17 نوفمبر، 2024 8:29 م
Search
Close this search box.

“\u0648\u0623\u0645\u0627 \u0627\u0644\u0633\u0627\u0631\u0642 \u0641\u0644\u0627 \u062a\u0646\u0647\u0631”

“\u0648\u0623\u0645\u0627 \u0627\u0644\u0633\u0627\u0631\u0642 \u0641\u0644\u0627 \u062a\u0646\u0647\u0631”

عهدنا بالثواب جزاء يكافأ به صانع الخير، يقابله العقاب لمن أساء أو أخطأ، وهذا ديدن الخليقة مذ أكل أبونا آدم التفاحة. لكن، يبدو أن هذا المبدأ -الثواب والعقاب- لايحلو لبعضنا تطبيقه، لاسيما من تولى منا منصبا مرموقا، تناط به مسؤوليات وواجبات مهنية وأخلاقية، يتوجب عليه أداؤها على أتم وجه. فهذا ما أثبتته لنا بعض القرارات التي تصدر من لدن الدولة العراقية الحالية، سليلة حضارات السومريين والبابليين والأكديين، وتلك القرارات قطعا يسنها شخوص يتربعون على عروش قيادية، من المفترض أن يكونوا أحفاد حمورابي وأنكيدو ونبوخذ نصر، إذ الجميع ينتظر منهم التصرف السليم والرأي السديد في اتخاذ القرارات، ولكن رياح العراقيين على مابدا تأتي دوما بما لايشتهون. ومعلوم من سالف العصور أن السرقة جريمة، وقد تنوعت العقوبات التي شرعتها الأمم بحق السارق، وتفاوتت بين التغريم والحبس والسجن وقطع اليد والجلد، بل أن بعض الدول تنفذ حكم الإعدام بحق السارق. فيما ذهبت دول أخرى الى العفو وإسقاط الشرط الجزائي من الجريمة، لظروف تتعلق بالدافع لها، أو مدى الحاجة اليها، أو لاسباب تتعلق بالسارق نفسه.

في بلدنا العراق، أضحى السراق بمأمن عن العقاب، بل أن مكافأة ما تنتظرهم في حال كشف سرقاتهم وافتضاح أمرهم، وهذا المبدأ طبعا يخضع لازدواجية في التطبيق، إذ ليس لحديث نبينا: “الناس سواسية كأسنان المشط…” حضور بين ظهرانينا. بل أن حديثه المعمول به: “إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد…”. لهذا نرى السجون في بلدنا تكتظ بسراق الـ “خردة” من المواطنين البسطاء، الذين ساقتهم الحاجة والفاقة والعوز -مع انعدام الرادع والوازع- الى ممارسة أسهل الطرق وايسرها للحصول على المال، فانخرطوا إذاك بهذا المسلك، ليتطبعوا به كواقع معيشي مفروض عليهم، ويصبح سلوكا وعادة حتى بعد انتفاء الحاجة الماسة الى المال.

أما أبطال السرقات الكبرى وديناصوراتها، فإنهم في محمية يسرحون ويمرحون ماشاء لهم، تحت حراسة مشددة، في ظل حصانة متعددة المسميات، وتغطية تامة تخفي عملياتهم الخارجة عن القانون والعرف والأخلاق والدين، بل ان الأربعة الأخيرات تستحيل الى ناصر ومؤيد لهم في أعمالهم. فالقانون ينظر اليهم بعينه العوراء، والعرف ينحاز الى الكفة الأرجح ماديا ونفوذا، أما الأخلاق، فإنها تتمتع بإجازة طويلة الأمد، لست أدري إن كانت إجازة مرضية، أم فصلية، أم سنوية، أم هي إجازة أمومة! ففي الأحوال كلها أنها -الأخلاق- مغيبة عن واقعنا تماما، ومن يتعامل بها في عراقنا اليوم، فكأنه يتداول عملة ساقطة، أكل الدهر عليها وشرب، وبال وتغوط أيضا!. أما الدين، فإن لرجاله ألف درب ودرب، يشرعون من خلالها ألف سرقة وسرقة، ويسردون في حليتها وجوازها ألف حديث وحديث، لايتوانون عن التشدق بالتقول بها ألف ليلة وليلة، ولا ضير إن قالوا بحق السارق: “وأما السارق فلا تنهر”!.

ولايفوت قضاءنا بدرجاته العليا والسفلى ومابينهما، أن يصدر أحكاما يذر بها الرماد في العيون، كي يقال أن القضاء عادل، وأنه غير مسيس، وأن السلطة القضائية مستقلة وعادلة ومنصفة في أحكامها، بدليل المسمار الذي يحمل لوحة معلقة خلف كل قاضٍ مكتوب عليها؛ “وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”. وفي حقيقة الأمر لا عدل ولا إنصاف ولا جير ولا بسامير..!.

[email protected]

أحدث المقالات