إستنجدنا بالله العلي العظيم في ( مقالات ) سابقة أن تكون مدن محافظة ( الأنبار ) بعيدة كل البعد عن الصراع الكاذب والفتنة السوداء في ( الأنبار ) لكن لم يسمعنا أحد ممن حمل السلاح .. المسرحية السوداء التي قام بتأدية أدوارها ممثلون فاشلون وكومبارس سيء لن تثن عزمنا .. وما حدث وما سيحدث قد يدمر دارا أو يحطم جدارا أو يفجر أبنية أو ينسف جسراً .. لكن عزم اهل ( الأنبار ) سيفشل هذه المؤامرة مهما كان حجمها , والكل في ( الانبار ) وانا واحد منهم لا يعلم ما الذي يجري في مدينته .. هل هي حربٌ بين الدولة وأهل الأنبار .. أم صراعٌ بين العشائر والحكومة والاحزاب .. أم حربٌ بدأت ولا يمكن لأحدٍ أن يوقفها .. ولأنني أعيش وسط أهلي في مدينة الرمادي وكنتُ قريباً جداً من الأحداث ساعةً بساعة أيقظتني الحيرة من وهمٍ كبير فيما يسمى الحدود الآمنة داخل الوطن .. فالقوات الأمنية والشرطة إستسلمت بلا قتال خلال دقائق !
مع من وضد من لا أحد يعلم .. قوات الجيش تدخل إلى مدينتيّ الرمادي والفلوجة معززة بالطائرات والمدفعية الثقيلة والدبابات بحججٍ مضحكة .. عشرات المناطق المنكوبة في المحافظة ومئات الشهداء وآلاف الجرحى والمهجرين لا أحد يُكلف نفسه مما يسمى بالقادة السياسيين والعشائريين والدينيين عن السؤال إلا عن نفسه ومنطقته التي يسكن فيها .. وجوه وشخصيات كانت قبل أيام تهتف ضد الحكومة أصبحت بين ليلةٍ وضحاها تحمل السلاح دفاعاً عنها .. قادةٌ سياسيون إعتلوا منصات الإعتصام بدأوا مرحلةً جديد في حربهم وهي إعلان الحرب من فنادق عمان وبيروت ودبي وتركيا والبعض منهم سيصبح قائداً ( للإقليم القادم ) ماذا يجري حقاً وأهل الأنبار تحت وطأة القصف والمنع والتهجير والدمار المبيت ضد بنيتها التحتية والقضاء على مستقبل أبنائها .. الدوام في الجامعات والمدارس تأجل .. الموظفون لم يستلموا رواتبهم بسبب خلو المصارف من الأموال .. المشافي والمراكز الصحية تحولت إلى صالات للطوارئ فقط .. مع هذا يستغل الكثير من خونة الوطن هذا الأمر كي يحصدوا أصواتاً لهم في كل يوم نقترب فيه من الإنتخابات .. مساعدات الاغاثة المضحكة توزع على عوائل كبيرة لا تكفيهم لوجبةٍ واحدة .. تنديدات كاذبة وإحتجاجات في الخفاء وعجلة الحرب تحصد برقاب
( الأنباريين كل دقيقة ) لا وقود .. لا نوم .. لا راحة .. لا دوام .. لا أمن ولا أمان وماذا بعد !
هل ستتمكن الدولة من القضاء على المسلحين في الأنبار !
أقول ( نعم ) لكن بعد أن تتحول الأنبار إلى مقبرةٍ كبيرة لانَّ الّذين خططوا لهذه الحرب لم يخططوا لها جيداً ولم يضعوا في حسبانهم أنها ستكون داخل المدن وفي خارطة الوطن الواحد والمتضرر الأول والأخير منها هم المدنيون العزَّل .. أما كان من الأفضل النظر إلى الأمر من جانبٍ آخر بدل توريط الجيش في حربٍ بين الأخ وأخيه .. الكلُّ يتاجر بدمنا ومصيرنا ومستقبل الأنبار لكنه لا يعلم أنَّ خراب الأنبار ودمارها يعني خراباً أبدياً للعراق ونهجاً مبرمجاً لتقسيمه وتقطيع أوصاله .. إحترتُ كثيراً عما أريد أن أنقله في هذا المقال
القصد منه .. سنتان ( بالكامل ) تمرُ علينا .. والايام القادمة ستدخل ازمة وحرب الانبار .. عامها الثالث بتاريخ ( 27 – 12 – 2015 ) ولم نتذوق فيها طعم النوم لليلةٍ واحدة .. إطلاقات .. طائرات .. دبابات .. راجمات .. هاونات .. مدافع .. براميل .. أسلحة متوسطة وخفيفة وثقيلة من كل الأنواع أجهزت على ما تبقى فينا من حياة .. بيوتنا دمرت بالكامل .. مكتباتنا .. كتبنا .. ذكرياتنا .. أوراقنا . أحلامنا .. أمهاتنا واخوتنا واصدقاؤنا نتواصل معهم بالهاتف فقط .. مستقبلٌ مجهول وخرابٌ تام عام .. شامل كامل .. لنا ولأولادنا ولمدننا وجامعاتنا ومدارسنا وشوارعنا وجوامعنا وأزقتنا .. تهجير ونزوح وتشريد و( هجمان بيوت ) ووووو!
كأن اهل ( الأنبار ) اليوم يعيشون في مجرة أخرى .. غير مجرة درب التبانة أو كوكب آخر !! والأنباريون ( اليوم ) هم أصحاب القرار في أن تضع هذه الحرب أوزارها !