23 ديسمبر، 2024 6:54 م

3 توقعات انتخابية

3 توقعات انتخابية

مفارقات كثيرة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، أهمها خلاف ائتلاف دولة القانون مع أغلب الكتل السياسية مثل التيّار الصدري، والمجلس الأعلى، والأحزاب الكردية، والسنية، والشعب العراقي ينتظر بفارغ الصبر ان يعرف قصة الحلقة الأخيرة من المسلسل الدرامي الانتخابي في نسخته الثالثة.
الكثير يرى ان هذه الانتخابات تعدّ لغزاً تأريخياً في هذه الدورة، أودّ أنا بمفردي حلّها قبل أيام عدّة من الاقتراع، فلعلّ وعسى ان أكون بارعاً في حلّ مثل هذه الألغاز، وان لم يكن هذا التوقع صحيحاً، سأقول لكم انها “كذبة أواخر نيسان”.

“المالكي الخاسر الرابح”
المالكي و”ائتلافه القانوني”، خسر انصاره من الكتل الشيعية المتنفذة في مجلس النواب، ربما يفكر بان يقود الحكومة المقبلة “وحده لا شريك له”، وقد تكون مغامرته هذه تفقده مقعده في قيادة رئاسة مجلس الوزراء، الذي ترعرع فيه طيلة الـ 8 سنوات الماضية.
ومع أنه خسر الكتل الشيعية الأقرب له، إلا أنه تقرّب من شخصيات سُنيّة تدعي السياسة، تلوّثت أياديها بالبعث وتأجيج الفتنة الطائفية والقتل، وعلى رأسهم مشعان الجبوري، فقد أعلنت المفوضية مؤخراً اعادة ترشيحه للانتخابات المقبلة ليكون بطل العالم بتحطيم الأرقام القياسية بعد استبعاده واعادته الى الانتخابات لـ 3 مرّات، الجبوري مشعان الآن هو أكثر السياسيين دفاعاً عن المالكي، فيقول في تصريحاته الصحفية والإعلامية: “المالكي شجاع” و “المالكي حفظ وحدة العراق” و “المالكي …….”، وإلى غيرها من التصريحات التي تُؤكّد العلاقة الحميمية بينه وبين  المالكي، ليكون الجبوري الورقة الرابحة لكسب الأصوات السنية إلى ائتلاف دولة القانون.
وفضلا عن تقارب المالكي من الجبوري فنرى إنه خسر الكثير من جمهوره “السني ـ الشيعي” الذي صوّت له في الانتخابات الماضية، وذلك بسبب تردي الوضع الأمني والمعيشي، وانتشار الفساد في أغلب دوائر الدولة، اضافة الى نقص ملحوظ في الخدمات، من مشاريع معطّلة، والكهرباء التي لم يستطع السيطرة عليها الى يومنا هذا.
وعن الخسارة “السنية ـ الشيعية” أيضاً، فان كانت عملية صولة الفرسان ضدّ “جيش المهدي” مكسباً جيداً للمالكي من قبل “أهل السنة” في الانتخابات الماضية، فالآن هو الخاسر الأكبر لهم بسبب العمليات العسكرية المستمرة في الفلوجة والأنبار.
وفي المقابل يحاول المالكي كسب كتل استحدثها مؤخراً، للتحالف معه بعد الانتخابات البرلمانية نهاية الشهر الجاري، ومن أهم هذه الكتل “ائتلاف العراق” و”كتلة الوفاء” وغيرهم من الكتل التي زجّ بها أنصاره من حزب الدعوة، والله أعلم.

“الدبّاس وائتلاف العراق”
مهدي الحافظ وشاكر كتاب وتوفيق الياسري وغيرهم من السياسيين الأشراف أشركوا أنفسهم بائتلاف مشبوه يدعمه أحد الأكثر اختلاساً واجراماً في العراق وهو فاضل الدبّاس، هل تعلمون من هذا الشخص؟ انه صاحب صفقة أجهزة كشف المتفجرات “السونار” الذي راح ضحية استعماله آلاف الشهداء من الشعب العراقي، واختلاس الملايين من الدولارات بفضل هذه الصفقة، فضلا عن صفقات عدّة تخص توريد السكر لوزارة التجارة وعمليات غسل الأموال.
وتقول المصادر الى أن الدباس انفق ملايين الدولارات من اجل الدعاية الانتخابية لائتلافه من خلال قنواته الفضائية “العراق” و “هنا بغداد” ووكالات أنباء أهمها “القرطاس نيوز” و وكالة “ائتلاف العراق نيوز” وموقع الائتلاف نفسه، فضلا عن صحيفة “ائتلاف العراق” البائسة الذي يرأس تحريرها “العبقري” محمد الخالدي.
ويعدّ هذا الائتلاف الورقة الرابحة للمالكي في ضم عددٍ من المقاعد في الانتخابات المقبلة بعد التحالف معهم “ان شاء الله”، وقد اعترف الدبّاس على موقع “ائتلاف العراق نيوز” بأنه يموّل هذا الائتلاف، وقال: إن دعوة حاكم الزاملي مرفوضة لانني لم ارشح للانتخابات ولكنني المموّل “فقط” لائتلاف العراق، بعد أن رفع الزاملي دعوة قضائية يثبت فيها ان الدبّاس متورط بصفقات عدة أهمها صفقة توريد أجهزة كشف المتفجرات “السونار”.
وتأكيداً على هذا فقد نشرت صحيفة الغد العراقية وثائقاً تشير فيها: “الى ان المجهز فاضل الدبّاس قام بشراء الادوات الاحتياطية لجهاز كشف المتفجرات من الاسواق المحلية، وتم توريدها الى مخازن وزارة الداخلية، وفي المقابل تقوم الوزارة بتحويل مبالغ العقد الى مصارف خارجية بحسب السعر المدون في عقد التجهيز المبرم وبهذا يكون الفرق بالسعر عبارة عن اموال مهربة من العملة الصعبة وبطريقة رسمية، لاتتطلب اي رقابة او متابعة”.
وعلى الرغم من تورط مموّل “ائتلاف العراق” بهذه الصفقات، إلا أن المرشحين يتحدثون عن النزاهة، ويدّعون في حواراتهم الى التخلص من الفاسدين والمفسدين والأرهابيين، أرى أنها دعوة جيدة من قبلهم برغم تورط مموّلهم بكل هذه الأعمال.
هذا هو حال “ائتلاف العراق” الذي يحاول بأمواله المسروقة من الشعب العراقي، الفوز بأكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب، ليتحالفوا بها مع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.

“ظهور علاوي”
طيلة الـ 4 سنوات الماضية لم يظهر زعيم ائتلاف العراقية الوطنية إياد علاوي كثيراً بعد أن “فاز وخسر” في الانتخابات الماضية، إلا أنه الآن يستعد أن يكوّن تحالفاً ربما هو الأكبر منذ إسقاط النظام الدكتاتوري المباد في 2003، مع كتل عدة أهمها “كتل التيار الصدري الثلاثة” و “كتلة المواطن” و “التحالف الكردستاني” بعد أن التقى مؤخراً بعادل عبد المهدي وعمار الحكيم وعناصر من التيار الصدري للتنسيق إلى ما بعد الانتخابات على ان يكوّنوا ائتلافاً معارضاً للمالكي.
علاوي غير المتفائل من الانتخابات، بسبب تعرض مناطق أنصاره في الفلوجة والأنبار الى عمليات عسكرية قد تؤثّر على سير الانتخابات فيها، إلا أنه يراهن على فوزه في السباق الانتخابي المقبل بعد تحالفه مع اكبر الكتل الشيعية فضلا عن انضمام التحالف الكردستاني اليه، ولا سيما انصار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني.
ان هذه الاتفاقات متوقعة وليست جديدة فقد شهدت علاقة إياد علاوي مع كتلة الأحرار تحسناً جيداً في العام 2012، من أجل سحب الثقة عن المالكي احتجاجاً على نهجه في إدارة الحكومة.
ان سبب توضيحي لهذه الاتفاقات، والتحالفات، بين الكتل السياسية، كي يعرف المواطن البسيط ان المسلسل الدرامي السياسي لم يختلف كثيراً في فترته هذه عن الفترات السابقة، بل انها في طور أن تكون أتعس من السابق، اي ان المفسدين في العراق نفسهم، يقاتلون من اجل كسب مقاعد أكثر في مجلس النواب، ربما تساعدهم في كسب المزيد من المال “الحرام”.
هذه كل ما لديَّ من التوقعات الجوهرية الانتخابية، أئمل أن تصل رسالتي هذه إلى المواطن البسيط، وأتمنى ان نلتقيكم في السنوات الأربعة المقبلة، متمنين لحكومتنا أن تشكّل قبل 10 أشهر بعد التصويت على الانتخابات.