23 ديسمبر، 2024 8:05 ص

45 كلية أهلية بإنتظار قرارات مهمة من التعليم العالي

45 كلية أهلية بإنتظار قرارات مهمة من التعليم العالي

رغم تعدد وجهات النظر في موضوع الكليات الأهلية ، إلا إن هناك آراء كثيرة تدعو للمضي بها لأسباب عديدة أبرزها تخفيف الأعباء عن الدولة من خلال قيام هذه الكليات باستيعاب أعدادا من مخرجات الدراسة الإعدادية بعد أن تكفلت الدولة بتوفير مقعد دراسي لكل من يكمل السادس الإعدادي ، ومن فوائد التعليم الأهلي إيجاد بديل للطالب للدراسة داخل العراق بدلا من التغرب وإضاعة العملات الصعبة و إيجاد منافس للجامعات الحكومية وتوفير فرص العمل للشباب عموما ولخريجي الدراسات العليا بالذات ، وفي ظل غياب قانون للتعليم الجامعي الأهلي كونه لا يزال في أدراج مجلس النواب الذي أنهى القراءة الأولى وتوقف عند القراءة الثانية له ، فان وزارة التعليم العالي تستند إلى التشريعات النافذة في التوصية لمجلس الوزراء لتأسيس الكليات الأهلية في مجال الدراسات الأولية فحسب ، ولحد اليوم تم منح الإجازات ل 45 كلية أهلية منها 10 كليات قبل 2003 و35 كلية بعد الاحتلال ، وتتوزع هذه الكليات في بغداد والمحافظات الأخرى وقد تخرجت دورات عديدة كما يدرس فيها الآن الآلاف من الطلبة في الدراستين الصباحية والمسائية .

ولان الكليات الأهلية لم يقدم لها أي دعم مادي لا من الموازنات الاتحادية ولا من تخصيصات التعليم العالي ، فأنها تعتمد بشكل كامل على ما تحققه من إيرادات سواء الأجور الدراسية التي يتم استيفائها من الطلبة الدارسين أو من النشاطات الأخرى التي تقوم بها ، وقد نصت المادة 13 من قانون الجامعات والكليات الأهلية رقم 13 لسنة 1996 وتعديلاته على أن يكون تحديد الأجور الدراسية من صلاحية مجلس الكلية ، والأساس الذي تعتمده الكليات في تحديد الأجور هي الموازنات التخطيطية التي تضعها كل عام والتي تأخذ بنظر الاعتبار النفقات من الإيجارات ( كون اغلبها لا تمتلك بنايات خاصة بها لان الدولة لم تخصص لها قطع أراضي أو بنايات ) والرواتب والأجور والمكافآت والمصاريف التشغيلية والاستثمارية ، وبضمنها وقود تشغيل المولدات ودفع قيمة قوائم الكهرباء ونفقات شراء أو استيراد الأجهزة والمعدات والمواد للورش والمختبرات وفقرات أخرى يطول عرضها ، ومن الأمور التي يتم أخذها بنظر الاعتبار هو العرض والطلب لان هناك فرصة تتوفر لكل طالب في الجامعات الحكومية كما إن هناك كليات أهلية تنافس في الأجور ، و من المفترض بان تكون الكليات الأهلية قد أخذت بعين الاهتمام الظروف المعيشية لكي تتاح للطلبة فرصة الدراسة فيها ، إذ يجب أن لا تتحول إلى مشروع تجاري بحت لا يأخذ بنظر الاعتبار مستويات المعيشة للعموم .

ويفترض عدم التدخل في السياسات التي تتبعها الكليات الأهلية في تحديد الأجور لأسباب عديدة أولها إن نص المادة 4 من القانون أعلاه تضمن ( للجامعة أو الكلية الأهلية شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري وتتمتع بالأهلية القانونية الكاملة لتحقيق أهدافها وتعتبر من المؤسسات ذات النفع العام )، وثانيها إن الكليات الأهلية ملزمة بالأجور الدراسية بعد تحديدها في المرحلة الأولى ، أما طلبة المرحلة الأولى الجدد بالإمكان زيادة أجورهم الدراسية بما لا يزيد عن 15% عن السنة السابقة وحسب تعليمات التعليم العالي ، وثالثها إن اعتماد الكليات الأهلية على الأجور المنخفضة لزيادة موقفها التنافسي سيخل بمستواها العلمي لان دفع الأجور المحددة بموازنتها التخطيطية يتيح لها إمكانية جذب الكفاءات العلمية ذات النوعية العالية من خلال دفع الرواتب والأجور المرتفعة ، فضلا عن إدخال التقنيات الحديثة والاستعانة بمواد التدريس والتدريب ذات الجودة العالية والتي غالبا ما تكون مرتفعة التكاليف ، وفي كل الأحوال فان الجهة القطاعية ونعني وزارة التعليم العالي يتوجب أن تركز على الجوانب التربوية والعلمية للكليات الأهلية أكثر من غيرها من الأمور ، بعد إن تطمأن بان الأجور الدراسية في حدود التعليمات والموضوعية ولا تشكل نوعا من الجشع والاستغلال .

إن ما يدعوا للاهتمام بهذا الموضوع ، هو ما تم الاطلاع عليه من أخبار بخصوص نية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتحديد مقدار الأجور التي يتم استيفائها في الكليات الأهلية ، رغم إن الجامعات والكليات الأهلية قدمت الموازنات السنوية للعام الدراسي 2015 / 2016 بعد إقرارها في مجالس الجامعات والكليات ، وتعتمد هذه الموازنات بشكل أساسي على الأجور الدراسية والتي تم تحديدها مسبقاً في شهر كانون الأول من العام الماضي ، وتشكل تلك النوايا ضغوطا على استمرار عمل الكليات الأهلية كونها تتحمل أعباء من الزيادات في الأسعار السائدة في الأسواق وقيام المالكين برفع قيمة الإيجارات بحدود 10 % – 20% سنويا ، ومن وجهة نظر الكليات الأهلية فان الأجور الدراسية هي أصلا منخفضة مقارنة بدول الجوار ومقارنة بأجور (المدارس في كافة المراحل الدراسية الأهلية في العراق ) أو عند المقارنة مع تكاليف الطالب في الكليات الحكومية والتي تصل إلى 10 ملايين لطالب الهندسة على سبيل المثال ، كما إن الكليات الأهلية باتت تعاني من ضعف إقبال الطلبة بسبب زيادة عدد الكليات الأهلية وانتشارها الجغرافي ، مما يجعل بعض الطلبة يقومون بتفضيل الاختيار على أساس الموقع الجغرافي لتقليل تكاليف النقل عليه .

ومن الأمور التي ربما ستعرقل عمل الكليات الأهلية خلال العام الدراسي القادم والذي يبدأ رسميا ( غدا ) 1/ 9 / 2015 ، هو عدم استقرار وزارة التعليم العالي على قرار محدد حول آليات التقديم والقبول في الكليات الأهلية فهناك أخبار مفادها إنها ستخضع للقبول المركزي ، وهو ما يتعارض مع التوقيتات الموضوعة بهذا الخصوص إذ تم تحديد موعد بدء الدراسة يوم 29/9/2015 ولا توجد أية مؤشرات واضحة لحد الآن حول آلية التطبيق للقبول المركزي لغرض انتظام الطلبة في الموعد أعلاه ، كما لا يوجد ضمان لانتظام الطالب عند ظهور اسمه في كلية أهلية محددة ودفعه الأجور الدراسية والالتحاق بالكلية مما يؤدي إلى فقدان الكليات الأهلية أعداد من الطلبة ، وربما سيقوم عدد كبير من الطلبة بالعزوف عن الدوام في الكلية الأهلية التي تم قبوله فيها لعدم رغبته في هذه الكلية بالرغم من إدراجها ضمن اختياراته في استمارة القبول بسبب الموقع الجغرافي للكلية مثلا ، ناهيك عن عدم إمكانية شمول طلبة الدراسات المسائية بنظام القبول المركزي , ونشير بهذا الخصوص إلى إن هناك انتقادات توجه للنظام التعليمي الحكومي لاعتماده على مسارات بالية في القبول المركزي ، لذا فمن الأولى تطوير هذا النظام بدلا من نقل سيئاته على التعليم الأهلي .

لقد توقع الكثير بان يكون قطاع التعليم العالي أكثر الميادين استيعابا واستجابة للإصلاحات التي تبنتها الدولة والمرجعية العليا لسببين ، أولهما إن التعليم العالي هي مكمن الطاقات الخلاقة للتغيير والتطوير ، وثانيها إن الطلبة يشكلون نسبة مهمة من المتظاهرين ولهم حضور واضح فيها ، ولكن ما ظهر من إصلاحات يتمثل بمجموعة من القرارات ومنها زيادة الأجور في الدراسات المسائية الحكومية وإيجاد قناة جديدة بعنوان الدراسة على النفقة الخاصة في الدراسات الحكومية الصباحية ، ونوايا تقييد صلاحيات الكليات الأهلية في تحديد الأجور ونوايا إخضاع الدراسة في الكليات الأهلية إلى القبول المركزي ، وهذه الأمور تطرح تساؤلات مهمة لدى المواطن عن جدواها وتوقيتاتها ، إذ إن هناك أمور أخرى لا تزال قيد الأمنيات ، ومنها تغيير المناهج بما يواكب التطور العالمي واستخدام الأنظمة السائدة عالميا في الجامعات واستخدام التقنيات الحديثة في طرائق التدريس والتدريب ، وربط العلاقة بين الدراسة وحقول العمل لتقليل بطالة الخريجين ، وولوج تخصصات جديدة مفيدة لبلدنا ، ومن الممكن أن تجري إصلاحات عديدة لجعل الجامعات والكليات الأهلية شريكا حقيقيا للتعليم في بلدنا العزيز وليس ضحية من ضحايا قرارات تحتاج إلى مزيد من الدراسة والاختبار .