نتذكر امبراطورية الأرتزاق التي اعتمدها الدكتاتور صدام حسين في تسويق خياناته, استسلم لها اغلب رموز الشارع الثقافي العراقي ووجدت لها مجندين في مؤسسات اعلامية اقليمية ودولية, بعد الأحتلال في 2003 وسقوط الدكتاتورية, سقط معها عنقود الأرتزاق وتبعثرت شبكاته تبحث عن من يكمل مشوارها.
مسعود البرزاني, الدكتاتور الحالم بعيداً عن الواقع, حاول تبييض سمعته الشخصية والعائلية والعشائرية والحزبية المضمخة بدماء ابرياء الكرد والمكونات العراقية الأخرى مقتدياً بتجربة ماكنة صدام حسين الأعلامية.
الأعلام قادر على تنظيف ماضيه الدموي وتهيئته لأشعال فتن الأقتتال الكردي الكردي واضعاف الدولة العراقية عبر اللعب على حبال اغبياء الأطراف العربية, وعبر صفقات تجنيد داخلية وخارجية صنعت منه الأرادات الدولية والأقليمية قائداً ضرورياً للشعب الكوردي ووفرت له نفوذاً عابث في الشأن العراقي.
استطاع مسعود وبأموال الدولة العراقية تشكل امبراطورية ارتزاق مؤثرة من داخل العملية السياسية وفرت له اكثرية مطلقة في السلطة التشريعية مكنته من اسقاط اية حكومة لا تلتزم بأرادته واضافة لأمتلاكه رئاسة الدولة فالسلطتين التنفيذية والقضائية لا يمكنهما الأفلات من قبضته, وعبر شبكة ارتزاق مؤسسة المدى, جند اغلب قطيع الذين كانوا يوماً شبه وطنيين.
تعملق مسعود واصبح قادراً على ابتزاز بغداد حتى استسلمت لنفوذ عاصمته اربيل, بعد انهياره امام الصلابة التي مثلتها معارضة دكتاتوريته وتفرده العشائري الحزبي واصبح فاقد الشرعية منتهي الولاية, لم تتجرأ اطراف قوى المادة (4) ارهاب للمكون السني ولا اطراف التحالف الوطني (الشيعي) الا ان تطلق عليه “رئيس الأقليم” بالضد من ارادة الأحزاب الممثلة للشعب الكردي, انه ماسكاً بها من ذيل فضائحها, رافق ذلك مسرحية تحرير مدينة سنجار الأيزيدية حيث (حررها!!!) مسعود بقتال سلمي لم تسفك فيه قطرة دم تماماً كما سلمها.
امبراطورية مسعود للأرتزاق, توفر له دائماً ثغرات اختراق لأي حراك جماهيري, التظاهرات الوطنية في ساحة التحرير ببغداد, والتي تميزت بعفوية زخمها الشعبي, استطاع مسعود ان يدفع بمن تحت تصرفه من زمر الأرتزاق للقفز على ظهر موجتها ورفع شعارات من خارج هموم المتظاهرين ملغمة بنوايا اعادة الأعتبار له كنموذج للديمقراطية والنزاهة والوطنية والتغطية على دماء المتظاهرين في محافظة السليمانية وضواحيها.
المرتزق عندما يبتل برذاذ الأنتهازية والوصولية والأنتفاع, لا يهمه السقوط كاملاً في مستنقع خذلان الحركة الجماهيرية او ركوب موجتها وحرفها عن اهدافها ثم احتوائها, مسعود يقف الآن على قمة الأعلام المرتزق في الداخل العراقي واستولى على اغلب الصحف والفضائيات وامم الكثير من المواقع الألكترونية ومنظمات المجتمع المدني في الخارج اضافة الى مراكز دبلوماسية تديرها اربيل ونفوذاً واسعاً من داخل السلك الدبلوماسي العراقي, امبراطورية تحدد ادوار الكثير من نشاط منظمات المجتمع المدني في الخارج تديرها وجوه معلومة لقطيع محدد كمنظمة الدفاع عن حقوق الأنسان في العراق والمنظمة العربية للتضامن مع القضية الكردية وهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق وكثير غيرها, انها (حق يراد به باطل).
الطغاة يصابون دائماً بورم الوهم, واسوأ حالات الأنتفاخ, تلك التي يصاب بها الصغار, محطة يفقد فيها الأقزام رشدهم ويتخبطون في ممرات مرتزقتهم, المرتزق اول من يخلع سيده ليبدأ النفخ في فراغ سيد جديد, مسعود اصبح الآن لا شيء, انه آخر المتأخرين عن السقوط في الهاوية, الواقع العراقي الأقليمي والدولي الملبد بعنف التحولات والمتغيرات, لم يعد فيه متسعأ للعشيرة والعائلة وقائد فقد ضرورته.
مسعود دمر في المثقف العراقي مواهبه وروحه الأبداعية بعد ان قتل استقلاليته, تلك الظاهرة الرثة لم تكن حكراً على مسعود, فجميع اطراف ما يسمى بالعملية السياسية يمارسون ذات الوحشية في محاصرة المثقف بسلاح اذلال العوز والحرمان والتجاهل والعزل حتى استسلامه, احياناً نجد عذراً لمن يستسلم لكن لا يمكن تبرير الأمر ويبقى قدوتنا ذاك الذي يواكح دفاعاً عن استقلاليته وسلامة مواقفه, الوطنية لا ربيع لها من خارج المواقف الوطنية.