15 نوفمبر، 2024 10:07 ص
Search
Close this search box.

التفرد بالسلطة وصناعة الحروب

التفرد بالسلطة وصناعة الحروب

لا يزال العراق يدفع ضريبة سياسات سابقة خاطئة، أهمها التفرد بالسلطة وصناعة القرار، الأمر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع في العراق وعلى مختلف الأصعدة وكانت من ضمنها الوضع الأمني وسيطرة ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام على مساحات متعددة فكان القتل والخراب هو الحصيلة الوحيدة لذلك.
إن نشؤ مثل هذه التنظيمات يحتاج إلى اراضٍ خصبة تستطيع من خلالها غرس أفكارها المتطرفة وفرض هيمنتها بالكامل، كما إنها تحتاج لمناخ يتلاءم مع ما تحمله من فكر إجرامي، فوجدت هذه التنظيمات الوقت والأرض الملائمتين لها في العراق خصوصا في السنوات ألثمان المنصرمة لما تضمنته من إقصاء وتهميش لفئة معينه، وأنا لا اقصد بأن هناك من احتضنهم ولكن إبعادهم عن ممارسة حقوقهم وإشراكهم في إدارة الدولة وإضعافهم سهل الأمر لوجود مثل هذه العصابات، فجاءت النتائج على ما نشهده اليوم من حروب راح ضحيتها الآلاف.

كان أمل العراقيين الدخول إلى مرحلة جديدة تنهض بالواقع المزري المفروض على الشعب بعد التغيير الذي وعلى ما يبدو لم يأتي بأية منفعة تذكر، كما إن هناك معطيات تؤشر إلى وجود خلاف كبير وتحدٍ بين الأطراف السياسية ألمتنفذة ومحاولات لعمليات شراء أصوات برلمانية لتنفيذ عملية انقلابية، وإن هذا الخلاف اخذ يتسع كذلك بين المركز والإقليم ليصل إلى ذروته وبدأت لغات التهديد تتصاعد فيما بينهم، هذه الفوضى الغير مسيطر عليها قد تقود إلى حرب الخاسر الوحيد فيها هو الشعب العراقي بكل أطيافه.

من جهة أخرى صرحت مجموعات متنفذة تشارك في العمليات القتالية الجارية عن استعدادها للنزول إلى الشارع في حال عدم تخصيص مبالغ مالية لها في ميزانية 2016 مع انه ومن الطبيعي شمولهم ضمن موازنة وزارة الدفاع العراقية كونها ومن المفترض أن تكون الجهة الوحيدة المسئولة عن إدارة المعارك في العراق، وكان ذلك تهديدا واضحا للدولة ودليل على حالة الفوضى التي قد نشهدها قريبا والتي تقف السلطة عاجزة عن مواجهتها.

إن نظام صدام حسين كان ينتهج نفس السياسة ألا وهي التفرد بالسلطة والقرار وكانت من نتائجها الحروب التي نزلت بمصائبها على رؤوس العراقيين ودفعنا ثمنا لها العديد من الشهداء كذلك شهدنا نهوض انتفاضات مناوئة للنظام آنذاك واعتقالات طالت الآلاف من الأبرياء . إن من يترأس الحكم في العراق عليه أن يعي تماما

كيف يدير دولة متعددة القوميات والأديان والطوائف وعليه أن يبتعد عن فرض فكر معين يؤمن به من خلال انتمائه الحزبي أو أي انتماء أخر، وان يشارك الجميع في صناعة القرار لبناء دولة قوية موحده، وان انتهاج عكس ذلك سيولد المزيد من الحروب الداخلية التي وعلى ما يبدو نحن نقف على أبوابها، فهل سنشهد بذلك حرب شوارع وطوائف؟ أم ستصدق نبوءة ما بعد داعش وهي أن الفصائل المحررة ستتقاتل في مابينها.؟ يجب إدراك ذلك والحل يكمن في تعزيز وتقوية الشراكة الوطنية واجتماع الشركاء من كل الأطراف لاتخاذ القرارات المناسبة التي من شأنها أن تنقذ العراق من الوقوع في وادٍ مظلم تملؤه الدماء.

إن مثال الشراكة الوطنية الحقيقية انتهجها الدكتور اياد علاوي عند تسنمه منصب رئاسة وزراء العراق مع امتلاكه السلطتين التنفيذية والتشريعية، فكان يعرف كيفية الإدارة الصحيحة مع إن العراق قبيل فترة حكمه كان على اشد المراحل من الاختلال والتشتت وان السيطرة المذهلة التي تقدم بها عن غيره لا زالت محط اهتمام وإعجاب يذكر، جاء ذلك على اثر مشاركة جميع الأحزاب والحركات في العملية السياسية والبحث معهم في القضايا الإستراتيجية قبل طرحها على مجلس الوزراء، الأمر الذي عاد بمنفعته على الجميع في مختلف الأصعدة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات