مع تردي خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية في مدن العراق كافة تطورت خدمة التجهيز البديلة بوساطة تنصيب وتشغيل المئات من المولدات الاهلية حيث يمكن وصفها بانها منظومة موازية للمنظومة الوطنية للكهرباء فكانت اسناد فاعل في توفير ما يمكن من المتطلبات الضرورية ، فبالرغم من الاضرار الاقتصادية والمخاطر البيئية وتأثيراتها الصحية الناجمة عن تشغيل وصيانة هذا العدد الكبير من المولدات ولفترات زمنية طويلة الا انها اثبتت وجودها كمنظومة بديلة متكاملة فاعلة كان لها الفضل في مواجهة حالة فقدان التيار الكهربائي في الكثير من الاحيان .
في فترة التسعينيات ومع تنامي ظهور إنشاء مواقع تشغيل المولدات الاهلية في الأحياء السكنية داخل العاصمة بغداد وبعض مراكز المدن في المحافظات وعلى الرغم من محدودية أعدادها آنذاك الا إن دوائر الكهرباء والسلطات المحلية إمتنعت عن التدخل في جوانب عملها كافة الا في حالات نادرة جدًا تخص الجوانب الفنية او ما يتعلق بالسلامة العامة ذات الصلة بحياة المواطن أوعمل شبكات التوزيع الكهربائية وكذلك عند ورود شكوى ما تخص عمل هذه المولدات والتي كانت محدودة جدا ، ومع ورود مقترحات مختلفة واراء كثيرة تلقتها الادارة العليا لقطاع الكهرباء في حينها والتي كانت تصب في ضرورة وضع تعليمات حكومية ملزمة في رسم سياقات عمل للمولدات واصحابها الا ان وجهة النظر التي اعتمدتها ادارة القطاع آنذاك هي عدم التدخل في هذا الشأن منعاً لتعطيله أو إحداث الارباك في ادائه وذلك يقيناً منها بأنها حالة طارئة في طريقها الى الزوال وسوف تتلاشى مع تحسين مستوى الخدمة الكهربائية العامة ،حيث تركت تفاصيل ذلك الى ما يتضمنه اتفاق صاحب المولدة مع المواطن وعلى وجه التحديد الجوانب التي تخص ساعات التشغيل أو الاسعار ( جرى اعتمادها على وفق عدد الامبيرات !! )أو اي التزامات أخرى بينهما فهي خدمة مقدمة من نشاط خاص لزبائنه بعيدا عن سياقات ومقاسات العمل الحكومي والتي قد تكون معطلة أو مشوهة لمثل هذه المشاريع .
إن التوجه والسعي لحل الأزمة الكهربائية التي يعيشها المواطن العراقي الآن وتفاقمها بعد الاحتلال الامريكي سنة ٢٠٠٣م واستمراها ليومنا هذا على الرغم من الاموال الكبيرة التي تم اهدارها لترميم المنظومة الوطنية للكهرباء وعلى الرغم من زوال ما تمخضت عنه إجراءات الحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق منذ عام ١٩٩١ ولغاية عام ٢٠٠٣ والتي بموجبها منعت المؤسسات العراقية من الاستيرادات الخاصة في بناء المنظومات الخدمية ، يقتضي هذا التوجه أولا الى حشد الدعم لمعالجة الاسباب الحقيقية وراء حدوث هذه الازمة وليس معالجة المشاكل والظواهر الناتجة عنها وفي مقدمتها انتشار المولدات الاهلية لتحتل الاهتمامات الحكومية على مختلف المستويات
وبقرارات متسرعة وموسمية قد يكون وراءها بعض من اصحاب المصلحة الذين يجيدون استثمار الازمات لتحقيق المكاسب المادية غير المشروعة….
من هنا ارى لا ضير من قيام القطاع الحكومي بالدعم المادي لهذا البديل الوطني المؤقت وتقديم الاستشارات الفنية اللازمة له من قبل دوائر الكهرباء المعنية مع التأكيد على مراقبتها المستمرة لجوانب السلامة العامة ولحين اتمام العمل في بناء منظومة متينة للكهرباء الوطنية تحقق استمرارية تجهيز التيار الكهربائي على نحو مستقر عندها سوف تتلاشى ظاهرة انتشار المولدات الاهلية ويغيب هديرها .