اتقي شر الحافي اذا تقبقب
لا ادري لماذا كلما رايت قيس الخزعلي زعيم عصابات اهل الحق قفز الى ذهني بيت الشعر الذي يقول ( اتذكر اذا لحافك جلد شاة واذ نعلاك من جلد البعير ) … . قد يكون السبب في ذلك هو رؤيتي لمشهد يظهر فيه الخزعلي وهو يقوم على خدمه السقي للسيد مقتدى الصدر وبعض من ضيوفه , اشعثا , اغبرا , دون ان اتاكد ما اذا كان متقبقبا ام حافيا .
على كل , ليس غريبا في بلد الغرائب ان نرى الساقي يتحول في ليلة وضحاها الى قائد عصابة او مليشيا , فلا فرق يذكر بين المهنتين في العراق , لكن الغريب في الامر هو ان يفقد الانسان عند هذا التحول أدنى مستويات المعقولية والمنطقيه في التفكير , وحقيقة فان ال( جماعة) يثيرون الضحك والشفقة اكثر مما يثيرون السخط والغضب . فمنذ ان ظهر قيس الخزعلي هذا على المشهد السياسي العراقي وهو مغرم بافتعال ( اكشنات) قوية في الوضع العراقي . فتارة يصف عصاباته بانها تمثل الجناح المتطرف في المكون الشيعي ( يقولها وهو مبتسم وكانها مكرمة وليست مثلبة ) , وتارة اخرى يهدد بالويل والثبور هذا الطرف العراقي او ذاك متربعا في استوديوهات الفضائيات و خلف مايكروفوناتها , لايزيد من حماسه وحرارته سوى المقعد الوفير الذي يجلس عليه , هي ذات الحماسة التي ابتلي بها اكثر من ظهروا على الساحة السياسية العراقية من الدونكيوشوتيات , ولم يجنوا منها سوى مصير اسود كان يفترض ان يتعظ منه من اتى بعدهم .
اخر عنتريات محمد العاقول ( قيس الخزعلي) هو تهديداته بطرد قوات البيشمركة من جميع المناطق الكوردية المستقطعة من كوردستان والتي حررتها البيشمركة من سيطرة داعش بدمائهم …. نعم هكذا وبكل سهولة .. .وبالطبع فان كل من يرى قيس الخزعلي وهو يتكلم بهذه اللهجة القوية يخيل اليه انه زعيم لجيش عرمرم قد يكون من اقوى جيوش العالم , وليس زعيم لافراد ( مخربطين) يفتقرون لابسط مقومات فنون القتال والتنظيم تتردد حتى في تسميتهم بالمليشيا .
وهنا وبابتسامة عريضة نريد ان نوضح بعض النقاط المهمة لمحمد العاقول كنصيحة مجانية ونقول له … تمهل يا رجل , دونك وحماسة البداوة تلك .. فلقد ارتقيت مرتقى صعبا سيصعب عليك النزول منه لاحقا .
ان البيشمركة الذين تهددهم هم الوحيدين الذين لا ينفع معهم تهديد ولا وعيد , فهم الذين ظلوا يقارعون جيش صدام حسين ويذيقونه العذاب في الوقت الذي كانت فرائص امثالك ترتعد منه ويتخفون عنه بين احراش القصب في الاهوار او يحتمون منه في كوردستان . لقد قاتلوا جيش صدام حسين الذي كان يعتبر رابع حيش في العالم دون ان يتنازلوا له , بينما استسلمت له جيوش كبيرة في المنطقة , تلك الجيوش التي انت وامثالك الان تحتمون بها وتقتاتون على فضلات موائدها .
البيشمركة الذين تهددهم اليوم يا محمد العاقول هي القوة الوحيدة التي كسرت اسطورة داعش وانتصرت عليها على صعيد المنطقة , في الوقت التي هزمت فيه داعش الجيش العراقي مع كل ما كان يمتلكه من اسلحة حديثة متطورة كنت تتفيا انت وامثالك تحت ظلالها , وهزم امامها جيش النظام السوري الذي كان يعتبر من اقوى الجيوش العربية . هي نفسها داعش التي لم تحرز امامها انت ومليشياتك أية انتصارات حقيقية لغاية الان , فعن أي طرد للبيشمركة تتحدث يا رجل ؟
من الضروري ان تعرف الاطراف السياسية والمسلحة في العراق احجامها وامكانياتها الحقيقية دون مبالغة في تصور القدرات . وعلى قيس الخزعلي ومن لف لفه ان يفقهوا بان لغة التهديدات الفجة لم تعد تخيف احدا خاصة بعد ان فضح دخول داعش للعراق موازين القوى الحقيقية عند جميع الاطراف , وبدلا من العنتريات الفارغة التي تذكرنا بزمن البداوة فانه قد ان الاوان لان نتبنى منطقا جديدا يبرز الوجه الحضاري لهذه الدولة بعد ان نزفنا طوال قرن من الزمان انهارا من الدماء كان يمكن توفيرها واللجوء الى مبدا الحوار والالتقاء في مشتركات يمكن لنا اكتشافها ان كنا حريصين على حقن الدم العراقي لجميع المكونات