الأزمات الدبلوماسية اللائي تحدث بين بعض الدول < سواءً دول متخلفة او دول عظمى او عموم الدول الأخرى , سواءً كانت لأزمات سياسية مجرّدة او ذات طابع عسكري او ما بين هذا وذاك , فأنّ لها ” درجة حرارة معيّنة ” من خلال اهمياتها وتأثيراتها و اسايب التعامل معها ومحاولة معالجتها ” باللتي هي احسن ” قبل أن تغدو ” بالتي هي أسوأ ” .! .. طُرُق التعامل مع أية أزمةٍ دبلوماسيةٍ بين دولتين ولربما اكثر , تتطلّب احياناً التريّث والتحلّي بهدوء الأعصاب السياسية , وبأحايينٍ اخرى تستدعي ضرورة اللقاء المباشر بين طرفي النزاع او الظرف الطارئ المتأزم بشكلٍ مفاجئ , وهنالك ايضا اساليبٌ وسطيّة .! , لكنَّ الأسلوب الأكثر فتوراً وبرودةً وتمهّلاً < وِفقَ خصوصيّة أيّ خلافٍ بين دولةٍ واخرى > هو الإعلان عبر الإعلام عن موقف استنكار .! ثمَ وفي اقصى درجات هذا البرود الدبلوماسي هو: – استدعاء سفير الدولة المختلف معها وتسليمه مذكّرة إحتجاج ضدّ تصرّف دولته تجاه الدولة المقابلة , وهنا تقتضي الضرورة جداً للإشارة الى أنّ كافة الدبلوماسيين في كافة دول العالم حين يجدون انفسهم في الزاوية الحرجة مّما تواجههم به الدولة التي تتبادل بينهما التمثيل الدبلوماسي على مستوى سفارة او أقلّ من ذلك , فأجابة السفير ” ضمن هذه الزاوية الحرجة ” ستقتصر على القول ” بالعبارة التقليدية المتعارف عليها ” بأنّه سينقل هذا الإحتجاج الى حكومة بلده , طالما افتقاده القُدرة على إختلاق وابتكار مسوّغاتٍ ما لتبريرِ موقف بلده .! ..
وَ بعيداً , وإختزالاً لشروحات البروتوكالات المُتّبعة في التعامل الدبلوماسي , وبأنتقالٍ مباشر الى قلب الحدث العراقي – التركي – الكردي , فمن المؤسف أيّما أسفٍ أنْ يتجسّد ويتمحور موقف الحكومة العراقية تجاه التدخلّ العسكري التركي ” بالدبّابات والمصفّحات والمدفعية الثقيلة في شمال العراق او الى الأقليم < وبأستقبالٍ حار منْ الحزب الحاكم فقط في الأقليم > دون الأحزاب الكردية الأخرى ! , حيثُ اقتصرَ موقف وزارة خارجية ” ابراهيم الجعفري ومديره حيدر العبادي ” على استدعاء السفير التركي في بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج على دخول قوّة عسكرية تركيّة في شمال القطر تحت ايّة مسوّغات مبتدعة .!
موقفُ الحكومة العراقية هذا , وكأنّه لمْ يكن ولم يصدر ولا قيمة له في كواليس الدبلوماسية السائدة في العالم , وهو موقفٌ عراقيٌ رسميٌ غير متعمّد ! لكنّه يتأتّى جرّاء السذاجة المفرطة والمسرفة في علم السياسة لمن تبؤوا السلطة في العراق تحت مئةِ سببٍ وسبب .!
كان من المفترض بل ومن الموجبات الضرورية أن يقوم رئيس الوزراء ويليه رئيس الجمهورية وأن يتبعهما رئيس مجلس النواب بالتحادث الفوري عبر الهاتف مع نظرائهم الأتراك للتأكيد المشدد على سحب القوّة التركيّة ” ومع تهديداتٍ مبطّنة او غير مبطّنة ” بوقف التعامل الأقتصادي مع تركيا , او بتعبيرٍ اكثر دقّه بأيقاف عمل الشركات التركية العاملة في العراق والتوقّف عن استيراد اية بضاعة تركيّة , ومن ثمّ التلويح والتلميح للّجوء الى الخيار العسكري وتحديداً ” للقصف الجوي لأيّة قَطَعات آليّة عسكرية تركية تدخل الحدود العراقية , ثمّ وبموازاة ذلك ولربما ما يسبق الإتصال الهاتفي او يعقبه أن يطير وزير الخارجية الى انقرة ومواجهة المسؤولين الأتراك وجهاً لوجه والتباحث معهم لسحب قواتهم من شمال العراق , لكنّ كلّ هذا لم يحدث للأسف .!
والى ذلك , كان وما برحَ على الخارجية العراقية اللجوء الى آليّاتٍ اخرى في التعامل مع هذه الأزمة كَ POLITICAL RAPPROCHEMENT – التقارب السياسي المفتعل مع حكومة اليونان ” وهي العدوّ المزمن لتركيا ” , ولربما التلويح والتلميح بالسماح لمقاتلاتٍٍ يونانية بالتحليق قرب الحدود العراقية التركية تحت ذريعة استطلاع وتصوير وربما قصف مواقع داعش , وهذا اشدّ ما يغيض الأتراك في اقتراب سلاح الجو اليوناني على حدودهم الجنوبية , وذلك ينسحب ايضا على التلميح فعلياً بالسماح للمقاتلات الروسية لضرب مواقع الدواعش في شمال العراق واستثمار الخلاف الروسي – التركي القائم .
هذه الأمثلة المختارة من آليّات التعامل مع الأتراك , ينبغي أن لا تغدو منفصلة على تقديم شكوى مجلس الأمن ومنظمة التعاون الأسلامي والجامعة العربية , من الضرورةِ تشديد الضغوط الدبلوماسية والتحرّك على جبهاتٍ عدّة في آنٍ واحد وليس على مراحل مستلهمة من الروتين الإداري ..!