19 ديسمبر، 2024 12:40 ص

نحن 99% (اي إننا نمثل الاغلبية التي اغلبها صامت)، شعارُ رفعته حركة (احتلوا وول ستريت) مؤخراً وهي التي بدأت نشاطها بمظاهرات صغيرة –منذ شهرين تقريباً-ثم ما لبثت ان اتسعت لتشمل اكثر من 900 مدينة حول العالم، ورغم قلة المشاركين في التظاهرة وكونه اغلبهم من الطبقة الفقيرة والمتوسطة الا ان القائمون على التظاهرة يؤكدون انهم يمثلون الاغلبية ، وقد بدأت الحركة تجذب الانظار اليها مؤخراً بعد ان شارك فيها بعض المشاهير وبعد قيام الشرطة بحملات اعتقال شملت العديد من المشاركين فيها –رغم طلاق سراح اكثرهم لاحقا- وبعد ان تحدث عنها وعن مستقبلها سلباً وايجاباً بعض الشخصيات السياسية العالمية.
ما يهمني هنا هو الحديث عن الاسباب التي قادت الى قيام مثل هذه الحركة في بلد ديمقراطي يسعى جاهداً لتصدير نموذجه الديمقراطية الى العالم وخاصة بلدان الشرق الاوسط، بلدٍ يفترض انه يتنعم بحسنات الديمقراطية منذ سنين طويلة!!!!!
من الواضح ان حركة احتلوا وول ستريت هي حركة مناهضة للرأسمالية والعولمة وما نتج عنهما لذا اتخذت من (احتلال) رمز القوة الاقتصادية العالمية (وول ستريت) شعاراً لها، والشعار فيه الكثير من المداليل فجموع المتظاهرين يائسة كما يبدو من اي حل لذا تدعوا لاحتلال رمز القوة وسبب المصائب!!!
قال البعض ان الحركة مجرد شغب مؤقت لأناس عاطلين عن العمل وقال البعض انها حركة ستساهم في تصحيح بعض مسارات النظام الامريكي او ستغيره بالكامل او انها ستسبب في انهياره كلياً، وقال اخرون انها ستغير العالم!!!!!
(متّحدون من أجل التغيير العالمي)،(نحن الـ 99%)،(احتلوا العالم) شعارات رفعتها الحركة ومؤيدوها الذين لبوا الدعوة للتظاهر في اكثر من 900 مدينة حول العالم ،شعارات تحمل الكثير من المعاني والاحداث التي تترتب عليها يصعب توقعها لكنها تعبر بوضوح عن هم عالمي ، هم تنعم الاقلية بالخيرات والسلطة وبقاء الغالبية في العالم -رغم الديمقراطية والعولمة وووو- على الهامش!!!
ربما تكون ثورات ما يسمى بالربيع العربي شكلت حافزاً لانطلاق هذه الحركة في هذا التوقيت بالذات ولكنها ليست سبباً لها لان مقدمات الحركة سبقت ظهور الثورات وظهرت بصورة اضطرابات واعتراضات شملت الدول التي تمثل رمز العولمة كفرنسا وبريطانيا.
لا شك ان هناك مشتركات كثيرة بين الثورات والحركة ، ولكن الفرق الاساسي بينهما ان ثورات الربيع العربي تطالب بتطبيق الديمقراطية-او أُريد لها ذلك- في حين ان حركة احتلوا وول ستريت  تطالب بالخلاص من اخطاء الديمقراطية !!!!
منذ فترة ويجري في الغرب الحديث عن نقد الديمقراطية خاصة موضوع تأثير المال والاعلام عليها واختفاء حسناتها بفعل هاذين الغولين، هذا كله ونحن نقيم الثورات ونضحي بالأنفس والاموال لتحقيق الديمقراطية ، لاشك ان الديكتاتورية امر بغيض والخلاص منه نعمة  لكن البديل المطروح لا يقل شراً بل لعله اكثر (ديمقراطية برعاية غربية).
هل حركة احتلوا وول ستريت متقدمة علينا فكراً وتجربة وهي نتاج تجربة واقعية اما انها مجرد فوضى  مؤقت لن يكون تنظيفها صعباً على الماكنة العولمية؟؟!!
هل ستتنعم بلداننا بالاستقرار قريباً بعد عقود من فوضى الديكتاتوريات ام سنشهد قريباً ثورات من نوع اخر ثورات تطالب باحتلال مراكز القوة الجديدة في العالم العربي والاسلامي مراكز المال والاعلام؟؟!!
من يدري؟؟!!
فنحن زمن مفتوح على كل الخيارات ويصعب تحليل احداثه وتخمينها