فجأة ودون سابق إنذار وجدنا أنفسنا طرفأ بين القيصر الروسي فلاديمير بوتين والسلطان العثماني رجب طيب أردوغان. تجاوزنا بسرعة خاطفة الحوار المسلح داخل فضائية دجلة بين النائب كاظم الصيادي والمتحدث بليغ ابو كلل وعددناه كالعادة “عركة” إخوان لاتفسد للود الديمقراطي قضية طالما توجد العشيرة لا القانون طرفا بطرياركيا في حل النزاعات حتى المسلحة منها.
ثم ان لدينا مثلا ذائع الصيت لم أعثر على أسخف منه في المدونة الشعبية والقائل “مصارين البطن تتعارك” كناية عن إنتماء الرجلين الى تحالف واحد.
لنعد الى الموقف من القيصر والسلطان من قبل جماعات باتت تمثل للإسف إصطفافا عابرأ للحدود. طرف وجد نفسه في غاية الإرتياح لإسقاط تركيا طائرة روسية, بينما طرف غاضب ومنزعج. إغتبط “إذا لم تجدوا أصلأ لإغتبط في لسان العرب بإمكان كل طرف إضافتها الى اللسان التركي أو الروسي حسب العائدية” البعض لأن الأتراك الذين اخرونا أربعة قرون كاملة عن ركب الحضارة مرغوا “خشم” بوتين بالوحل.البعض الآخر وكلا البعضين من ربعنا شعر بالتشفي لأن بوتين لم يرد على إتصالات ارودغان الهاتفية.
إحترت في وصف الموقفين.. أطائفي هو أم عرقي أم سياسي بحت؟ الإجابة ستكون متداخلة. تركيا الضائعة بين عدة هويات “تركية على طريقة أتاتورك وأوربية على طريقة تانسو شيلر وعثمانية على طريقة أردوغان” تروم تكريس زعامتها الإخوانية للهيمنة على العالم الإسلامي المنقسم اليوم بين السنة والشيعة مما يجعل هذه القيادة مستحيلة.
وروسيا الباحثة عن الغاء نحو قرن من حقبتها الشيوعية والعودة الى الحقبة القيصرية حيث باتت مياهنا الدافئة هدفها النهائي. بين القيصر والسلطان توجد داعش كما نوجد نحن المنقسمين على أنفسنا كالعادة. مع ذلك فإنه إذا كان لايوجد أساس منطقي للإنحياز الى كلا الطرفين طائفيأ أو عرقيا فإن فرضية الإنحياز السياسي تبقى قائمة.
في هذه الحالة لابد من قياس الموقف من الآخر طبقا للمصلحة الوطنية. مصلحتنا الوطنية تتمثل اليوم في القضاء على داعش. لا روسيا ولاتركيا ولا أميركا يسعون للقضاء عليها حبا بنا بل تثبيتا لمصالحهم. السؤال يتجدد .. أين مصالحنا نحن؟ بصراحة نبدو بلا مصالح أو على اقل تقدير لانبدي أدنى حرص للحفاظ على هذه المصالح إن وجدت طالما نحتزل الصراع بالطائرة الروسية لجهة قبول التبرير التركي لطرف ورفضه إنسجاما مع الرفض الروسي لطرف آخر.
كلهم لديهم مظلات ومبررات للتمدد في المنطقة. روسيا تريد ان تتمدد بالضد من المصالح الأميركية. تركيا تريد أن تتزعم “عينك عينك”. أما أميركا فتريد الحفاظ على مصالح إسرائيل أولا وثانيا ومصالحها ثالثا. أما مصالحنا فـ”فدوة” لعيون القيصر الروسي الزرقاء أو لشارب السلطان اردوغان نصف المعقوف أو للون بشرة ساكن البيت الابيض القادم بصرف النظر إن كان من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي او حتى من حزب الشاي او الدارسين.