19 ديسمبر، 2024 12:28 ص

90% من اصوات الناخبين لانتخابات 2013 في مهب الريح

90% من اصوات الناخبين لانتخابات 2013 في مهب الريح

تدور الكثير من التساؤلات وتتزاحم في مخيلتي عندما اشرع في قراءة الوضع الانتخابي في العراق، فاساس كل حملة انتخابية في العالم هو “البرنامج الانتخابي السياسي للمرشح او الكيان” ، لكن في العراق لاتعير الكتل والقوائم الانتخابية او الناخبين اي اهتمام للبرامج الانتخابية، او كيف سيقود المرشح البلد ويعالج مشاكل الناس من خلال برنامجه الذي ينوي طرحه للجمهور ليكون وسيلة كسب اصواتهم.
وكل ماتفقهه الحملات الانتخابية العراقية هو التركيز على تسويق المطبوعات البائسة للمرشح او الكيان ومليء الشوارع والارصفة والجدران بتلك الملصقات. وعلى سبيل المثال، في الفترة ما بين 2009- 2010 عندما كنت اشغل مركز مهم في الحملة الانتخابية لكلتة الاحرار لم اسمع عن برنامج انتخابي، ولم اناقش مع اي مسؤل في اللجنة السباعية او غيرها ومع المرشحين طريقة وكيفية الحكم والاستراتيجية التي ينوون استخدمها بعد فوزهم، لانها غير موجودة اصلا والمهم لديهم النجاح بالانتخابات باي شكل من الاشكال ومن ثم تناقش اليات الحكم واصول العمل النيابي التشريعي. وهذا هو اكبر الاخطاء التي تقع فيها الكتل والاحزاب السياسية العراقية لانها لاتضع خطط ومراحل لعملها السياسي وتجتهد في صناعة القرارات المهمة ومن بينها المشاركة بالانتخابات وتعتمد مبديء العشوائية في كل شيء وتحيط مجاميع من خبراء الكلام الذين يسوقون انفسهم اولا، للساسة والمسؤلين ويفشلون في تسويق من يديرون لهم الحملات الانتخابية، وثانيا،ينصب جل اهتمامهم على الاموال التي ستنفق على الحملات الانتخابية. وهو خطا يرتكبه الناخب العراقي ايضا، فالطرف الاول والثاني في العملية الانتخابية(الناخب والمرشح) يؤجلان كلاهما الخوض في خطط الحكم والبرامج السياسية الى مابعد الانتخابات ويركز كلاهما على هدف مؤقت يختلف لدى الطرف الاول عنه لدى الطرف الثاني لكنهما يلتقيان في صندوق الاقتراع.
 انه ليس انتقاص من مكون او كيان ما، لكن انتقاد للعقليات التي تدير العمليات الانتخابية، واخص بالذكر ايضا مفوضية الانتخابات التي من المفترض بها وفي هذا الوقت ان تقدم ثقافة انتخابية كاملة للكيانات الانتخابية وللناخبين وتعرفهم باسس واصول الحملات الانتخابية والتمييز بين “التسويق الانتخابي” لاجل كسب المناصب والامتيازات، و”التسويق الانتخابي” لاجل تقديم افضل المرشحين واكثرهم كفاءة لادارة المؤسسات الحكومية ولادارة الدولة.
ومع الكم الهائل للكيانات السياسية التي سجلت لدى المفوضية والبالغ عددها 261 وتضم اكثر من 6000 مرشح يتنافسون على 447 مقعد في مجالس المحافظات، فلن نجد اثر لبرامج سياسية ولن يعرض اي من المرشحين برنامجه الانتخابي لانهم على قناعة كاملة ان ثقافة القراءة في المجتمع العراقي تكاد تكون ضئيلة جدا، والاهم لدى الناخب هو الوعود التي تعطي امال كاذبة يسعى خلفه الناخب عله يصيب خيرا من تلك الوعود. وما بين ثلاثة نوعيات من المرشحين هم (حكام ومسؤلون يمسكون بزمام الامور في الدولة، والنوع الثاني،معارضون يراهنون على فشل خصومهم في الحكم كل الفترة المنصرمة ، واخيرا تجار ومليشيات واثرياء يطرحون انفسهم للمرة الاولى) ستختلط الاوراق الانتخابية وتضيع الاصوات فتعود التركيبة ذاتها للحكم مرة اخرى.
وبمنطق الارقام نستطيع القول ان كل 13 مرشح سيتنافسون على مقعد واحد من مقاعد مجالس المحافظات، وبناء على احصائيات مفوضية الانتخابات فان افضل نسبة اقبال على الانتخابات كانت في عام 2010 والتي كانت اقل من 60% من اصل الناخبين العراقيين، مما يعني ان كل 13 مرشح سيتنافسون على 80 الف ناخب، وهذا الرقم هو نسبة 60% من الناخبين الذين يقترعون وهنالك 40% يحجمون عن الانتخاب لاسباب كثيرة وقد ترتفع نسبة هؤلاء في انتخابات 2013 لاسباب كثيرة من بينها الفشل الحكومي وفشل النواب في ادارة البلد نحو بر الامان وتحقيق ولو جزء بسيط من الامال التي علقها عليهم من انتخبهم في عام 2010.
وقد يظن القاريء ان 80 الف ناخب تقسيم 13 مرشح يعني 6153 حصة افتراضية لكل مرشح رقم كبير بما يكفي للعبور نحو الضفة الثانية، لكن الحقيقة ان هذا التقسيم وفقا لفن “التراتبية الافتراضية في ادارة الانتخابات” ما هو الا وهم رياضي يستعان به لرسم خطط حملات انتخابية، فقوة بعض المرشحين والكيانات قد تلتهم تلك الحصص، وعلى جانب اخر فان هذه الحصة الافتراضية سيسقط قرابة 20% منها في عمليات توزيع الاصوات بين المرشحين وفق نظام ( القاسم الانتخابي = عدد الاصوات الصحيحة /عدد المقاعد). ووفق المنطق اعلاه فان 12 حصة من الاصوات ستهمل وستحظى حصة واحدة فقط بالفوز، وهنا تكمن الكارثة فلو افترضنا ان 12 مرشح من 13 الذين يتنافسون على مقعد مجلس محافظة ما حصلوا على اصوات تترواح مابين 2000-5000 صوت، وواحد فقط احرز 10000 صوت، فسيفوز الاخير وتهمل 70 الف صوت لان نظام توزيع الاصوات بين المتنافسين نظام واهي وضعيف ولم يناقش في المجالس العامة ولا في وسائل الاعلام.
وللحديث تتمة