لاادري لماذا تم تحديد السادس من حزيران – يونيو موعدا للانتخابات التشريعية في العراق رغم ان هذا التاريخ سلبي ويشير الى يوم النكسة عام 1967, ولا ادري هل هي المفوضية العليا للانتخابات املت هذا التاريخ , ام ان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اجتهد ليقع بمطب جديد من المطبات التاريخية التي تثير حساسية لدى الامة وتفتح الباب امام تعليقات الجمهور العراقي الذي احسبه سيبادر الى تسميات معينة للنكاية بهذا التاريخ .
واذا ماتجاوزنا التوقيت الى التنظيم , فالسؤال المطروح ماهي الية ونوعية ادارة الانتخابات ؟ ووفق اي قوانيين او ضوابط ستجري؟ وماهي مساحة التاثير على العنصر البشري المصدوم من نتائج الانتخابات السابقة خصوصا وان اخر انتخابات اعتبرت بانها الاقل حضورا والاقل مشاركة بسبب الاحباط والياس من الطبقة السياسية الحاكمة ؟ وتفريعا هل سيتكرر هذا المشهد ام ان المشرفين على هذه الانتخابات يملكون ذهنية اعلامية وسيكولوجية واقناعية لتحريك الشارع والارتفاع به الى مسؤولياته في رسم سياسة البلد وفي انتاج واقع حركي جديد يملك وهج الوطنية الشريفة المتعالية على المصالح والمكاسب والمحاصصات ؟
الانتخابات المبكرة هي بلاشك مؤشر ايجابي على ان السيد الكاظمي اوفى باحد اهم وعوده , ولكن هل يكفي الاعلان وحده لانجاح الانتخابات التي تعتبر هذه المرة اكثر اثارة واكثر تحديدا لمستقبل العملية السياسية في العراق ولنظام المحاصصة السلبي الذي اوجدته واشنطن ليكون موضع شد وجذب بين الاحزاب والجماعات والطوائف والقوميات بما يفقد العراق القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة وانشاء نظام حكومي مركزي فاعل يضبط الايقاع الخدماتي والبنى التحتية بما يخدم الجمهور وبما ينظم علاقة الاقاليم بحكومة المركز وبما يؤدي الى توزيع عادل لثروات البلد ولطاقاته وكفاءاته .
العراق عانى بعد حكومة السيد العبادي من فشل واضح للكتل السياسية في ترتيب البيت العراقي وانتخاب شخصية قادرة على ادارة المرحلة بما يحفظ حقوق الوطن والمواطن مما ادى الى تظاهرات تشرين ومارافقها من تجاذبات افقدتها الديناميكية اللازمة لملء الفراغ المطلوب والارتقاء الى مستوى المسؤولية وليقع العراق في مطبات عززت من فقدان الثقة بين الجمهور والمؤسسة السياسية التي هي عبارة عن كتل واحزاب سياسية متضاربة الاهواء والمشارب لاتجمعها واجهة سوى انها نتاج مرحلة مابعد بريمر , واليوم جاء دور حكومة الكاظمي التي اعترفت مؤخرا بانها لاتملك حلا سحريا للواقع العراقي من حيث توفير الخدمات الاساسية ومن حيث معالجة الوضع الاقتصادي المرتبط بجائحة كورونا وهبوط اسعار النفط , وهذا الامر واقعي ولكن هناك من لايستسيغ تفهمه لان الرجل ومهما اختلفنا معه جاء على اشلاء وضع شبه مشلول وبحاجة الى مزيد من اللحمة الوطنية ومزيد من التفاهمات الوطنية وابتعادا عن دائرة الصراعات الدولية والاقليمية لان وضع العراق لايحتمل هذا النمط من التجاذابات والمحاور الخارجية .
الانتخابات اذن ستجري اذا ما قدر لها ذلك وسط مشاعر متضاربة وسلوكيات تنافسية تتحرك وفق المؤثرات او المحركات التي تقف وراءها ,كما ان اوضاع كورونا وغياب الخدمات ستكون مفاعيل جديدة ترتبط ببرامج المرشحين من جهة كما انها مطالب شعبية راقية وصارمة من جهة اخرى , ناهيك من ان هذه الانتخابات ستحاول التفلت من تركات مرحلة مابعد السقوط للبحث عن عالم سياسي جديد ربما ستحكمه المركزية بعناوينها الواقعية خاصة وان النظام السياسي السابق لم يستطع ان يتاقلم ونظرية الوطن الواحد بل كان يتارجح بين التقسيمات والابعاد الثلاثية للوضع العراقي مما افقده روح التكامل وشعلة التطور الوقاد.وهذه المعطيات هي بلاشك ستكون استحقاقا لتنظيم وقانون الانتخابات اضافة الى المؤثرات الهرمية التي يجب ان تتبنى ثقافة ترشيدية ومنهجية تقود الى سلوكيات توافقية مع كل بناءات ومكونات الواقع العراقي دون اي تنصل من المسؤولية وماتفرزه من معايير انسيابية تؤدي للهدف المنشود .