مثلما أستقبلناك نودعك , فهذه سنة الحياة , أيتها النعمة التي هبطت علينا ببركات الحسين سبط رسول الله شهيد الطف نزيل كربلاء , المذكور في أعالي السماء , الذي كان عند أدم من ألآسماء التي عرضت في اللوح المكتوب يوم كان العرش على الماء ؟
نودعك بقلوب حرى , وعيون تشتاق الى لقاءك , فأنت النعمة من عطايا النعمة الكبرى التي حلت بأهل الكسا , محمد المبعوث وأبنيه من بعده وفاطمة الزهراء والمرتضى علي صاحب راية رسول الله في السلم والوغى .
نودعك لآن ألآعزاء يودعون , وأنت عزيزة علينا كريمة فينا , كنا ضيوفا في رحابك وفضاءك ومناخاتك المعطرة بالسخاء والعطاء و بأريج القصيد والنشيد والنعي الذي أصبح شدونا ونشيجنا المدعوم بالقول المأثور : ألا على مثل الحسين فلتبك البواك .
أيتها الضيفة المجللة بالكرامات الموصوفة بالعطاءات الممدوحة في الزيارات المعززة بالثناء من الذي لاينطق عن الهوى أن هو ألآ وحي يوحى ذاك هو خاتم الرسالات صاحب ألآسراء والمعراج المذكور في الزبور وألآنجيل والتوراة .
وحشتنا بعدك كبيرة لولا أن فينا قرأن الهدى الذي أستمعت اليه الجن فقالت عجبا عجبا , وفيها رسول الله الذي أعطي سورة يرى كل ملك دونها يتذبذب ؟
وفينا علي وفاطمة والحسن والحسين المطهرون من الرجس , وهم أهل بيت النبوة نساء وأبناء ونفسا , كما في سورة أل عمران , وأل عمران منهم مريم التي أعطيت رطبا جنيا , وكان أدم ونوح وأل أبراهيم وأل عمران من المصطفين , وذريتهما الصالحة ذرية بعضها من بعض , وهذا ماغفل عنه الذين ضيعوا وصايا السماء لآهل ألآرض , فكان ألآنقلاب على العقب أحدوثة كبرى هلك فيها من هلك , وطغى فيها من طغى وتجبر حتى قال السكارى والمخمورون ويزيدهم ما زادهم ألآ فتون :
لعبت هاشم بالملك فلا … خبر جاء ولا وحي نزل
نودعك أيتها الزيارة العلية التي عشقتك القلوب النقية , وأسترابت منك العقول الشقية والنفوس المصابة بألآمراض والعقد ألآموية الذين كانت هندهم تقول في معركة بدر الكبرى : نحن بنات طارق , أن تقبلوا نعانق , أن تدبروا نفارق ؟
فأسست لآباحية القوم الذين خرجت منهم فرق الخوارج ألازارقة وأبن ملجم , وخالد القسري الذي كان يضحي ألآضاحي بالمؤمنين من أتباع أهل البيت عليهم السلام , وخرج منهم الحجاج الذي قتل سعيد بن جبير مثلما قتل معاوية الصحابي حجر بن عدي , فكان يقول : أن يومي معك سيطول ياحجر ؟
وكان منهم المدعو أبن تيمية الذي أسس ثقافة العنف عندما قال على أتباع أهل البيت: عليهم السيف المسلول الى يوم القيامة ” ثم كان المدعو محمد بن عبد الوهاب صنيعة الجاسوس البريطاني ” همفر ” الذي تقلد شخصية شيخ تركي وما هو بشيخ وراح يحشو مخيلة بن عبد الوهاب بالشبهات حتى عندما رجع من البصرة الى نجد من أرض الحجاز بدأ يعلن أراءه التكفيرية فخالفه أبوه وأخوه , ولكن أبن سعود ألآعرابي الجلف تلقف ما يقول به محمد بن عبد الوهاب ووجدها فرصة لآعلان حربه على القبائل والشعائر الدينية فكانت فتنة الوهابية في القرن الثامن عشر الميلادي المصادف للقرن الثالث عشر الهجري حيث وجهوا غاراتهم صوب كربلاء والنجف , ومن تلك الشواذ الغارقة بالجهل والطائفية خرجت القاعدة التي نمت وترعرعت في مدارس السعودية الوهابية مستفيدة من الوفرة المالية التي جاءت مع ظهور النفط في أرض نجد والحجاز التي أستبدلها أبن سعود بأسمه فكات السعودية حاضرة الوهابية وكان أبن سعود خادم الحرمين الشريفين , ومن هذه الخدمة المزيفة , ومن تلك الردة الوهابية خرجت ” داعش ” وعصاباتها التي وجد فيها ألآمريكيون وألآوربيون والصهاينة وسيلتهم المفضلة لتفتيت المنطقة والعالم ألآسلامي .
أن وداعنا للزيارة ألآربعينية صعب مستصعب لآنها الرد المثالي على وهابية محمد بن عبد الوهاب وداعشية عصابات الشذوذ وألآنحراف من أوغاد الشيشان وألآفغان والتونسيين والليبيين والسعوديين وألآردنيين وألآتراك من جماعة أوردغان ومن مهاجري أوربا الذين ضيعوا بوصلة ألآنتماء فوجدوا في داعش تفريغا لعقدهم ومبررا لفارغهم الروحي الذي لم يحصل من مساجد أوربا المشيدة بالمال الوهابي ألآ الشحن الطائفي الذي يجعل من الشيعة كفارا بأعينهم ويجعل من الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية عدوا لهم دون أسرائيل , ويجعل حزب الله اللبناني المقاوم لآسرائيل حزبا أرهابيا , ويجعل من العراق والعتبات المقدسة مركزا للآرتداد يجب أن يدمر ويقتل أهله في نظر الدواعش الجهلة المجرمين , ويجعل من سورية دولة للعلوية يجب القضاء عليها , وينظرون للبحرين الشيعة بعين الحقد والكراهية فيستبدلونهم بتجنيس الباكستانيين وألآفغان والطائفيين من ألآقطار العربية , وينظرون لليمنيين نظرة أستعداء وأبادة ولذلك شنوا على أهل اليمن ما يسمى بالتحالف العربي وهو تحالف أمريكي بدوافع صهيونية , وعلى قاعدة ” كل باغ مصروع ” فأن السعودية بدأت تجني خيبات ألآنكسار والفشل في مأرب وتعز ونجران وجيزان وعسير ستكون فضيحة لحربهم الخاسرة .
أن الزيارة ألآربعينية هي تظاهرة سلمية لرفض الطغيان والظلم التاريخي , مثلما هي رفض للفساد الحاضر والمعاصر بكل أنواعه ومن شارك فيه من أحزاب السلطة , ولذلك سيكون وداعنا لها هو التحضير لآستقبالها على أمل القضاء على داعش وأسكات حواضنها المهزومة .
وفي وداعنا للزيارة ألآربعينية نعتذر منها ومما بدر منا من تقصير لانعفى من تبعاته ذلك هو منظر القمامة , لعدم ألآهتمام بالنظافة التي أصبحت من ثقافة الفرد العراقي متعلما وغير متعلم مثقفا وسياسيا , ومن كل المهن والمراتب ألآجتماعية وأعتذارنا يمتد من الزيارة ألآربعينية بأعتبارها شعيرة مقدسة نحن نسيئ اليها بعدم أهتمامنا بالنظافة كظاهرة حضارية وكشرط من شروط العبادة حيث قال نبينا “ص”: ” بئس الرجل القاذورة ” فلنردد مع ماقاله نبينا خاتم ألآنبياء والمرسلين : بئس الرجل القاذورة .. بئس الرجل القاذورة .. بئس الرجل القاذورة , وبئس المجتمع القاذورة , وبس الشعب القاذورة ؟ ألآ تستفزنا هذه العبارات ؟ ولو سمعناها من غيرنا ألآ نكتب العار على أنفسنا , ومن يكتب العار على نفسه لايستحق الحياة؟
وفي وداعنا للزيارة ألآربعينية لابد لنا أن نستحضر ذكر كل من شارك وساهم وسعى جاهدا لآن تكون الزيارة ألآربعينية بكتلتها المليونية مكتفية ذاتيا وهذا ما شهد له الجميع حتى ليكاد أن يكون ألآكتفاء الذاتي في الزيارة ألآربعينية هو معجزة من المعاجز الكثيرة التي يزخر بها تاريخ الشعائر الربانية , وألآكتفاء الذاتي في الزيارة ألآربعينية هو مفخرة للشعب العراقي بمواكبه الحسينية التي قدمت الخدمات في الطعام والسكن وألآحترام للزائر , ومن باب من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق لابد من توجيه الشكر لموظفي بلدية طهران ولك أفراد الشعب ألآيراني الذين تطوعوا لتنظيف شوارع كربلاء ولخدمة الزيارة ألآربعينية , وفي نفس السياق نوجه الشكر لكل الزوار من باكستان وأفغانستان وأذربيجان والهند والخليج والسعودية ومن الدول ألآفريقية وتركيا والمسلمين المقيمين في أمريكا وأوربا ولا ننسى مشاركة أهل النصارى الذين يظهرون حبا صادقا للحسين , ونفس الشيئ ما يقوم به بعض الصابئة من خدمات حسينية , والشكر للجيش والشرطة والقوى ألآمنية الذين سهروا على أمن الزيارة والزوار , والشكر للكوادر الطبية التي قدمت خدماتها للزائرين , والشكر للدوائر البلدية في المحافظات ولآمانة العاصمة , والشكر للكوادر ألآعلامية عامة وكوادر شبكة ألآعلام العراقي الذين نظموا حملة من أجل النظافة نأمل أن تتسع في المستقبل , كما لايفوتنا شكر الكتاب وأصحاب المقالات والمرور في الفيسبوك الذين أظهروا عاطفة صادقة في مواكبة أيام الزيارة ألآربعينية , ويبقى الشكر موصولا للمبلغين من طلاب الحوزات وممثلي المرجعية الدينية في النجف ألآشرف الذين واكبوا أيام الزيارة وأنطلقوا مع الزائرين المشاة من منطقة ” البيشة ” على الخليج وأعطوها تسمية ” من البحر الى النحر ” وهي تسمية موفقة فيها عطر الشهادة مثلما فيها حضور جغرافية المكان الذي سماه ألآمام علي عليه السلام ” بحر العراق ” وهو الخليج الذي أختلف على تسميته فكانت مشكلة تضاف لمشاكل المسلمين المفتعلة والتي كان يجب تجاوزها من أهل الوعي وألآلتزام ويبادروا للآطلاق تسمية الخليج بالخليج ألآسلامي , لآن الساكنين على ضفتيه شرقا وغربا هم من المسلمين , وقد أقترحت هذه التسمية على بعض ألآخوة القياديين في الجمهورية ألآسلامية ألآيرانية منذ ألآيام ألآولى للثورة ألآسلامية .
في وداعنا للزيارة ألآربعينية المليونية هو وداع غير مفارق لمعاني الزيارة وأثارها المعنوية والروحية التي نأمل من ألآجهزة الرسمية في الحكومة العراقية لاسيما وزارة الداخلية والخارجية والصحة أن تكون أستعداداتهم لها كفيلا بسد الثغرات التي حدثت سواء في المنافذ الحدودية أو في السفارات والقنصليات أو في ألآستعدادات اللوجستية على مستوى تقديم الخدمات العلاجية طبيا .
أخيرا لانقول وداعا , بل نقول الى اللقاء وكلنا أنتظار لنعمة أحياء الشعائر والتي أصبحت الزيارة ألآربعينية رمزا لها .