في زمنٍ صار فيه الكرسي معيار قيمة
والمَنصب عنوان فخر ..
في بلدٍ، لم يعد فيه المنصب يُمنح استحقاقًا
لطول خدمة،
و ثقل خبرة،
و علو عنوان وظيفي.
بل يُمنح بالواسطة، ويُباع في سوق الولاء الحزبي، وعرابها “كانتونات” تسمى زيفا أحزابا.
كانتونات
تتقاسم الدولة كما تُقسم الغنائم،
وتتسلط على رقاب الناس كما لو أن البلاد “ملكٌ خاص” في سجلات السلب والنهب.

من يستلم منصبًا، لا يُنتظر منه أن يخدم ناسه،
بل ليُموّل حزبه، ويُرضي رئيسه بمعيار: اعطيك باليمين وتردها لي اضعافا بالشمال.
المواطن، مطحون بازمات تنشطر كالاميبا، وتطل براسها في كل حين ك” ميدوزا”
الفساد لم يعد نادرا، او طارئا… بل عقيدة.

أين ذهبت المليارات؟
ارقام بأصفار مكررة طويلا
من سرقها؟
لماذا لا يُحاسب أحد؟
ولماذا تتردى الخدمات عامًا بعد عام؟
مدن على الظلام تنام
وارض يباب
وسماء بآفاق مغبرة
ماءٌ ملوث، طرقٌ محفّرة، مجارٍ طفحت بالوعود الكاذبة…
والمواطن مأزوم
الفساد لم يعد ظاهرة…
بل منظومة.
ثقافة.
بل هو الآن – ويا للمفارقة – الوظيفة الوحيدة التي لا تحتاج مؤهلًا إلا الولاء الأعمى.

في ظل هذا الانحدار،
نحتاج أن نعيد الاعتبار لما هو أثمن من الكرسي…
للقيمة الإنسانية.
لذلك الإنسان النقي، الذي لم تسعفه الواسطة،
لكنه بقي نزيهًا، مخلصًا، شريفًا…
ذلك الذي لا يظهر في نشرات الأخبار،
ولا يصفّق له أحد،
لكنّه يمنع انهيار ما تبقى من الروح العراقية.
كرّموا هذا الإنسان.
صفّقوا لذلك الموظف الذي يرفض الرشوة،
للطبيب الذي لا يتاجر بالألم،
للمعلم الذي يُشعل شمعة في جادة طفلٍ، ليجعل علمه متاحا وجهده عاما لا خاصا.

في المنتهى
في العراق… المنصب “لا يُمنح، بل يُشترى،
لا ليخدم، بل ليموّل.”
“ليس الكرسي من يصنع الإنسان،
بل ما تبقى فيه بعد أن يفقد الكرسي.”

أحدث المقالات

أحدث المقالات