جوع المعنى في زمن التصفّح

جوع المعنى في زمن التصفّح

كثيراً ما يخطر لي سؤالٌ يلحّ على العقل والقلب:
هل ما زلنا نملك ذلك الصبر الجميل، الذي كان يُغرقنا في صفحات الكتب، مئاتٍ بعد مئات، دون أن نشعر بثقل الوقت؟
أم أن عقولنا باتت أسيرةً لمقاطع قصيرة، لا تُشبع فهماً، ولا تترك أثراً؟
لقد غدت القراءة العميقة عملةً نادرة، وهي وحدها التي تُهذّب الفكر، وتُصقل الشخصية، وتُربّي فينا القدرة على التماسك وسط فوضى المعاني.
أما التصفّح السريع، فهو كوجبةٍ عابرة، تُشبع لحظةً وتُجوع دهراً، يُشتّت الذهن، ويُضعف القدرة على التأمل، ويتركنا نهيم في سطح الحياة دون جذور.
وما لم نسترد قدرتنا على الجلوس الطويل مع الكتب،
ونُعيد للقراءة مكانتها كفعلٍ وجودي، لا مجرد عادة،
فسوف يبقى فكرنا هشًّاً،
تسوقه الشاشات حيث تشاء، ويفقد الإنسان بوصلته في بحرٍ من المعلومات، بلا معنى
ولا اتجاه.

أحدث المقالات

أحدث المقالات