نشرت مواقع الكترونية خبرا يقول إن : ((نسخة جديدة من القرآن (المترجم للإنجليزية) تسمى قرآن الدراسة أو “Study Quran” في الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لاستعادة القرآن من المتشددين حيث تم تبنيها من قبل لائحة طويلة من المسلمين في البلاد ويحتوي على تفاسير وإيضاحات من علماء ينتمون إلى الطائفتين السنية والشيعية وهو الأمر الذي يعتبر “سابقة” بحسب محرريه. بالنسبة للمسلمين فإن كل كلمة وكل حرف في القرآن تعتبر مقدسة بعد أن أوحاه الله إلى النبي محمد الذي وصفه بسلم بين الأرض والسماء، حيث أن القرآن يوفر توجيها حول العديد من القضايا مثل الروحانيات والأخلاق وحتى قواعد الاشتباك بالحروب. النبي محمد لم يكن يسعى لبناء مجتمع ديني فقط بحسب علماء مسلمين بل كان يبني دولة وفي بعض الأحياء فإن بناء الدولة قد يشمل عنفا، ومن هنا استغلت جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش،” هذا الجانب لتبرير عنفهم ومن هنا يأتي “قرآن الدراسة.” العديد من الترجمات للقرآن تحتوي على القليل من التعليق والتوضيح فقط النصوص دون ملاحظات، وعلى سبيل المثال الآية التي تقول: “فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ” (سورة محمد الآية 4) حيث استخدمها داعش لتبرير أعمال قطع رؤوس رهائنهم ، وهذه الآية في القرآن الجديد يتم إيضاحها بأنها مقتصرة على ساحات الحرب وليست أمرا مستمرا وعلى كل المسلمين الانصياع لها في كل الأوقات)) .
فنقول :
وهل هذا القرآن المزعوم سوف يحل قضية باتت معقدة جدا ، واستفحلت واصبح علاجها صعب للغاية ؟ . إن تنظيم القاعدة أو داعش هو اليوم فكرا وسلوكا ، ليس فقط معتقد ديني يبني منهجه على القتل والارهاب وتكفير الآخر ، وتحليل قتله ؛ أنه سلوك وتوجه ، وله حواضن ومريدين .
الفكر الداعشي صار يتبناه السياسي وشبه المثقف وسواهما ، وليس المسلم المغرر به فحسب . فالمطلوب القضاء على هذا الفكر والسلوك المنحرفين ، بطريقة أو بأخرى ؛ يراد التشدد على هذا الانحراف المؤدلج بأسم الدين ، ومحاربتهم اكثر اعلاميا بحيث أن تُقطع عنهم الاتصال من خلال حظرهم من الشبكة العنكبوتية ، ومن وسائل اعلام اخرى كقناة الجزيرة وغيرها التي تبث وتنشر اخبارهم الاجرامية وهم يقطعون رؤوس ضحاياهم ؛ الا تعلم الولايات المتحدة الامريكية بأن قناة الجزيرة هي قناة داعشية ، وهذه مسألة بدهية بات يعلمها القاصي والداني . وقد ذكرنا في مقال سابق بأن داعش صنيعة سعودية قطرية اذ هما الداعم الحقيقي لهذا الفكر المنحرف الضال .
(قرآن الدراسة) المزعوم قد يحد قليلا من توجهات داعش في الولايات المتحدة حسب نظر البعض ، وهذا ما لا نعتقده ولا نقر به ، سيما وان هذا الفكر قد تسرب الى اوربا برمتها بعد أن تجذر في جميع الدول العربية . واخيرا اوربا شعرت اكثر فأكثر بمخاطر هذا الفكر بعد الضربة الاخيرة التي حدثت في فرنسا والتي أسفرت عن وقوع أكثر من 120 قتيلا ونحو 200 مصاب . وعلى اثر ذلك كانت ردود افعال عالمية مختلفة ، منها ما قاله الرئيس الإيطالي إن الإرهاب يهاجم أوروبا ، واصفا الهجمات الأخيرة على القارة بأنها “محاولة لحرب عالمية بوسائل لم يسبق لها مثيل” على حد قوله . عملية ارهابية واحدة في فرنسا حرب عالمية ، تصور ، لكنهم يشاهدون ويسمعون ما يفعله داعش في الدول العربية فلم يحركوا ساكنا ، وشعروا بحجم المخاطر حينما وصل السيل (زباهم) . فأي ازدواية في المعايير هذه التي يتبناهم الموقف الدولي من الشرق الاوسط ، وبالخصوص بما يجري في العراق وسوريا