إن اسم الإنسان من المكونات الرئيسة لشخصيته ، ويمثل قيمة عليا لصاحبه ، وله دلالات متعددة .
ترتبط أسماءنا بذواتنا وسلوكنا الاجتماعي والنفسي . والشخص الذي يحب اسمه يحب شخصيته ، وواثق من نفسه . اما الشخص الذي يسعى لتبديل اسمه او يتمنى لو كان يكنى بغيره ، فهو على الاغلب يعاني من بعض العقد النفسية الناتجة عن اسمه .
وهنا تتشكل العلاقة القوية بين الاسم وحامله .
يقول ديل كارنيجي ان اسم الشخص يمثل احلى واهم صوت له او لها في اي لغة .
كثيرا ما يفكر الابوين في الاسم الذي سيطلقونه على طفلهم . ويختار بعضهم أسماء فريدة لتميز طفلهم عن الاخرين ، بينما يختار الآخرون أسماء دينية او تاريخية .
ان اسمائنا من الاشياء الكثيرة التي لا نختارها بانفسنا ، بالرغم من انها اكثر الاشياء التي تخصنا .
ويسمى الطفل غالبا من قبل الوالدين ، وقد يختلف الزوج مع زوجته حول اسم الطفل ، وفي كثير من الاحيان يحاول الاب تسمية الطفل او الطفلة على اسم والده او والدته . واذا ماتنازل احدهما عن تسمية الطفل للشريك الاخر فهذا دليل حبه له .
تغني فيروز أسامينا.. شو تعبوا أهالينا تلاقوها.. وشو افتكروا فينا الأسامي .
وفي التسعينات من القرن الماضي قدم الموسوعي المرحوم زهير احمد القيسي من اذاعة بغداد برنامج اسمك عنوانك . يشرح فيها معاني الاسماء . فيصبح الاسم فعلا عنوان الشخص .
في الاسم دلالة خفية. فقد ينسجم معنى الاسم مع الشخص المُسمى أو شكله، فيكون نعمة عليه . او يكون مناقضا له فيكون نقمة. كأن يكون الاسم جميل بينما صاحبه لايتمتع باي قسط من الجمال ، او يكون اسمه سعيد وهو في قمة التعاسة والكآبة .
يستقى الاسم في احيان كثيرة من اسماء العائلة الكبيرة ولكن هناك من يعتقد ان خير الاسماء ما حمد وعبد وكذلك اسماء الأنبياء والأئمة او الصحابة ، والبعض يسمي طفله على اسم صديق عزيز عليه ، او شخصية عالمية تمثل قدوة له ، وفي كل الاحوال فإن ثقافة الأسرة والبيئة الاجتماعية او الدينية هي التي تحدد اسم الطفل .
ان الاسم يشير في اغلب الاحيان الى الطبقة الاجتماعية ، والخلفية الثقافية او الحضارية للشخص .
فقد أفصحت كاتي هوبكنز، الكاتبة الصحفية البريطانية، عن أنها دأبت على الربط بين أسماء الأطفال وبين الصورة النمطية للطبقة الاجتماعية التي ينتمون لها .
وفي امريكا تم استطلاع آراء بعض المشاركين في استبيان خاص للتعرف على دلالات الأسماء التي تقترن بالطبقة العاملة أو الأصول الأمريكية الأفريقية. فبعض الأسماء في اللغة الإنجليزية مثلًا تقترن في الغالب بالأصول الفقيرة.
ولعل اهم عامل يرتبط باختيار الاسم هو جنس الطفل . حيث تختلف اسماء البنات عن الاولاد ، رغم ان بعض الاسماء تكون مشتركة مثل رجاء وصباح ، ويعتقد ان مثل هذه الاسماء ترتب لصاحبها من الذكور مشاكل نفسية . حيث تختلط الامور عند الناس لاول وهلة .
من الممكن أن يؤثّر الاسم سلبًا على سلوك الشَّخص حيث يشعر بالانزعاج والخجل من اسمه أو معنى اسمه، ممّا يتسبّب في عقدةٍ نفسيةٍ مزمنةٍ لدى الشخص مدى حياته .
واحيانا يسمى الطفل باسماء غريبة او نشاز ، اما منعا من الحسد او نوع من الإهمال الشكلي حتى لايمرض الطفل او يموت وهي اعتقادات قديمة .
وفي بعض المجتمعات البدائية عندما يمرض الطفل ولم يشفَ يقوم كبار السن والحكماء بتغيير اسم الطفل حتى يشفى .
وفي المجتمعات التي لديها روابط قوية بالقبيلة ، يحصل الأطفال على أسمائهم من الطواطم او من آبائهم او اجدادهم للتبرك بها .
وعند الهنود الحمر يسمى الاولاد حسب الحوادث الجارية وباسم طويل مثل الرجل الذي عبر النهر ليلا . اوالتسمية من خلال السحر والتعويذة أو لدرء الأرواح الشريرة عن طريق خداعهم بقوة اسم المولود الجديد .
وفي كثير من المجتمعات ، يتم أخذ الأسماء من الأحداث التي تحدث أثناء حمل الأم أو بعد وقت قصير من ولادة الطفل .
يرى السيد مسعود شومان، الشاعر والباحث بالتراث المصري ، أن تسمية المواليد في مصر والعالم العربي بشكل عام تخضع لعدة آليات ثابتة، هي آلية البشرى، وآلية النفور، وآلية درء الحسد، وآلية التبرك، فهم يظنون أن بعض الأسماء تجلب الخير والبعض الآخر يدرأ الشر، وهذا أمر شديد الأهمية ولا يمر مرور الكرام.
وفي العراق
اصبحت أسماء الأطفال الجدد تختلف عما كانت عليه سابقا ؛ حيث أضحت الأسر العراقية تفضّل تسمّية أبناءها بأسماء اجنبية بدلاً من الأسماء العربية التي تدلّ على الانتماء المذهبي، والتي تجلب لأصحابها الخطف والقتل من قبل المليشيات او المنظمات المتطرفة .
اما تسمية الابناء باسماء قبيحة او شاذة ، مثل زبالة او جليب (تصغيرا لكلب) ، فهي بدافع الحفاظ على الطفل من المرض او الوفاة .
كما تسمي بعض العائلات بناتهن ، كافي اوييزي ، للدلالة على كثرة مواليد الاناث ، ورغبتهم بانجاب الذكور .
وفي البادية تسمي بعض العائلات اولادها بأسماء الحشرات او الصبار التي تشتهر بها الصحراء .
اما العرب فقد اولوا عناية فائقة بالأسماء والكنى والألقاب فكانوا يسمون أولادهم بأسماء تدل على البأس والقوة،
ولذلك قال القلقشندي في كتابه ‘نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب‘: “غالب أسماء العرب منقولة عما يدور في خزانة خيالهم مما يخالطونه ويجاورونه، إما من الوحوش كأسد ونمر، وإما من النبات كنَبت وحنظلة، وإما من الحشرات كحيّة وحنش، وإما من أجزاء الأرض كفِهر وصَخر”.
ومن عاداتهم تكنية الابن باسم الأب توقيراً أو تعظيماً. وقالت العرب في تأويلها: «ان الاسم لفظ يوضع لذات بقصد تمييزها عمّن سواها عند ذكره من غير حاجة إلى الاشارة إليه» .
ومن الدلالات الرمزية للاسماء ، ان اسم سيدنا ادم مشتق من اديم الارض لانه خلق من التراب المأخوذ من اديم الارض .
ويقول المبيدي ان معنى ابليس: اليائس، يعني أبلس من رحمة الله . وقبل أن يشتهر بهذا الاسم كان يدعى: عزازيل. وقالوا: الحارث، وكنيته: أبو كردوس .
بعض الناس يحاولون الهروب من أسمائهم الحقيقية في مداخلات وسائل التواصل الاجتماعي ، تجنبا للمسائلة .
وهنا تجد التناقض بين سلوكهم الظاهري على ارض الواقع وسلوكهم المنحرف وغير الاخلاقي تحت الأسماء المستعارة .
هل تتصور ان اسمك قد يكون سببا فى نجاحك ؟
لقد اثبتت كثير من الدراسات مدى تأثير الاسم في نجاح الشخص
فهناك دراسة أجريت بجامعة نيويورك، فوجد الباحثون ان الأشخاص الذين يحملون أسماء سهلة النطق غالبا ما يتقلدون مناصب أعلى فى العمل .
وفي دراسة أجرتها جامعة ماركيت فإن الاسماء الشائعة تكون سببا فى الحصول على تعاقد سريع للعمل .
كذلك إذا كان اسمك يحمل معنى طيبا وتحبه النفوس فإن ذلك سيكون سببا فى نجاحك أكثر .
يُعد اسمك عاملاً حاسمًا في تطوير إحساسك بالذات ، وبالتالي يساعد في دفعك إلى الأمام في مختلف مسارات الحياة والوظيفة .
ومن كل ذلك يتضح ان الأسماء ، ترسل إشارات حول كينونتا . . من نحن ومن أين أتينا .
هل تعتقد ان اسمك يرسل اشارات ايجابية للاخرين ام بالعكس ، وهل لديك تجارب عن ماهي الإشارات التي يرسلها اسمك – وهل يعني ذلك كثيرا لك؟”