23 نوفمبر، 2024 12:00 ص
Search
Close this search box.

وأد الفتنة والحفاظ على السلم الاهلي مسؤولية الجميع

وأد الفتنة والحفاظ على السلم الاهلي مسؤولية الجميع

يرجع المؤرخون التعايش المشترك بين الشعبين الكوردي والعربي في العراق وسوريا ولبنان والاردن وحتى بعض دول المغرب العربي الى ماقبل وصول الزنكيين والأيوبيين الى منطقة الشام ومواجهة الصليبيين ، وعبر تلك القرون الطويلة فرض الكورد أنفسهم كمكون مؤثر في التأريخ العربي واصبحوا جزءا من تاريخ هذا الشعب العريق وفي ذات الوقت تأثر الكورد بالثقافة العربية واصبحوا جزءا منها بل تأثروا بها وأثروا عليها. حيث كان للشعب الكوردي دور كبير في التصدي لحملات الصليبيين والمغول ضد المسلمين.

وفي العصر الحديث وبعد سقوط الامبراطورية العثمانية التي كان العراق جزءا من ممالكها من ( 1532 – 1918 ) وبعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها ورسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط قسم الكورد بين دول المنطقة وفق الخارطة الجيوسياسية و اصبح جزء من ارض كوردستان ضمن خارطة العراق الجديد والجزء الآخر في سوريا ومنذ ذلك الحين وبرغم كل السياسات الشوفينية والممارسات القمعية التي مارستها النظم العراقية والسورية المتعاقبة بحق الشعب الكوردي ، الا ان الشعبين الكوردي والعربي عاشا معا بوئام وسلام من دون ان يتأثرا بالعامل السياسي والحروب التي جلب الويلات والدمار لأبناء الشعبين.

في العراق يمكن القول أن جميع المحافظات هي خليط من جميع المكونات العراقية من كورد وعرب وتركمان واقليات دينية ومذهبية مختلفة وهناك علاقات تصاهر وقرابة واسعة بين معظم المكونات بحيث لاتخلو عائلة من وجود صلة لها مع احد

المكونات الاخرى بشكل مباشر او غير مباشر والجميع دافعوا معا عن تراب هذا الوطن في ايام المحن وامام التجاوزات و الاعتداءات الاجنبية.

لونعود لتاريخ الثورات الكوردية في العراق المعاصر ، لم تكن هناك اية ثورة كوردية ضد الشعب العربي او المكونات الاخرى بمعناها العام ، بل جميع الثورات كانت ضد الانظمة الدكتاتورية والشوفينية التي حكمت البلاد وفق مبدأ (فرق تسد) وكانت تسعى دائما لخلق الفتن الطائفية والقومية بغية السيطرة على مقدرات الشعب العراقي وبقائها على اريكة السلطة لفترات اطول.

وفي جميع الثورات كان الكورد يؤكدون ضرورة استمرار التعايش الاخوي بين الشعبين العربي والكوردي وجميع المكونات العراقية ولذلك كان شعار ثورة ايلول المجيدة بقيادة الراحل مصطفى بارزاني (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لشعب كوردستان)، ايمانا منها ان الاغلبية العربية في العراق ايضا محرومة ومسلوبة حقوقها حالها حال الشعب الكوردي ولذلك كانت تطالب بحقوق العرب والاقليات الاخرى قبل الكورد ، بأعتبار النظام الديمقراطي في ادارة الحكم يضمن حقوق جميع المكونات بشكل متساو على اساس حقوق المواطنة.

وكلنا نعرف خلال حقبة حكم البعث الاستبدادي كيف مارس النظام سياسة الابادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الكوردي بشكل همجي من انفالات واستخدام الاسلحة الكيمياوية والجرثومية المحرمة دوليا وقتل مئات الالاف من النساء والاطفال والرجال والشباب فضلا عن تدمير اكثر من 4500 قرية كوردية وكانت المقابر الجماعية في مناطق الوسط والجنوب التي ضمت المئات من رفات الضحايا وتقارير منظمات حقوق الانسان بشأن تلك الجرائم دلائل دامغة على وقوع تلك الجرائم و وحشية ذلك النظام ، الا ان كل تلك الجرائم لم يكن بامكانها من ايجاد شرخ في العلاقات الاخوية بين الكورد والعرب والمكونات الاخرى ، وفي تلك الحقبة كانت

قوى المعارضة العراقية العربية وغيرها تاخذ من مناطق كوردستان قواعد ومقارا لها للقيام بنشاطاتها السياسية والعسكرية ضد البعث المباد وشاركت تلك القوى الشعب الكوردستاني محنته وبالمقابل كانت تحظى باحترام وحب الشعب الكوردي الذي كان يرى ولايزال بان المصير واحد والمستقبل يجب ان يكون مشتركاً طالما يعيش الشعبان في هذه البقعة من الكرة الارضية.

وبرغم كل تلك الجرائم واثناء الانتفاضة الجماهيرية في نهاية تسعينيات القرن الماضي اكد القادة الكورد وعلى رأسهم الرئيس مسعود بارزاني بضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية بين جميع المكونات مطالبا ابناء الشعب الكوردي وقوات البيشمركة عدم التعرض لابناء القوات المسلحة العراقية من الجيش والشرطة وحتى الامن الذين يتركون صفوف النظام ويتوجهون نحو الاراضي المحررة طلبا للأمان وفعلا احتضن شعب كوردستان الالاف من ابناء القوات المسلحة العراقية الذين غرر بهم وارغموا على محاربة الشعب الكوردي وتقاسموا معهم لقمة العيش برغم ظروف الحصارين الاقتصاديين الدولي والبعثي آنذاك والاوضاع الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها الناس.

واليوم وبعد الانتصارات التي حققتها قوات البيشمركة والجيش العراقي والحشد الشعبي وكل الشرفاء من ابناء العراق ضد تنظيم داعش الارهابي في جميع جبهات القتال وتحرير اراض ومدن وقصبات كثيرة من ايدي تلك العصابات المجرمة بحيث اصبحت ايامه معدودة وبدأ العد التنازلي لأنهياره تماما ، نرى هنا وهناك اشخاصاً يحاولون ضرب الوحدة الوطنية وايجاد شرخ في العلاقات الاخوية وتعريض السلم الاهلي في البلاد الى مخاطر جدية بافتعال الازمات في بعض المناطق ونشر الصور والمقاطع الفديوية المقززة في مواقع التواصل الاجتماعي بغية التاثير على الجبهة الداخلية في الوقت الذي يضيق الخناق على الارهاب المتمثل بتنظيم داعش

الارهابي يوم بعد يوم في جميع الجبهات بحيث اصبح تحرير كامل التراب العراقي من دنسهم قاب قوسين او ادنى. لذلك ينبغي على عقلاء القوم من جميع المكونات العراقية والحكومتين الاتحادية واقليم كوردستان والقوى السياسية بمختلف اتجاهاتها والمثقفين والنخب و وسائل الاعلام الوطنية وعلى رأسها المرجعية الشريفة العمل معا لرص الصفوف والحفاظ على السلم الاهلي من خلال ارشادات وخطابات معتدلة واجراءات قانونية ضد المتجاوزين ومفتعلي المشاكل وعدم اعطاء الفرصة للمتصيدين في الماء العكر من اضعاف الجبهة الداخلية والنيل من التعايش المشترك بين ابناء الشعب الواحد الذي يصب في المصلحة العامة للبلاد ، لاسيما ان الارهاب مازال يهدد وجودنا شعبا وارضا. .

أحدث المقالات