هُم بمعاولهم النَتنة ، فالشعب العراقي وقع عليه ظلم وحيف كبيرينِ من جراء سياساتهم الفاسدة ، يتطلب من أولئك السياسيون وبمستويات تراتيبية ” رئيس الوزراء وكابينته ، اعضاء البرلمان، رؤوساء الكتل”
منوطٌ بها رد الحقوق ورفع الظلم باجراءات معلومة للجميع ماهيَّ : ( محاكمة واقصاء الفاسدين فورآ) ، وينبغي للبرلمان وللوزراء وكل الكتل
إن كانت نزيهةً ونظيفة أن يتبعها ويلتزم بها ما دامت تسترد الحقوق المسروقة والمسلوبة من السياسين لمواطنيهم .كماينبغي ايضاً للسياسيين أن يلتزموا بقرارات ملاحقة الفُساد التي أفصح عنها الشعب وإن لم تكن مقنعة لهم !!
فما عليهم إلا أن يساندوا عودة أموال العراق المهربة دون الرجوع الى القضاء الفاسد اصلاً مالم تُطهر أروقتهِ من الطارئين عليه وعلى تأريخه ، ثم يَسعون من خلالها تقديم من هم قادة الفساد المُنظم الذي يقود العراق الى مستنقع غايةً في الأهمية والخطورة وهو الأقتصاد الهزيل والمبعثر ،والتحديات الأمنية المفصلية في تأريخ العراق الحديث، أساسه الفساد السياسي ، ولابد لوجود سياسي نزيه ينهض ومن خلفه جماهير تقود هذه الحملة على جميع الفُساد، بغض النظر الى أنتماءه الى اي مذهبٍ ،او مكونٍ ، او من اي قائمة ، أو مدعوم من اي دولة ، وما عدا ذلك فهذه الأجراءات الخجولة التي خُدر بها الشعب ، لاتتعدى كونها تصفية حسابات بين المتناحرين على الصفقات والكراسي والسرقات التي أعتقد جازماً إن الشعب العراقي وتأريخه الثوري الحافل ليس طرفاً فيها .
وأخيراً ، وليس أخر فصول هذه التراجيديا الفاسده ، لابد من الأعتراف بأننا نتحمل بعض من وزر ديمومة ، وأستمرار هؤلاء شُذاذ الآفاق بسرقتنا، بل وتعريض مستقبل بلد وجيل كامل الى الضياع، فلسان سيد قطب رحمه الله قد نال من تقاعسنا بواجباتنا كشعب حيال هذا الواقع المؤلم حين قال : (فما يخدع الطُغاة الفاسدين شيء ما تخدعهم غفلة الجماهير ، وذلتها ، وطاعتها ، وأنقيادها ، وما الطاغية إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ، ولا سلطاناً ، وإنما هي الجماهير الغافلة الذلول ، تمطي له ظهرها فيركب ! وتمد لها أعناقها فيجر ، وتحني لها رؤوسها فيستعلي ! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى).