استلمت بالبريد المسجٌل الاعتيادي ( القديم والجميل والنادر الآن حقا ) نسخة من معجم كرة القدم الروسي – العربي , الذي أعدٌه التدريسي في قسم اللغة الروسية في كلية اللغات بجامعة بغداد أحمدعبد الكريم حميد والتدريسية في جامعة كورسك الروسية الحكومية سفيتلانا كيميافنا كانستانتينفنا , هذا الكتاب الفريد من نوعه , والمتميٌز بكل معنى الكلمة , وغير الاعتيادي شكلا ومضمونا , و الذي صدر في بغداد هذا العام ( 2015 ) عن مؤسسة ومطبعة العصامي .
لقد قرأت عن النية باصدار هذا الكتاب هنا وهناك في حينها ضمن أخبار قسم اللغة الروسية في جامعة بغداد , والذي اتابع اخباره طبعا لانه بيتي الحبيب , واندهشت جدا من طبيعة عنوانه ومضمونه الدقيق والخاص بكرة القدم ليس الا , بل اني كتبت الى مؤلفه ( وهو أحد طلبتي سابقا في قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد , والذي كان متميزا بنشاطه العلمي آنذاك ) ملاحظة سريعة وقصيرة في الفيسبوك مفادها , انني اخشى ان هذا الموضوع المحدد جدا لا يمكن ان يكون كافيا لاصدار معجم متكامل الاوصاف من الناحية العلمية , وانه من الافضل – في رأي – التخطيط والاعداد لاصدار معجم يتناول مجمل الحركة الرياضية بانواعها واشكالها المختلفة , الا ان طالبي العزيز أحمد عبد الكريم حميد أجابني عندها , ان هذه اللعبة الرياضية و الشعبية جدا في العالم تتطلب مثل هذا المعجم الخاص بها, وانه سيكون خطوة رائدة في مجال اللغتين العربية والروسية في العراق بشكل خاص , وفي العالم العربي بشكل عام , وفي روسيا ايضا , واعترف الان ( وبكل روح رياضية ), بعد ان استلمت الكتاب مطبوعا واطلعت عليه بامعان, ان طالبي سابقا احمد عبد الكريم حميد كان على حق في دفاعه المتحمس عن فكرة مثل هذا الاصدار العلمي الرشيق والمتميز ,
و اصراره على تنفيذ تلك الفكرة , وقد انعكس هذا الرأي بشكل تفصيلي و علمي وموضوعي في المقدمة , التي جاءت في ذلك الكتاب .
لقد عاصرت اثناء عملي في قسم اللغة الروسية بجامعة بغداد على مدى (35 ) سنة عدة محاولات علمية متميزة ورائدة لاصدار معاجم روسية – عربية متخصصة , ومنها = على سبيل المثال وليس الحصر = القاموس الروسي – العربي للمصطلحات والمختصرات العسكرية , الذي قام بتأليفه واعداده الدكتور غالب عبد حسين ( من اوائل طلبتي بالقسم في سبعينيات القرن الماضي ثم زميلي وصديقي بالعمل فيما بعد ) واصدرته في حينه وزارة الدفاع , والذي كان اول محاولة عراقية جديٌة وعلمية في هذا المجال المهم آنذاك للعراق والاتحاد السوفيتي في آن واحد , والمعجم الروسي – العربي السياسي الذي قمت انا بتأليفه واعداده بالاشتراك مع الدكتور صفاء محمود علوان- (طالبي ثم زميلي بالعمل في القسم المذكور) , واصدر المكتب الاستشاري لكلية اللغات ذلك المعجم بنسخ معدودة آنذاك , وكانت مساهمة الدكتور رؤوف الكاظمي كبيرة ومتميزة في هذا الشأن , اذ اصدر قاموسين مهمين جدا في مجال المصطلحات الاقتصادية الروسية – العربية ضمن امكانيات الكلية المتواضعة طبعا , الا ان كل هذه المحاولات العلمية الرائدة بكل معنى الكلمة , ((والتي كان يمكن لها ان تؤدي دورا كبيرا في مجال العلاقات الثقافية الروسية – العربية وبروز قسم اللغة الروسية في جامعة بغداد علميا وعالميا )), قد تمت بمعزل عن مساهمة الجانب الروسي اولا , وهذا شئ سلبي جدا , ولم تستطع تلك المحاولات ثانيا – ومع الاسف الشديد – ان تتجاوز حدود العراق, وبالتالي , ان تنطلق الى العالم العربي – الروسي بسبب وضع العراق السياسي آنذاك من حروب عبثية وحصار دولي مقيت وجائروظالم , و كذلك – طبعا – نتيجة ضيق الافق الفكري والمحدود والساذج للمسؤولين الكبار عن التعليم العالي في العراق وعلاقتهم الحسٌاسة (و كدت أقول المرضية ) تجاه اللغة الروسية وموقعها العالمي وارتباطها ( بالنسبة لهم وحسب تفكيرهم غير الموضوعي بتاتا ) بالايديولوجية السوفيتية …الخ , ولا اريد الحديث
تفصيلا هنا عن هذا التاريخ المؤلم , و الذي يثير الشجون , ولكني اود الرجوع الى موضوع معجم كرة القدم الذي تتناوله مقالتنا هذه , واقول , انه المحاولة العلمية الناضجة فعلا التي تمت بالتعاون العلمي المشترك والصحيح والموضوعي بين الجانبين العراقي والروسي ( جامعة بغداد وجامعة كورسك , وهذا طبعا نتيجة طبيعية لجهود احمد عبد الكريم حميد – خريج تلك الجامعة ) , وهذا بالذات ما يميزه ( اي المعجم )عن كل المحاولات الكبيرة والمهمة السابقة , و التي أشرت اليها اعلاه . هذا اولا , اما ثانيا , فقد جاء هذا الاصدار بشكل فني متقن وجميل يليق به وباهميته , اذ لم يسبق للمطبوعات العراقية – الروسية في هذا المجال ان صدرت بهذا الشكل الملون والفخم , وانما صدرت بشكل بائس جدا ليس الا , وهذا عامل مهم جدا في الموضوع , ولا ادري من الذي تحمٌل تمويل طبع الكتاب بهذا الشكل البهي فعلا, اذ لا توجد اشارة في الكتاب الى ذلك , واتمنى ان يكون الامر غير مكلف للمؤلفين شخصيا .
ختاما لهذه الملاحظات السريعة , اود ان اشير الى ان ملحق الملاعب في نهاية الكتاب غير مكتمل بتاتا , وكذلك الامر – ولو بشكل أقل نسبيا – بالنسبة لملحق اندية كرة القدم في العالم , ولم أجد اي اشارة الى المصادر الروسية , التي اعتمدتها كانستنتينفنا بالنسبة للنص الروسي , وهذا شئ مهم جدا بالنسبة لاي معجم ثنائي , واود ان اشيد بالترجمة العربية الحرة , التي جاءت مرافقة للنصوص الروسية , والتي شعرت ان كاتبها يتفهم بعمق خصائص اللغة العربية المرتبطة بلعبة كرة القدم , رغم عدم اتفاقي مع بعض التسميات , التي جاءت هناك مثل – ( الكافكاز ) ص.59 بدلا من ( القوقاز) , او – ( المدفعجية ) ص. 106 بدلا من محاولة ايجاد بديل عربي سليم لتلك التسمية مثل – فريق صنف المدفعية , او الاحتفاظ بنفس التسمية الروسية في الاقل باعتبارها اسم علم , اي ( بوشكاري )… ولكن هذه الملاحظات البسيطة جدا لا تقلل بتاتا من اهمية وقيمة هذا العمل العلمي الرائد والطليعي في مسيرة اللغة الروسية في العراق , والتي ستفتح الآفاق امام المختصين العراقيين في هذه اللغة لاقتحام مجالات واسعة اخرى .