علي (عليه السلام) والإصلاح، عاملان في غاية الخطورة، أيام الحكم الأموي الفاسد، الذي إبتدع ديناً يلائم إنحرافاته، فبالقدر الذي ناضل لأجله، أهل البيت (عليهم السلام)، فقادوا حملة حفظ الدين الإسلامي، ضد المنحرفين الأمويين، والمروانيين، والزبيريين، كان هنا خط للمارقين، والقاسطين، والناكثين لبيعة علي المنصوص عليها، فتركوها بحجة أن الرجل يهجر!
(هذا صراط علي مستقيم)، عبارة طالما كان يرددها، أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، للإشارة الى أن الامة إنقلبت على أعقابها، بعد إستشهاد الرسول محمد (صلواته تعالى عليه)، فبدأت خديعة السقيفة والشورى، التي زيفت حقائق الولاية والخلافة، لذا فقد ولت الأمة أمرها لمن لا يستحق، فباؤوا بغضب الخالق، وأصبحوا بفعلتهم خاسرين!
تعطيل حدود الإسلام، ونشر البدع والفتن، أهم ما سعى إليه المنافقون، بعد إستشهاد الإمام علي (عليه السلام)، وما صلح معاوية، مع الإمام الحسن (عليه السلام)، إلا واحدة من أكاذيب بني أمية، لينالوا من أهل البيت، للقضاء على الفكر المحمدي، العلوي، الفاطمي الأصيل، فهم يدركون معنى، القرآن والعترة في معادلة واحدة!
ثورة علوية تتناسب، وحجم المخاطر المحدقة بأمة الإسلام، في ظل حكم الطاغية يزيد وأزلامه، فهي حقبة مثل فيها الفسق، والفجور، والعصيان، أبرز ملامحها، فكان لا بد من تبني موقف ملحمي، لوقف العنجهية الأموية عند حدها، فأنبرت العائلة الحسينية، برجالاتها، ونسائها، وأطفالها، لتكتب تضحية وصمود لا مثيل لها، في الأولين والآخرين!
رثاء أمام الهواء، والماء المحيط بالفرات، ينعى جسداً طاهراً، إنه زيد بن علي، أحد سادات البيت العلوي وعلمائهم، شهيد مظلوم، صلب على نخلة أيام الوليد الأموي، فلم يكتفوا بتعليقه أياماً قضت منه وطراً، فقاموا بحرقه، ودق عظامه، وذرها في الهواء، فسيعلم الذين ظلموا آل محمد، أي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين!
ثورة في وجه الطغاة، يقودها زيد الشهيد، أخو الإمام الباقر (عليهما السلام)، وربيبه في نهل ينابيع الرسالة المحمدية، التي قتل من أجلها جدهما الإمام الحسين (عليه السلام)، في واقعة الطف فحفظ الدين والرسالة معاً، فقد آثروا مصارع الكرام، على طاعة اللئام، وثورة زيد كانت إمتداداً طبيعياً، لهذا الخط العلوي الثائر!
في عراق الحسين، ما زال الحقد الاموي مستمراً، فمن مخططات آل أمية، وبني العباس، الذين أوغلوا في حقدهم على البيت الهاشمي، وما يزال الأحرار سائرون على طريق: لبيك يا حسين، فهي الجذوة المشتعلة الخالدة، أبناؤه، وأحفاده، وأنصاره، وزواره، وحشوده الحسينية، التي تقاتل من أجل عراق المقدسات، فعلي والإصلاح هدف واحد!