23 ديسمبر، 2024 1:16 ص

9 نيسان وصمت بغداد يصرخ لا لصدام ولا للمحتل

9 نيسان وصمت بغداد يصرخ لا لصدام ولا للمحتل

كان يوما عبوسا مملوءا بالصمت الناطق بعبارة لا للطاغية ولا للمحتل ، كان الصمت تخترقه اصوات سرف الدبابات الامريكية وهي تستعرض قوتها امام شعب طالما عانى من تنصيب هذه الدولة لحكام المنطقة تارة والانقلاب عليهم تارة اخرى، وقد كان الموقف مذهلا يذكرك بيوم 8 شباط عام 1963، حين تأمرت هذه الدولة على الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم والقوى الوطنية الخييرة ، وجاءت بالبعث القومي،، كما قالها امين سر حزب البعث انذاك علي صالح السعدي ، جئنا بقطار امريكي ، راكبة بذلك المد القومي الذي ساد في الستينات الساحة العربية بفعل مصر الناصرية ، ولما كان التيار الديني اليوم هو السائد على الساحة (بعد تسلم حزب العدالة والتمية الاسلامي السلطة في تركيا) فقد ابتدعت الويلايات المتحدة فكرة الشرق الوسط الجديد لتعمل على تبديل الوجوه القومية بالوجوه الدينية وفق نظرية الفوضى الخلاقة ، مبتدئة بالعراق عن طريق الاحتلال ، مشجعة الربيع العربي بقيادات اسلامية ابتداءا من حركة النهضة بزعامة الغنوشي عضو قيادة التنظيم العالمي لحركة الاخوان المسلمين في تونس ، مرورا بسوريا عن طريق القاعدة وأفراخها ، وفي مصر اعدت المسرح لانتخابات يفوز بها الاخوان ، وقبلها في لبيبيا ، مرورا بالبحرين وسكوتها على الحرب في اليمن ،
ان ركوب الويلايات المتحدة الموجة السائدة يعبر عن ان هذه الدولة لا تدخر جهدها في التدخل في شؤون الدول الاخرى وبطرق متعددة عائدة بذلك الى الاهداف الاستعمارية القديمة ولكن بطرق عصرية (امبريالية)للاستيلاء على ثروات ومصائر شعوب هذه الدول ولتكون بعد اليوم على الاراضي لا فقط في البحار ولتكون قريبة جدا من اسرائيل ،
لقد كان التاسع من نيسان سابقة خطيرة في خرق سيادة الدول ، بعد ان استقرت العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية على مبدا احترام هذه السيادة وعدم تهديد الاخرين بالقوة الغاشمة ، استنادة الى الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الامم المتحدة ، ومنذ ان تم الاعتراف بسيادة الدول في مؤتمر فينا عام 1815 ، وقد كان نتيجة هذا الاحتلال للعراق ان قام الحاكم المدني الامريكي بفعل قوة المحتل بحل قوى الامن العراقية مسهلا بذلك لقيام الفوضى وسرقة ممتلكات الدولة وامام ناظريه مشجعا العصابات للامعان بسرقة كل شئ حتى الاثار الثمينة، ومن ثم الانتقال الى الصفحة الثانية صفحة الارهاب ، ان الارهاب لم يكن صناعة محلية خالصة، انما هو من انتاج عوامل متعددة جمعتها الويلايات المتحدة في القاعدة ضد الاتحاد السوفيتي في افغانستان ، مرورا بتنظيم القاعدة في الجزيرة ، وصولا الى اختراع مفهوم الدولة الاسلامية في العراق والشام ، والذي ما لبث ان توسع بشكل مثير للريبة في قيام ونمو مثل هذه التنظيمات في القرن ال 21، والذي مالبث وبقدرة قادر ان وصل الى كينيا بعد عبوره ليبيا وتمدد الى نيجيريا تحت راية بوكوحرام ، ليلتقي ولو بالتنسيق مع تنظيم القاعدة في الساحل. والشمال الافريقي،
كان لسقوط بغداد يوم التاسع من نيسان عام 2003 ، وبمقولة الشرق الاوسط الذي نادى بها جورج بوش الابن ، ان اشتعلت كل هذه الحرائق في المنطقة ، والتي يراد من وراءها صياغة نظم جديدة تابعة للويلايات المتحدة وتسير في فلكها ، وذلك حماية لاسرائيل من جهة ، ووضع بداية عملية لانقاذ الاقتصاد الامريكي من تناقضاته الهيكلية وانحسار نفوذه العالمي بعد قيام المارد الاقتصادي الصيني ، والذي بدا يصنع عالما جديدا لا ياخذ فقط بالمسلمات الرأسمالية الصرفة بل ليضيف اليها مخرجات الطبقة العاملة التي تنتج بالالة بالتزامن مع قوة العمل الفاعلة على مستوى الانتاج الواسع والذي دخل نهاية القرن الماضي سوق التجارة العالمية وفق مسلمات العولمة الليبرالية . لقد اوجع الصينيون رؤوس الراسمالية ،واخذوا يحاربونها بادواتها ، والعيب كل العيب ان تتراجع الرأسمالية عن ثوابتها وتأخذ بالحمائية التجارية، عليه ومما تقدم لم يعد لاحتلال الدول او الحمائية التجارية دورا في انقاذ الرأسمالية من نهايتها المحتومة…