من منا لا يتذكر القصة البليغة والحكمة الراسخة في أذهاننا منذ طفولتنا وأيام دراستنا الابتدائية , تلك الحكاية التي عُنيت بثقافة الحديث والمتحدث , تلك هي قصة الفتى الذي لم يتجاوز الحادية عشر من العمر , والذي أراد أن يتكلمَ في حضرة الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه , عندما قال أمير المؤمنين إجلس يابني وليقم من هو اكبر منك سناً , فرد عليه الفتى يا أمير المؤمنين إن الانسان بأصغريه قلبه ولسانه فإذا منح لساناً لافظا وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام , ولو ان الامر في السن لكان في الامة من هو أحق منك بالخلافة .
هكذا تعلمنا أن من يعتلي المنبر او يريد الخطابة ان يكون ملماً , حافظاً , قادراً , مقتدراً , متشبعاً مما سوف يقول , مؤثراً بمن يخطب , لأن الخطابة علم , واللغة علم وقواعد اللغة علم , لا ان يتصدر المنابر والمؤتمرات الصحفية جهلاء القوم , وقتها سوف يسيء لقومه قبل أن يسيء نفسه .
وأنا أتابع المؤتمر الصحفي للمتحدث باسم اللجنة التنسيقية للمحافظات الست النائب خالد المفرجي والذي قدم نفسه متحدثاً باسمها , لم أتمالك نفسي في أن أشتم واللعن اليوم الأسود الذي أصبح الأمي يمثل هذه المحافظات التي تزخر بالكفاءات العلمية والطاقات الأكاديمية من أصحاب الشهادات العليا , فمن أهم شروط المتحدث ومن بديهياتها هي الثقافة العامة ومنها اللغة العربية وقواعدها في قراءة النصوص والبيانات المهمة , وسؤالي هل يعقل أن يتم اختيار متحدث يجهل قراءة ولفظ ما بعد حرف الجر وينصب ويرفع على ما يشتهي لسانه أو ما تعلم في قريته ؟ وهل خلت الكتل السياسية من شخص يجيد أبجديات اللغة العربية في لفظها وقراءتها , فإذا كان خالد المفرجي لا يفقه بقواعد اللغة العربية فكيف سيتعامل مع قواعد اللعبة السياسية ؟ .
رسالتي الى من يريد ان يجعل له متحدثاً او ناطقاً او ممثلاً إختر من هو عالم , عارف , متعلم , فلا تعتقدوا أن من يصغي لكم أجهل منكم .
[email protected]