21 مايو، 2024 8:48 م
Search
Close this search box.

(6) كذبات

Facebook
Twitter
LinkedIn

عندما نتعب من الصراع مع الحياة ونفشل في هزيمتها يكون حلنا الأخير خلق عنوان موهوم لا وجود له دوره انه بديل عن اعترافنا بهزيمتنا ويجنبنا وقفة مواجهة صريحة مع الذات ,ومن هذه الأوهام :
– كرة القدم توحدنا / نكتة شعبية وهي أول هذه الأقنعة ولا افهم هذه العبارة إلا من خلال ان السنة والشيعة والأكراد يشتركون في انهم يجلسون أمام التلفزيون في نفس الوقت يشجعون نفس الفريق وبعد ان تنتهي المباراة السحرية يخرجون بشعور انتعاش ايجابي متأتاه عالم آخر . بل ان من اثر هذه الفيوضات الوحدوية ان الارهابيين والمفخخين يحتاجون لأسابيع ولربما أشهر- في حال فوز المنتخب بالأخص –  حتى يخرجوا من جو مباراة كرة القدم التي وحدت الأخوة ويستأنفوا التفخيخ والقتل .
– أخوة سنة وشيعة وهذا الوطن ما نبيعة / وهي كذبة الوهم الوطني . نحن أخوة ابتداءا ً لكن الأخّوة لم تمنع قابيل من قتل هابيل ولم تمنع الأخّوة رب العالمين من ان يعتبرها جريمة . أنها تصلح كقاعدة لنقيم بناء المحبة والاحترام عليها هذا صحيح أما ان نفعل العكس ويصبح الإرهابي من قبل أخي مظلوم ويصبح صدام بطل وانا لست ضحية فلا اعتقد أنها إخوة حقيقية بل هي عنوان كاذب يغطي تصرفات عدوانية تقوم على الاضطهاد والاستعلاء .
لكن لها نفع واحد هو تماما ً نفع أخّوة الدم و صلة القربى وهي ان أخاك وقريبك يبقى كذلك مهما حصل بينكما , وكذلك الحال على المستوى الوطني فالإخّوة لن تنفصم حتى ولو جزئنا المركزية . ثم كيف هذا الوطن ما نبيعة وكأني بإيران لم تصبح عمق إستراتيجي للشيعة وقطر وتركيا للسنة أم القضية شعارات فقط .
– ايران حامية المذهب / كذبة عقائدية وبأنهيارها سينهار المذهب في حين ان الدين دين لله ولأنه دينه فهو مكتف ذاتيا ً وفي غنى عن أي دولة وأي انسان .
فهل إيران بمقياس الله والتاريخ البشري أعظم أثرا ً من رسول الله ومن الحسين ومع ذلك فالدين لم يتوقف وجوده على وجودهما . بل انه بمجرد ان أتم رسول الله التبيلغ رفع الله يد حمايته عنه وأصبح عرضة للأغيار ولم يكن الموقف تجاه من صرخ بوجهه انه ” يهجر ” سورة حجرات تنزل بل جاء وبكل بساطة ” ارحل عنهم فارقهم هلم الينا ولك الخيار ”
وكذلك لم يدخر الله الحسين لدينه بل شاء ان يرى رأسه مرفوعا ً على رمح . ان ايران هي التي تتعكز على المذهب ولكنها تدعي عكس ذلك فهو موجود قبلها وسيبقى بعد ولاية فقيهها . لكن ما يبهر بخصوصها -اذا كان هناك ما يبهر حول الأنظمة الشمولية – ان دعايتها صورت للشيعة أنها تريد نشر المذهب لكن بالحقيقة هي تجعل منهم جبهات متقدمة لها تعطيها مسافة أمان عن دوائر الصراع . وصور لهم أعلامها أنهم بفقدانها يفقدون حاميهم في حين انها هي بفقدانها لهم ستتضرر أكثر إذ يكون عليها ان تنزل الصراع بنفسها .
– أخشى اذا رحلت ان تنهار الدنيا بعدي / فتمسكوا بي ولا تجعلوني ازعل وارحل عنكم .
ان مسألة ان يصور الانسان نفسه على أنها المحور والمركز للأحداث أمر قديم شمل حتى التفكير الديني وعلى الصعيد النفسي هناك الأنا وحدية وهي ان الانسان هو أصل الوجود وان الدنيا من حوله ما هي إلا مسرح كبير هائل وجد من اجلي وأنه كله سينهار عندما ارحل عنه .
لكن على مستوى الواقع المادي ومستوى العلاقات بين الأشياء ومستوى التأثير فيها فهو محض هراء فالحقيقة الوقحة بعريها والعارية بوقاحتها كن من تكون واثر قدر ما تستطيع فلن آبه لرحيلك وهناك البدلاء عنك عشرات ومئات وسأستمر بعدك وكأنك لم تكن . لذا استخدام هذا الوهم والتعامل معه كحقيقة على المستوى السياسي ما هو إلا بؤس حقيقي من قائله .
صدام ردد ذلك وحسني مبارك ورحلوا ولا زالت السماء هي السماء والأرض هي الأرض والآن بشار يهدد بكوارث تحصل من بعده وتداعيات والتاريخ يقول له اطمئن سيدي الرئيس سترحل ولن يحدث شيء سوى انك رحلت .
وكذلك يرددها نظامنا السياسي الآن كنوع من الرد على المؤامرات ضده ليقول احذروا من ان انهار والا سأسقط عليكم وستنهارون معي اقول له اطمئن اسقط أنت وسيحرصون على ان تسقط في الاتجاه البعيد عنهم .
– صدام وزع ظلمه بالتساوي بين العراقيين / هذا غير صحيح مطلقا ً فالمسيحيين وبقية الأقليات كانوا بمنأى عنه وكذلك السنة بضمنهم السنة الذين كانوا يعيشون في مناطق الجنوب كال سعدون المهم ان تكون سني . الشيعة والكرد كانوا مضطهدين فقط . والشيعة لم يتساووا بدرجة السوء فشيعة بغداد والفرات الاوسط كانوا اقل شعورا ً بالاضطهاد بل أنهم كانوا يشعرون بان الوضع طبيعي وحتى الآن هم لم يروا ضرورة بالتغيير وليس لديهم أي اضغان وشعور بالظلم من ابناء المنطقة الغربية كما نحن .
شيعة المحافظات الجنوبية كانوا الأسوأ حالا ً البصرة والناصرية العمارة والسماوة ثم تأتي الناصرية والعمارة لتكون بالدرك الاسفل وهو- شرف لهم – شاطروه مع الكرد الفيلية ومن يقول بعكس ذلك فهو مزور لحقائق التاريخ يعلم قبل غيره انه يردد مجاملات لغايات ومناصب .
– الكل يتحمل المسؤولية / نسمع هذا الكلام المبهم دائما ً كتوزيع لمسؤولية الأخطاء وهكذا توزيع غير موجود في العالم فالصحيح كلما زاد قرب الجهة السياسية من أدوات التنفيذ ومن صنع القرار كان تحملها للمسؤولية أكثر من غيرها .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب