تعرضت العلاقة بين الحكومة والبرلمان لاختبار صعب في الأسابيع القليلة الماضية، بدا معه أن معادلة (4×4) على المحك فعلا.
كان الهدف من حكومة وبرلمان لأربع سنوات، هو تأمين الاستقرار للسلطتين، لكن في اللحظة التي يصبح الخلاف بين الطرفين مصدرا لتهديد الاستقرار في البلاد، يكون الحل، تفعيل نصوص الدستور، لتجاوز المأزق.
لم يكن سهلا بالطبع التضحية بالتجربة الفتية، على ما رافقها من منغصات، ولذلك كان لابد من العمل خلف الكواليس للوصول إلى تسويات تضمن استمرار المعادلة قدر المستطاع.
ليست حزمة الإجراءات الاقتصادية السبب في توتر العلاقة بين الحكومة والبرلمان، فقد سبقتها أزمات وخلافات حول مسائل عديدة أدت بمجموعها إلى تراجع الثقة بين الرئاستين.
ورغم تأكيد التزام السلطتين بمبدأ الشراكة، إلا أنهما لم يضعا تعريفا تفصيليا له، ولا قواعد واضحة.
في ظل هذه الأجواء الملبدة بالشكوك والاتهامات، كانت الحكومة تشكو من ابتزاز لايتوقف من جانب النواب، وإفراط في ممارسة الدور الرقابي إلى الحد الذي يعيق الأداء. فيما رئاسة النواب تشكو من سلوك حكومي متعال، وسوء تنسيق مقصود، وحملة لاغتيال السمعة عند مرجعيات عليا في الدولة.
بعد اجتماع مفصلي وساخن في القصر الملكي الأسبوع الماضي، شعر الرئيسان الملقي والطراونة بالحاجة إلى التفاهم على قواعد الشراكة للمرحلة القادمة، فاستضاف رئيس الوزراء في دارته رئيس النواب، وبحضور محدود من الجانبين لبحث الخطوات الممكنة لترسيم العلاقة بين السلطتين.
تفيد مصادر الحكومة بأن اللقاء كان مثمرا للغاية، وقد يشكل نقطة تحول في العلاقة بين الطرفين. لم يظهر بعد إن كان الطراونة قد خرج بنفس التقييم للاجتماع، لكن قراره بعقد جلستين تشريعيتين مقابل جلسة رقابية يبرهن على استعداده للتعاون مع الحكومة، وتسريع عجلة التشريع التي تباطأت في هذه الدورة.
ليس دقيقا القول إن التصعيد البرلماني ضد الحكومة تحت القبة، يزيد من شعبيتهم، ففي المسيرات التي شهدتها بعض مدن المملكة، كان شعار حل البرلمان مرادفا لشعار إسقاط الحكومة.
وفي اعتقادي أن الصيغة التشاركية التي طرحها البرلمان في وقت سابق لإدارة حزمة القرارات الاقتصادية كانت مقبولة ومقدرة من طرف الشارع، على نحو أفضل من خطة المجابهة التي لجأ إليها النواب لاحقا.
لكن كل ماحصل أخيرا يظهر الحاجة إلى آلية عمل منسقة بين مراكز القرار في الدولة، وشبكة اتصال مفتوحة على مدار الساعة، خاصة بين رئيسي الوزراء ومجلس النواب. ثمة حاجة هنا إلى خط ساخن للتشاور بشكل دائم. كما ان لقاء مثل الذي جمع جلالة الملك بالمكتب الدائم ورؤساء الكتل واللجان والحكومة، يمكن أن يتحول إلى تقليد دوري كل شهر، لمناقشة الأولويات ووضع النواب بصورة التطورات الجارية على مختلف الصعد.
في كل المحطات المفصلية بتاريخ الحياة النيابية، كان دور الملك ومؤسسة الديوان حاسما في تفكيك الأزمات، والتغلب على الخلافات، وعبور المراحل الصعبة في العلاقة بين السلطتين.
ربما تكون معادلة (4×4) قد تجاوزت منعطفا حاسما، لكنها ستواجه اختبارات أخرى في المستقبل، ولن يكتب لها الاستقرار كتقليد سياسي دون مراجعة العيوب المصنعية في التشريعات، وبالحياة الحزبية برمتها.
نقلا عن الغد الاردنية